وقعت المملكة واليمن صباح أمس وعلى هامش اجتماعات مؤتمر المانحين مذكرات اتفاق تقدم بموجبها المملكة وديعة نقدية في البنك المركزي اليمني بمبلغ مليار دولار أميركي ومنحتين بمبلغ إجمالي (97.5) مليون ريال سعودي لتمويل مشروع إنشاء مزرعة الرياح بقدرة (60) ميغاوات، ومشروع التطعيم ضد الحصبة. ووقع على الوديعة من جانب المملكة وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، وعن الجمهورية اليمنية محافظ البنك المركزي اليمني محمد عوض همام. وأكد العساف أن مساعدات المملكة لليمن تجاوزت خلال الخمس سنوات الماضية ما قيمته (3) مليارات دولار إضافة إلى التزامات جديدة تم الاعلان عنها خلال مؤتمر اصدقاء اليمن قدرها (3.25) مليار دولار أمريكي، منها مليار دولار كوديعة في البنك المركزي اليمني، إضافة لإتفاقيتين لمشروعين ومنحة قدرها (1.75) مليار لتمويل مشاريع إنمائية ضمن البرنامج الإستثماري، إضافةً إلى (500) مليون دولار لتمويل وضمان صادرات سعودية، مشيراً إلى تطلع المملكة في هذا الإجتماع خاصة واجتماع أصدقاء اليمن الذي سيعقد في نيويورك أواخر الشهر الحالي إلى إعلان من الدول والمؤسسات المشاركة في الإجتماعات عن مساهمات تتناسب مع حجم التحديات التي تواجه اليمن الشقيق. وكان وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف افتتح صباح أمس اجتماع المجموعة الاستشارية لمؤتمر المانحين اليمن في قصر المؤتمرات في الرياض بحضور دولي كبير. وقال الوزير العساف في بداية كلمة ألقاها أمام المجتمعين نعلم جميعاً حجم التحديات التي تواجه الجمهورية اليمنية في المجال الاقتصادي والمالي والسياسي والأمني، وندرك جميعاً أن التَغَلُّب على هذه التحديات يتطلّب تضافر الجهود الدولية والإقليمية في مساعدة اليمن على إيجاد الحلول الناجعة والمناسبة للتغلب على هذه التحديات واستكمال الدعم الخاص بالأزمة الإنسانية ومعالجة مشاكل القوى العاملة والبطالة وتشجيع فرص الاستثمارات الأجنبية، ونُقَدّر لليمن جهوده في إتخاذ خطوات جادة نحو استعادة الأمن والاستقرار وإزالة عوامل التوتر في إطار العملية السياسية لمبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآلية تنفيذها، مضيفاً أن اليمن يعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية كبيرة، وضعفاً في البنية التحتية وتزايد عدد السكان ونقصاً حاداً في المياه وانخفاض إيرادات البلاد إضافةً إلى الأحداث السياسية التي ألحقت أضراراً ضخمة بالإقتصاد اليمني وبالبنية التحتية لليمن، وكذلك إنخفاض مساعدات التنمية الرسمية من المانحين، كل ذلك أدى إلى زيادة الضغوط على المواطن اليمني الذي يعاني أصلاً من تردي أوضاعه الإقتصادية والمعيشية. قطعت شوطاً كبيراً في تنفيذ المبادرة الخليجية وأشار الدكتور العساف إلى أنه وخلال المرحلة المقبلة ستسعى الحكومة اليمنية إلى تنفيذ برنامج انتقالي مدته سنتان بهدف تغطية الاحتياجات المُلحة من خلال إجراءات تركز على تثبيت الإستقرار السياسي واستتباب الأمن وإحداث تنمية متوازنة وتخفيف وطأة الفقر تشمل جميع أقاليم البلاد، إضافةً لتعزيز دور القطاع الخاص، مشيراً إلى الجهود التي تقوم بها الحكومة اليمنية لتحقيق تقدم حقيقي على جميع الأصعدة. وأضاف وزير المالية أن اليمن ما زال يواجه العديد من التحديات التي ستؤثر على إقتصاده، وأن هذا الاجتماع يأتي لمساعدة ودعم الحكومة اليمنية للتغلب على هذه التحديات، وهذا يتطلب دعم الأصدقاء والمانحين الدوليين لمشاريع التنمية التي تشملها الخطة الإنتقالية الموضوعة بناءً على أولويات مُتّفق عليها، وتقديم الدعم لتطوير القدرات وجهود التنسيق الحكومي، واستعادة الأوضاع لتحقيق النمو الشامل والمستدام في المدى المتوسط عن طريق الاستثمارات العامة وإصلاح السياسات الكلية والقطاعية. من جهته قال رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة أثناء حضوره الاجتماع إن الحكومة اليمنية حريصة على الاضطلاع بواجباتها في تنفيذ المبادرة وآليتها نصاً وروحاً، والتقيد بمقتضيات قرارات مجلس الأمن بشأن اليمن، إنطلاقا من إداراكها بأن هذا هو الخيار العملي والواقعي لإنقاذ البلاد. وأضاف باسندوة أنهم في اليمن قطعوا شوطاً كبيراً في