العلاجات التخليقية الجديدة تفتح باب الأمل أمام المصابين بمرض نزعة النزف الدموي (الهيموفيليا) للوقاية من مخاطر الإعاقة الناتجة عن مضاعفات النزف الدموي على هامش فعاليات المؤتمر العربي الثالث لأمراض الدم والذي إنعقد مؤخراً بالتزامن مع المؤتمر السنوي الثاني عشر للجمعية السعودية لأمراض الدم بمدينة جدة، دعا البروفيسور فيكتور بلانشت استشاري أمراض الدم بمستشفى الأطفال تورنتو – كندا وأحد المتحدثين الرئيسيين في المؤتمر، إلى ضرور إنشاء السجل الوطني لمرضى نزعة النزف الدموي أو الهيموفيليا مشدداً على أهمية العمل على توفير بروتوكلات الوقاية بالنسبة للأطفال المصابين بالهيموفيليا وذلك لمساعدتهم على ممارسة حياتهم اليومية والاندماج في المجتمع بشكل طبيعي، وأوضح الدكتور بلانشت أن الأطفال الذين يعانون من مرض الهيموفيليا عرضة لحدوث تجمعات دموية داخلية في المفاصل الكبيرة مثل مفصل الركبة ومفصل الحوض ومفصل المرفق أو حتى داخل الجمجمة وأن تكرار التعرض لحدوث هذه التجمعات الدموية في المفاصل يسبب تلفها على المدى البعيد مما يستلزم إجراء جراحة تغيير المفصل، وقال بلانشت أن تكرار حدوث تجمعات دموية في نفس المفصل ثلاث مرات خلال مدة ستة أشهر يستلزم وضع الطفل المريض على بروتوكول علاج وقائي بحيث يتم إعطاءه أحد عاملي تخثر الدم (8) أو (9) بشكل منتظم مدى الحياة، وفي سياق تعريفه لمرض نزعة النزف الدموي (هيموفيليا) قال البروفيسور بلانشت أنه مرض وراثي يؤدي إلى منع تخثر الدم والنزوع إلى النزف دون توقف، حيث يعاني الأشخاص المصابين بهذا المرض من وجود خلل في بروتين الدم الذي يعرف باسم "عامل التخثر" الذي يساعد على وقف النزيف، وأن هناك نوعان من عوامل تخثر الدم هما عامل (8) ويؤدى نقص هذا العامل إلى الاصابة بالهيموفيليا نوع (أ)، بينما يؤدي نقص عامل التخثر (9) إلى الإصابة بالهيموفيليا نوع (ب)، كما أوضح أن نسبة تواجد هذين العاملين في الدم تحدد مدى ودرجة إصابة الطفل بالهيموفيليا حيث أن وجود أي من هذين العاملين (8) و (9) بالدم بنسبة تقل عن 1 بالمائة تعني أن إصابة الطفل بالمرض شديدة الخطورة وأن وجودهما بنسبة 1 – 5 بالمائة تعني أن المرض متوسط الخطورة وأن نسبة 5 – 40 بالمائة تعني أن الإصابة قليلة الخطورة في حين أن تواجد عاملي (8) و (9) بالدم بنسبة تزيد عن 40 بالمائة تعني أن الطفل طبيعي، ويعتمد معظم مرضى الهيموفيليا نوع (أ) على العلاجات التعويضية لعامل "8" ، فيما يعتمد مرضى الهيموفيليا نوع (ب) على العلاجات التعويضية لعامل "9". ووفقاً لتقارير منظمة الاتحاد العالمي لمرض الهيموفيليا، فإن نسبة المصابين بالهيموفيليا نوع (أ) تصل إلى 80 بالمائة، فيما تقدر نسبة المصابين بالهيموفيليا نوع (ب) بنحو 20 بالمائة من اجمالي المصابين بمرض الهيموفيليا عموماً، كما أكدت الدراسات أن أعداد المصابين بالهيموفيليا نوع (أ) يترواح مابين 320 ألف إلى 340 ألف مريض على مستوى العالم. أما في المملكة العربية السعودية وبالرغم من غياب الاحصائيات الدقيقة لأعداد مرضى الهيموفيليا إلى أن بعض الدراسات أظهر أن هذا العدد يترواح بين 3000 – 4000 مريض تم تشخيص إصابتهم بالهيموفيليا حتى الآن بالمملكة 99 بالمائة منهم من الذكور. وحول البروتوكولات الوقائية والعلاجية لمرض الهيموفيليا بنوعية (أ) و (ب) قال بلانشت أن علاجات مرض الهيموفيليا شهدت تطوراً ملحوظاً فبعد أن كان الإعتماد يقوم على الأدوية المستخلصة من مشتقات الدم الآدمي والتي تتزايد إحتمالات تلوثها بالأمراض الفيروسية الخطيرة وبالتالي فإن تعرض المريض المتلقي لمشتقات الدم بالأمراض الفيروسية الخطيرة التي تنقل عبر الدم مثل مرض الالتهاب الكبدي الوبائي "ب" ومرض الإلتهاب الكبدي الوبائي "ج" أو حتى مرض نقص المناعة المكتسبة "الايدز"، إلا أنه تم تطوير عوامل التخثر التكنوبيولوجية الحديثة والمصنعة بتقنية الهندسة الوراثية على درجة عالية من الأمان وتتميز بخلوها التام من عنصر الألبومين، وذلك باستخدام احدث تقنيات التصنيع والتنقية، حيث يتم استخدام مشتقات صناعية (لجندات) خالية تماماً من أي مشتقات آدمية أو حيوانية، كما تمر بعملية تنقية متعدد المراحل بما فيها التنقية بواسطة الكروموتوغرافي وتقنية النانوفلتريشن المتطورة التي تضمن الكشف والتخلص من الفيروسات المتناهية الدقة وبالتالي تقليل احتمالات الإصابة بأي عدوى فيروسية تنقل عن طريق الدم الملوث لأقصى حد ممكن. وأضاف البروفيسور بلانشت: "كانت مضاعافات الاصابة بمرض نزعة النزف الدموي متعددة وأكثر خطورة في العقود الزمنية القليلة الماضية ومن ضمنها تقليل معدلات الأعمار بين الأطفال والتسبب في حدوث التهابات وتشوه المفاصل، لذا فإن عنصر السلامة والأمان يأتيان في مقدمة أولويات التعامل مع هذا المرض، إلا أن ظهور الأدوية الحديثة المتطورة تكنوبيولوجياً التي ساهمت إلى حد كبير في نجاح بروتوكولات الوقاية والعلاج." وأختتم بلانشت حديثة بالمطالبة بتشجيع المرضى على ممارسة حياتهم بكشل طبيعي وكافة أنواع الأنشطية بعيداً عن الرياضات العنيفة مع العمل على تجنب التعرض للإصابة."