وُصف بالكتاب «الصادم»، إنه كتاب آنيك كوجين، الذي صدر قبل خمسة أيام في فرنسا، وتكشف فيه الكاتبة الاستغلال الجنسي، الذي ذهبت ضحيته المئات من النساء الليبيات والأفريقيات والأوروبيات على يد معمر القذافي. وُصف بالكتاب «الصادم»، إنه كتاب آنيك كوجين، الذي صدر قبل خمسة أيام في فرنسا، ويكشف فيه الكاتب الاستغلال الجنسي، الذي ذهبت ضحيته المئات من النساء الليبيات والأفريقيات والأوروبيات على يد معمر القذافي، الذي كان يستعرض رجولته وفحولته عليهن تحت مسمى ملك ملوك أفريقيا. لا يزال الموضوع من المحرمات حتى في ليبيا الجديدة، التي تحاول غسل عار الماضي، لكنه حقيقة نجح كبير محققي صحيفة لوموند أنيك كوجين في كشفها، بعد أن أماط اللثام في كتابه الجديد عن القذافي، هذا الرجل الذي كان يتباهى بدفاعه عن المرأة وعن حقوقها في العالم العربي. لكن بعيدا عن هذه الصورة وعن صورة القذافي في ثوبه البدوي، يكشف كتاب «الفرائس في حرم القذافي» عن انتهاكات جنسية جسيمة كان الدكتاتور معمر القذافي بطلها. يستند المؤلف في كتابه في البداية إلى شهادة امرأة شابة في الثانية والعشرين من عمرها، حطم القذافي حياتها، بعد أن اختيرت حين كانت في الخامسة عشرة من عمرها من قبل مدرستها لتسلم باقة ورد للرئيس، أثناء زيارة تفقدية قادته للمدرسة. تم اختطاف هذه الفتاة في اليوم التالي، ومن ثم ضمت إلى حرس القذافي من النساء، قبل أن تتعرض مرات عدة للضرب والاغتصاب في باب العزيزية. أجرى مؤلف الكتاب أيضا مقابلات أخرى مع نساء القذافي، وكان جميعهن يعانين من صدمات نفسية، بسبب الطريقة التي كان يعاملهن بها القذافي، الذي حول ليبيا، وفق الكاتب، إلى حرم، عاثى فيه فسادا، بعد أن أصبح الاستغلال الجنسي القاعدة الأساسية فيه. كان القذافي يختار من يحب وتشتهي نفسه من النساء اللواتي ينتمين إلى عامة الشعب، وكان يكلف عناصر الجيش بانتقائهن من الجامعات أو صالونات الحلاقة، حيث كن يؤخذن بالقوة إلى إقامته ثم يخضعن لفحص دم، تقوم به ممرضاته غالينا او ايلينا أو كلوديا. وأما النوع الثاني من النساء الذي كان يفضله القذافي، فكن المغنيات المشرقيات وعارضات الأزياء وزوجات رؤساء الدول الجارة، اللواتي كان يغدق عليهن بحقائب ممتلئة بالدولارات أثناء زياراتهن لليبيا. ويقول أحد معاوني القذافي عن علاقته بالنساء «كان القذافي يحكم ويذل ويستعبد ويعاقب بالجنس»، وهو ما يؤكده هذا التحقيق الذي يروي تفاصيل الألف ليلة وليلة من الكوابيس التي كان النساء يعشنها. «صفعتها جعلتني اتمايل من شدة قوتها. أطيعيه وإلا سيدفعك بابا القذافي الثمن غاليا، تحاولين الظهور في ثوب فتاة صغيرة، أيتها المنافقة، بينما تعرفين جيدا ماذا يريد، من الآن فصاعدا ستستمعين إلينا أنا وأبي معمر القذافي وستطيعين الأوامر من دون أن تناقشي، أتفهمين». ثم غابت وتركتني وحيدة في ذلك الفستان غير اللائق.. بكيت لساعات طويلة ومشيت لساعات أيضا في تلك القاعة، لم أفهم شيئا، كان كل شيء مدمرا. ما الذي أفعله هنا؟ ما الذي يريدونه مني؟ والدتي ستموت قلقا علي ومن المؤكد أنها كلمت والدي في طرابلس ويمكن أن يكون قد عاد إلى سرت. سيشعر بالإهانة والضيق لأنه تركني أخرج من البيت وهو الذي كان يمنعني من ذلك طول الوقت، لكن كيف يمكن لي أن أروي لهم هذا المشهد الوحشي مع أبي معمر؟ من المؤكد أن والدي سيصاب بالجنون. كنت لا أزال أتنهد من شدة البكاء، حين جلست الممرضة الشقراء، التي لن أنسى صورتها، حين جلست إلى جانبي بهدوء وسألتني «ما الذي جرى؟ احكي لي القصة». كانت تتحدث بلكنة غربية وقد عرفت بعدها أنها أوكرانية، تعمل لمصلحة القذافي وأنها تدعى غالينا، لم أستطع أن أقول لها شيئاً ولكنها أدركت أني أشعر بالخوف.. وبدأت تقول «كيف يمكن أن يفعلوا هذا بطفلة؟ كيف يجرؤون على ذلك؟ المكتب السري لم يكن د. فيصل كريكشي يتصور أبداً ما اكتشفه في نهاية أغسطس من عام 2011، حين أحكم السيطرة هو ومجموعة من المتمردين على جامعة طرابلس. ما اكشفه الدكتور حين فتح بالقوة باب شقة سرية تقع تحت القاعة الخضراء التي كان القذافي يحب إلقاء محاضراته فيها، ما اكتشفه كان سيئاً للغاية ويتجاوز كل ما يمكن أن يتصوره المرء من سوء. كان الدهليز يقود إلى صالون كبير يحتوي على أرائك جلدية بنية اللون، وكان هناك ممر يقود إلى غرفة نوم من دون نوافذ لكنها منجدة ومؤثثة.. لكن ليست هذه الغرفة التي أثارت دهشة من اكتشفها وإنما الغرفة المقابلة التي كانت عبارة عن قاعة لفحص أمراض النساء، كانت مجهزة بالكامل، وتحتوي على سرير وجهاز عرض وجهاز سونار ومعدات وكتيبات باللغة الإنكليزية.. لم يخف د. كريكشي تذمره مما رأى، وقال «كيف لا أصاب بصدمة»، هكذا قال لي هذا المختص المعروف الذي عُين عميداً للجامعة بعد الثورة. «لا شيء يبرر وجود مثل هذه التجهيزات، وإذا ما كانوا يخافون من أي حالة استعجالية، فهناك مركز أمراض النساء التابع للمستشفى، والذي لا يبعد سوى 100 متر عن مقر الجامعة» إذاً، لماذا كل هذه التجهيزات؟ وأي ممارسات غير شرعية كان يقوم بها القذافي بعيداً عن الأنظار هنا في حرم الجامعة؟ أنا أرجح احتمالين: القيام بعمليات إجهاض وإعادة ترميم غشاء العذرية والقيام بكل ما هو ممنوع في ليبيا، ودون أن أتحدث عن الاغتصاب، أجد نفسي مجبراً على تصور سلوك جنسي مضطرب كان يحدث هنا». أماكن الصيد كل الأماكن التي تتردد عليها النساء، كانت مصدراً لتزويد القائد بالجميلات، بما في ذلك السجون، حيث كانت إحدى حارساته تمر لالتقاط صور السجينات الجميلات لعرضها عليه، كما كانت صالونات التجميل المصدر المفضل، الذي كان حرس القذافي من النساء يزرنه باستمرار إلى جانب حفلات الأعراس. كان القذافي يعشق حضور حفلات الأعراس، حيث كانت النساء ترتدين أجمل الملابس، وإذا ما تعذر عليه الذهاب، كان يكلّف مبعوثين عنه بالتقاط صور وفيديوهات، وقد أكد لي مصور من مركز طرابلس ذلك وقال لي إنه كان يتعذر بآلاف الحجج، حتى لا يسلم باب العزيزية نسخاً من حفلات الأعراس التي كان يصورها، كما أكدت لي بعض الشابات أنهن كن يرفضن الذهاب إلى بعض حفلات الأعراس التي تنظم في فنادق طرابلس الكبيرة حتى لا يقعن ضحية القذافي. أما عدد من الآباء، فكانوا يعيشون الرعب القاتل، وكانوا يمنعون بناتهم من حضور أي حفلات أو لقاءات اجتماعية أو عروض أزياء، خوفاً من أن يحدث لهن ما يحدث مع غيرهن في باب العزيزية، لأن إقامة القذافي المجهزة كقلعة حصينة لا تتوقف عن استقبال مجموعات من