تنفيذ العديد من خطوات وإجراءات التسوية السياسية المنصوص عليها في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة اللتين تم توقيع عليهما في الرياض يوم 23 نوفمبر الماضي برعاية خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مشيراً إلى أنه رغم العوائق والعراقيل التي افتعلت وما تزال تفتعل في الطريق حتى اليوم معتمدين في ما حققناه على وعي وإدراك أبناء شعبنا بأن هذا هو الطريق الآمان والكفيل بالحيلوله دون وقوع بلادهم في الفوضى، وأتون الحرب الأهلية، وبالخروج من براثن أزمتها المتعددة التي تعين علينا أن نرثها من نظام الحكم السابق. وأشار إلى أنه في الوقت نفسه فأن الحكومة اليمنية حريصة على أن تطمئنكم بأنها سوف تقوم بالإضطلاع بواجباتها في تنفيذ البادرة وآليتها نصا وروحا، والتقيد بمقتضيات قرارات مجلس الأمن بشأن اليمن، إنطلاقاً من إدراكنا بأن هذا هو الخيار العملي والواقعي لإنقاذ بلادنا. ولفت رئيس الوزراء اليمني إلى تحديات تحيق باليمن وفي مقدمتها خلو الخزينة العامة من الأموال وتفشي الفقر والبطالة والفساد وتردي الخدمات وغير هذا وذلك من الأزمات التي يواجهها شعبنا وعليه فأننا نعول على الدول الراعية للمبادرة الخليجية وغيرها من الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات والصناديق الإقليمية والدولية في عمنا ومؤازرتنا كي نتمكن من الخروج من شرنقة أوضاعنا الصعبة. مشيراً إلى أنه وبالرغم مما للشأن السياسي من أهمية كبيرة فإنه لابد من أن الاهتمام بالوضع الاقتصادي بنفس القدر من الاهتمام بالجانب السياسي لما له من تأثير بالغ على نجاح التسوية السياسية وأمن واستقرار ووحدة اليمن، مثمناً استعداد الدول المانحة لمساعدة اليمن في التغلب على مشاكله الاقتصادية الصعبة والمعقدة و وفي تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة وأنتم تعلمون ضخامة التركة التي ورثناها من نظام الحكم السابق. مضيفاً في هذا الاطار إلى أن الدعم الذي نطمح للحصول عليه من الأشقاء والأصدقاء المانحين في الوقت الراهن , مرتبط بحالة استثنائية تتطلب معالجات عاجلة وملحة إلى جانب الحاجة إلى إيجاد قاعدة انطلاق مستقبلية. وأضاف باسندوة أن الدول المانحة ظلت على الدوام مستعدة لمد يد العون لليمن وعبرت عن استعدادها ليس فقط لتقديم الملاحظات الإيجابية بشأن الأوضاع الاقتصادية والإدارية في بلادنا وتقديم الخبرات والاستشارات الضرورية التي نحتاجها، وإنما أيضا دعمت ذلك كله برصد الأموال، سواء كمعونات أو قروض ميسرة للتوسع في تنفيذ مشاريع البنية الأساسية، وتنفيذ برامج للإصلاحات في مجالات عدة اقتصادية وإدارية وفي مجال القضاء، والتخفيف من الفقر وتوفير فرص عمل للعاطلين، إلى جانب دعم التحولات السياسية الديموقراطية. من جانبه قال وزير التعاون والتخطيط الدولي اليمني محمد السعدي في إفتتاح اجتماع اللجان الاستشارية لمؤتمر المانحين إن اليمن أمام فرصة تاريخية نادرة للتغيير والبناء والتنمية، ولم يخْفِ الوزير اليمني اخفاقات ونكسات منيت بها قصة التنمية وبناء الدولة اليمنية الحديثة في التاريخ الحدي والمعاصر. واعتبر السعدي التنمية في اليمن قضية محورية ترتكز حولها المجهودات الانسانية، وتسعى إلى تحقيقها كل الدول ومنها اليمن. وأشار الوزير محمد السعدي أن وزارة التخطيط اليمنية أعدت برنامج مرحلي للإستقرار والتنمية للعام 2012 – 2013 بمنهجية تشاركية مع شركاء التنمية كخطة تنموية للمرحلة الانتقالية تستهدف استعادة الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي وتعزيز بناء الدولة من خلال اربع أولويات عاجلة تتمثل في استكمال الانتقال السلمي للسلطة واستعادة الاستقرار السياسي وتحقيق الاستقرار الامني وتعزيز سيادة القانون وتلبية الاحتياجات الانسانية العاجلة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. موضحاً أن الفجوة التمويلية حوالي 11.9 مليار دولار، منها 4.2 مليار دولار للأولويات العاجلة لمرحلة الانتقالية، وحوالي 7.7 مليار دولار للبرنامج الاقتصادي متوسط المدى. ولفت السعيد إلى حزمة متعددة من آليات التمويل والتنفيذ للمشروعات تم اقترحها إضافة إلى الآليات القائمة ومن ذلك أن يتم إنشاء صندوق