عادت صنعاء لفتح ملف «التَرِكَة» التي ورثتها من يمن علي عبد الله صالح بعرضها حزمة المُعضلات التي تُعاني منها في مؤتمرٍ للمانحين بدأ أعماله في الرياض أمس وبلغ حجم الدعم المالي الصادر عنه لليمن أكثر من ستة مليارات دولار. ويبدو أن الخزينة التي وصفها رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة أمس ب «الخالية»، التي ورثتها الإدارة الجديدة للبلاد، تُعد أبرز المعضلات التي تواجهها حكومة الوفاق الوطني لعرقلتها مسار تنمية يتمنى اليمنيون أن ينتهي بتحقيق الاستقرار المنشود لمعالجة تصاعد معدلات البطالة والفساد والفقر. رئيس الوزراء اليمني وضع على طاولة مؤتمر «مانحي اليمن»، الذي تنتهي أعماله اليوم في قصر المؤتمرات بالرياض، العديد من خطوات وإجراءات التسوية السياسية المنصوص عليها في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المُزمَّنة اللتين تم التوقيع عليهما في الرياض في 23 نوفمبر الماضي برعاية خادم الحرمين الشريفين. تعهد بالتنفيذ وقال باسندوة «لقد قطعنا شوطا كبيرا في تنفيذ المبادرة رغم العوائق والعراقيل التي افتُعِلَت في طريق اليمن حتى اليوم، التي يتجاوزها اليمن بوعي وإدراك أبناء شعبه»، حسب قوله. وأضاف باسندوة «لا شك أن الأشقاء والأصدقاء تابعوا مجموعة الخطوات والإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية اليمنية وحكومة الوفاق الوطني بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وعلى وجه الخصوص القرارات المندرجة في إطار توحيد قيادة المؤسستين العسكرية والأمنية، وإعادة هيكلتهما على أسس وطنية ومهنية جديدة وما وُوجهت به هذه القرارات من رفض وتمرد».وطمأن الرجل أن صنعاء «ستقوم بالاضطلاع بواجباتها في تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها، والتقيد بمقتضيات قرارات مجلس الأمن بشأن اليمن، انطلاقا من إداراكها أن هذا هو الخيار العملي والواقعي لإنقاذ اليمن من الوقوع في شراك المآلات الكارثية». كما أوضح أن خطة حكومته تتجه في اللحظة الراهنة نحو استكمال تنفيذ المشروعات الاستثمارية العامة التي توقفت خلال الفترة المنصرمة بسبب الأحداث التي شهدتها البلاد، معتبراً أن التحسن التدريجي في الأوضاع السياسية والأمنية سيمكِّن الحكومة من إعداد برنامج استثماري طموح يمثل الترجمة العلمية للخطة الاقتصادية والتنموية وترتيب البرامج والمشروعات الاستثمارية وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية، بما يلبي الاحتياجات الأساسية للسكان.وفيما رفضت دولٌ الإفصاح عن مستوى دعمها المالي لليمن في مؤتمر المانحين أمس، أعلنت الرياض تخصيص 3.250 مليار دولار للمساهمة في المشروعات التنموية في اليمن، فيما بلغ إجمالي الدعم المالي المقَّدم من قِبَل المانحين أكثر من ستة مليارات دولار. دعم سعودي وفي هذا الصدد، قال وزير المالية، الدكتور إبراهيم العساف، إن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تؤمن بضرورة دعم الشعب اليمني لمواجهة تحدياته، وتسعى فعلياً لدعم طموحاته وتوفير احتياجاته الإنسانية الملحة وحفظ كرامة المواطن اليمني، لذا سعت جاهدةً إلى تقديم يد المعونة لليمن بمساعدات مالية تجاوزت خلال الخمس سنوات الماضية ما قيمته ثلاثة مليارات دولار أمريكي.وبيَّن الوزير العساف أن مساعدات المملكة في اجتماع أصدقاء اليمن الذي عُقِدَ في شهر مايو الماضي بالرياض قُدِّرَت ب 3.25 مليار دولار أمريكي، منها مليار دولار كوديعة في البنك المركزي، بالإضافة لاتفاقيتين لمشروعين ومنحة قدرها 1.75 مليار لتمويل مشروعات إنمائية ضمن البرنامج الاستثماري، علاوة على 500 مليون دولار لتمويل وضمان صادرات سعودية. تعزيز الاستقرار من جانبه، قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، إن هذا التجمع مخصص لدعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز الأمن والاستقرار في اليمن، في وقت يعمل فيه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني على دفع مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتوفير البيئة الضرورية لبدء الحوار الوطني استكمالاً لتطبيق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وأكد الزياني أن المساعدات التي تُقدَّم لليمن ضرورة لتحقيق التنفيذ السريع للمبادرة الخليجية، ولمواجهة القوى التي تعمل لتقويض أمن اليمن واستقراره، وتعرقل محاولاته الجادة لاستئناف مسيرة التنمية والرخاء، مشيراً إلى دعم دول مجلس التعاون للقرارات التي اتخذتها الحكومة اليمنية للحوار الوطني واستكمال الخطوات اللازمة للتحضير للانتخابات القادمة، وإنجاح العملية السياسية، واستعادة القدرة على التنمية الاقتصادية. ضمانات حكومية وعلى هامش الاجتماع، تحدث مسؤول أمريكي، ل «الشرق»، عن مستوى الضمانات المقدمة من قِبَل الحكومة اليمنية لتنفيذ المشروعات التي تكفل لليمن تحقيق الاستقرار، وقال مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الدكتور راجيف شاه، إن الحكومة اليمنية قدمت عرضاً عن مشروعات تنموية لخدمة اليمنيين وتوفير خدمات صحية وتعليميةً ومياه. 45 % من الشعب محروم وقالت نائبة رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أنجر أندرسون، في كلمتها أمس، إن الاجتماع يأتي في وقت يجب أن يستغله المجتمع الدولي لدعم الشعب اليمني فهناك عشرة ملايين مواطن يمني لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم الأساسية، وهو ما يمثل 45 % من الشعب.وأكدت أندرسون أن اليمن أظهر للعالم أنه دولة ملتزمة تمضي قدماً في الاستفادة من تعهدات الدول المانحة خاصة ما يقدمه له من دول مجلس التعاون الخليجي، مطالِبةً حكومة الوحدة الوطنية في اليمن أن تظهر تغيرات إيجابية في حياة المواطنين من خلال تحقيق رغباتهم، والقيام بإصلاحات سياسية واستغلال أمثل للموارد ومحاربة للفساد.