المتمدرسات والعسكريات الشابات. حادث دبلوماسي في دكار في الأول من سبتمبر من عام 2001، نظمت مئات من عارضات الأزياء القادمات من دول أفريقية عدة، عرض أزياء في طرابلس بمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين لتسلم القائد معمر القذافي مقاليد الحكم في ليبيا، وقد ساهمت سفارات ليبيا في مختلف الدول في توجيه الدعوات إلى جميلات عالم الموضة، بعد أن وضع القذافي تحت تصرفها مبالغ مهمة من المال. وفي السنغال، كلّفت السفارة توأمين هما نانسي وليلى كامبل ابنتا الممثل السنغالي، بمهمة انتقاء الفتيات عن طريق كاستينغ تم إجراؤه في الشارع بالتعاون مع عارضة أزياء شهيرة، وانتهت العملية بتحديد موعد لنحو مائة سنغالية للتنقل بتاريخ 28 أغسطس إلى طرابلس لقضاء أسبوع هناك. في اليوم المحدد، وعند الساعة السابعة صباحاً، كانت المدعوات جميعهن في مطار دكار، كن نحيفات وطويلات وطموحات جداً، فيما كان القائم بالأعمال الليبي في دكار يسهر على استقبالهن، حين كانت طائرة من نوع بوينغ استأجرتها الدولة الليبية من مالطا في انتظارهن. لكن قبل إقلاع الطائرة، باغت أفراد الشرطة والدرك مطار ليوبولد سيدار سانغور، بسبب عدم توافر الفتيات على فيزا وكانت الغالبية منهن قاصرات.. أبلغت السلطات السنغالية بالأمر، فتدخلت الحكومة بسرعة وأعلنت عن محاولة تهريب فتيات صغيرات. من جهته وصف وزير الخارجية السنغالي شيخ تيديان غاديو القضية التي تورط فيها دبلوماسيون ليبيون، بالأمر غير المقبول وغير الودي، قبل أن يؤكد أن السنغال ليست غربالا. بعد ساعات من ذلك تدخل وزير الداخلية السنغالي الجنرال مامادو نيانغ، الذي أكد في بيان له ان الفتيات اللواتي كان البعض يحاول تهريبهن خارج التراب الوطني، كن في الواقع سيتوجهن إلى شبكة مختصة في الدعارة الدولية وأنه سيخطر الانتربول بذلك. كان يشترط ألا تقل قامة النساء عن 1.70م لا شيء كان يكبح الدكتاتور، ففي نوفمبر من عام 2009 توجه رئيس مكتب القذافي عن طريق شقيقته إلى وكالة هوستاسواب للمضيفات الايطاليات، ليضمن لفائدة قائده، الجمهور الذي يحب. فعلى هامش ندوة لمنظمة الفاو حول المجاعة في العالم في روما، أراد القذافي أن يتوجه بكلمة إلى جمهور من النساء. أُخطرت الوكالة في وقت متأخر بالأمر، فلجأت إلى الرسائل الهاتفية والانترنت للبحث عن فتيات يزيد طول قامتهن عن 1متر و70 سنتيمترا على الأقل، وأن يكن جميلات وأنيقات ويرتدين أحذية بكعب عال، دون ميني جيب او ألبسة عارية. استجابت مئتا شابة للإعلان وحضرن في الموعد المحدد إلى فندق كبير، وكن يعتقدن بأنهن سيحضرن فقط اجتماعا ينتهي بتناول مشروبات لأنهن قبضن 60 يورو فقط لليلة، لكن لا واحدة منهن تصورت بان الباصات التي حضرت لنقلهن، ستنقلهن إلى مقر اقامة السفير الليبي، حيث التحق بهن القذافي على متن ليموزين بيضاء اللون، ليلقي عليهن خطابا عن الإسلام، هذا الإسلام الذي يحترم المرأة ويقدسها. لكن القذافي لم يتوقف عند هذا الحد، حيث نسج علاقات قوية مع هذه الوكالة الايطالية، ما سمح له بتنظيم العشرات من الرحلات لمجموعات تتكون من 12 إلى 26 امرأة، وكان يدفع تكاليف هذه الرحلات من مال الدولة «لتعميق ثقافة وطريقة عيش الليبيين».