متعدد المانحين والاستفادة من آليات التنفيذ من خلال الجهات المانحة نفسها. من جانبه أشار الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج عبداللطيف الزياني خلال كلمته أن الاجتماع مخصص لدعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز الأمن والاستقرار في اليمن، في وقت يعمل فيه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، ورئيس الوزراء محمد سالم باسندوة، على دفع مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتوفير البيئة الضرورية لبدء الحوار الوطني استكمالاً لتطبيق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. إلى ذلك أكد الزياني أن هذه المساعدات كذلك ضرورة لتحقيق التنفيذ السريع للمبادرة الخليجية، ولمواجهة القوى التي تعمل لتقويض أمن اليمن واستقراره. لافتاً إلى دعم دول مجلس التعاون للقرارات التي اتخذتها الحكومة اليمنية للحوار الوطني واستكمال الخطوات اللازمة للتحضير للانتخابات القادمة، وإنجاح العملية السياسية، واستعادة القدرة على التنمية الاقتصادية. وأوضح الامين العام إلى أن هذه المساعدات التي تُقدم لليمن ستكون عنصراً أساسياً في تحقيق السلام والاستقرار الإقليمي والدولي، نظراً إلى المكانة الإستراتيجية التي يحتلها اليمن في المنطقة، فسلام واستقرار اليمن أساسي لأمن المنطقة وسلامتها، وضرورة ماسة لتأمين خطوط الملاحة والمواصلات فيها، ومكافحة الإرهاب والقرصنة. وأشار الدكتور الزياني إلى أن آخر مؤتمر للمانحين، الذي عُقد في لندن في نوفمبر 2006، ساهمت دول مجلس التعاون، والصناديق الإقليمية بنحو 70% من إجمالي التعهدات المالية التي تم تقديمها لليمن، ومنذ ذلك الحين، كان لدول المجلس نصيب الأسد في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية والطارئة إلى اليمن الشقيق. مضيفاً إلى أن دول المجلس استمرت في تقديم دعمها لليمن خلال الأزمة التي مر بها. واشار إلى أنه تم الاتفاق خلال تلك الاجتماعات على استئناف العمل في البرامج والمشاريع التي توقفت بسبب الأزمة، وتتجاوز قيمتها (600) مليون دولار، كما تم الاتفاق على بدء تنفيذ مشاريع تنموية أخرى خلال العام الحالي، تبلغ قيمتها أكثر من (750) مليون دولار. ويشمل ذلك الاتفاق مشاريع وبرامج للصندوق الاجتماعي للتنمية، وبناء وتأهيل عدد من المستشفيات، وبناء وتعزيز محطات الكهرباء، وبرنامج الطرق الريفية، وتطوير عدد من الموانئ وبناء وتجهيز المعاهد الفنية، وتمويل مشاريع في برنامج الأشغال العامة. من جانبه أكد وزير التنمية الدولية البريطاني الن دنكن في كلمته، أهمية الاجتماع في تاريخ اليمن ومستقبلها لمواجه التحديات،معرباً عن شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية على استضافة أعمال الاجتماع. وقال دنكن: إن اليمن يمر الآن بمرحلة انتقالية تاريخية وجميعنا في هذا الاجتماع بإمكانه الإسهام لجعل هذه المرحلة مرحلة ناجحة، وأن يكون هناك مستقبل أفضل لليمن، لافتاً إلى أن الجميع بحاجة للعمل المشترك بشفافية وبالطريقة التي نريد أن نمضي بها قدماً من أجل الإعداد لتقديم المعونات لليمن عوضاً عن العمل بشكل منفصل. من جانبها قالت معالي نائبة رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنجر أندرسون في كلمتها إن الاجتماع يأتي في وقت يجب أن يستغله المجتمع الدولي لدعم الشعب اليمني فهناك 10 مليون مواطن يمني لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم الأساسية، وهو ما يمثل 45 في المائة من الشعب. وأوضحت أن اليمن أظهر للعالم أنه دولة ملتزمة تمضي قدماً في الاستفادة من تعهدات الدول المانحة خاصة ما يقدمه له من دول مجلس التعاون الخليجي، مطالبة حكومة الوحدة الوطنية في اليمن أن تظهر تغيرات إيجابية في حياة المواطنين من خلال تحقيق رغباتهم، والقيام بإصلاحات سياسية واستغلال أمثل للموارد ومحاربة للفساد. وبينت أن أولويات المرحلة المقبلة في اليمن تتوزع على قطاعات مختلفة وتحدد الدعم المطلوب على المدى القصير والمدى الطويل، مشيرة إلى أن برنامج الدعم في هذا الاجتماع يصل إلى 11 مليار دولار سيقدم منها مبلغ في المدى القريب بما يمكن من الاستفادة من هذه الموارد المالية في بناء اليمن.