افتتح معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف اليوم أعمال اجتماع المانحين ( المجموعة الاستشارية ) لدعم الجمهورية اليمنية الذي تستضيفه المملكة لمدة يومين بقصر المؤتمرات بالرياض. وشارك في الاجتماع دولة رئيس مجلس الوزراء بالجمهورية اليمنية محمد سالم باسندوة ومعالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني ومعالي نائبة رئيس البنك الدولي أنجر أندرسون ومعالي وزير التنمية الدولية البريطاني الن دانكن. واستهل الاجتماع بكلمة لمعالي وزير المالية أعرب فيها عن تقدير حكومة المملكة العربية السعودية للدول والمنظمات الأهلية التي لبّت الدعوة والمشاركة في اجتماع المانحين ( المجموعة الإستشارية لدعم الجمهورية اليمنية ) الذي تستضيفه المملكة، مشيراً إلى أن مشاركة دولة رئيس الوزراء اليمني في هذا الاجتماع يعكس الأهمية الكبيرة التي توليها الحكومة اليمنية لنجاح أعمال الاجتماع وتحقيق أهدافه. وأشار معاليه إلى حجم التحديات التي تواجه الجمهورية اليمنية في المجال الإقتصادي والمالي والسياسي والأمني، مبيناً أن التَغَلُّب على هذه التحديات يتطلّب تضافر الجهود الدولية والإقليمية في مساعدة اليمن على إيجاد الحلول الناجعة والمناسبة للتغلب على هذه التحديات واستكمال الدعم الخاص بالأزمة الإنسانية ومعالجة مشاكل القوى العاملة والبطالة وتشجيع فرص الاستثمارات الأجنبية. وأوضح معاليه أن حكومة خادم الحرمين الشريفين إيماناً منها بضرورة دعم الشعب اليمني الشقيق لمواجهة تحدياته، وسعياً منها لدعم طموحات وتطلعات شعبه وتوفير إحتياجاته الإنسانية الملحة وحفظ كرامة المواطن اليمني، فقد سعت جاهدةً إلى تقديم يد المعونة لليمن بمساعدات مالية تجاوزت خلال الخمس سنوات الماضية ما قيمته (3) مليارات دولار أمريكي. وبين أن مساعدات المملكة في اجتماع أصدقاء اليمن الذي عقد في شهر مايو الماضي بالرياض قدرت ب (3.25) مليار دولار أمريكي، منها مليار دولار كوديعة في البنك المركزي، بالإضافة لإتفاقيتين لمشروعين ومنحة قدرها (1.75) مليار لتمويل مشاريع إنمائية ضمن البرنامج الإستثماري، علاوة على (500) مليون دولار لتمويل وضمان صادرات سعودية. وأكد معالي وزير المالية أن المملكة العربية السعودية تتطلّع إلى جهود الدول والمنظمات المشاركة في هذا الاجتماع من أجل دعم مسيرة الأمن والتنمية في اليمن، كما تأمل في مساهمتهم ضمن هذه الجهود لأن ذلك سيساعد على تحقيق السلام العالمي وتحقيق التنمية التي يتطلّع إليها المواطن اليمني، معرباً عن تطلعه في أن يعلن أصدقاء اليمن في اجتماعهم بمدينة نيويورك نهاية الشهر الجاري، عن إسهامات تتناسب مع حجم التحديات التي تواجه اليمن الشقيق. وقال معاليه : نُقَدّر لليمن جهوده في إتخاذ خطوات جادة نحو استعادة الأمن والإستقرار وإزالة عوامل التوتر في إطار العملية السياسية لمبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآلية تنفيذها ، فاليمن يعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية كبيرة ، وضعفاً في البنية التحتية وتزايد عدد السكان ونقصاً حاداً في المياه وانخفاض إيرادات البلاد ،إضافةً إلى الأحداث السياسية التي ألحقت أضراراً ضخمة بالاقتصاد اليمني وبالبنية التحتية له، مما أدى إلى زيادة الضغوط على المواطن اليمني الذي يعاني أصلاً من تردي أوضاعه الاقتصادية والمعيشية. وتناول معاليه في كلمته الجهود التي تقوم بها الحكومة اليمنية لتحقيق تقدم حقيقي على جميع الأصعدة ، موضحاً أن اجتماع اليوم لمساعدة ودعم الحكومة اليمنية يأتي للتغلب على هذه التحديات، من خلال دعم الأصدقاء والمانحين الدوليين لمشاريع التنمية التي تشملها الخطة الإنتقالية الموضوعة بناءً على أولويات مُتّفق عليها، وتقديم الدعم لتطوير القدرات وجهود التنسيق الحكومي ، واستعادة الأوضاع لتحقيق النمو الشامل والمستدام في المدى المتوسط عن طريق الاستثمارات العامة وإصلاح السياسات الكلية والقطاعية. بعد ذلك القى معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، كلمة استهلها بتقديم الشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله - على استضافة هذا الاجتماع المهم في الرياض، مؤكداً أن القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين كان لها الفضل الأكبر - بعد الله - في نجاح المبادرة الخليجية التي أسهمت في حقن دماء الأشقاء في اليمن وتمكين اليمن من استعادة أمنه واستقراره. كما تقدّم معاليه بالشكر والتقدير لنائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، على دعم سموه ومساندته للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وأعرب معاليه عن بالغ التهاني والتبريك إلى صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، على نجاح العملية الجراحية التي أجريت لسموه، وتماثله ولله الحمد للشفاء، سائلاً المولى العلي القدير أن يمتع سموه بموفور الصحة والعافية. وقال معاليه في كلمته : إن هذا الاجتماع يأتي بعد أشهر قليلة من انعقاد الاجتماع الوزاري لأصدقاء اليمن في الرياض في مايو 2012، وتعبيراً بالغاً عن اهتمام المجتمع الدولي وحرصه الدائم على دعم الخطوات التي اتخذتها الحكومة اليمنية، بعد نجاح الانتخابات في فبراير من هذا العام، لاستعادة استقراره وبسط سلطة القانون في جميع أرجاء اليمن الشقيق، وقطع الطريق على محاولات جر اليمن إلى الفوضى ومنعه من استعادة أمنه وسلامته. وأوضح أن هذا الاجتماع مخصص لدعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز الأمن والاستقرار في اليمن، في وقت يعمل فيه فخامة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وحكومة الوفاق الوطني على دفع مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتوفير البيئة الضرورية لبدء الحوار الوطني استكمالاً لتطبيق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وأكد أن المساعدات التي تقدم لليمن ضرورة لتحقيق التنفيذ السريع للمبادرة الخليجية، ولمواجهة القوى التي تعمل لتقويض أمن اليمن واستقراره، وتعرقل محاولاته الجادة لاستئناف مسيرة التنمية والرخاء، مشيراً إلى دعم دول مجلس التعاون للقرارات التي اتخذتها الحكومة اليمنية للحوار الوطني واستكمال الخطوات اللازمة للتحضير للانتخابات القادمة، وإنجاح العملية السياسية، واستعادة القدرة على التنمية الاقتصادية. واستعرض معاليه في كلمته الجهود التي قامت بها دول مجلس التعاون الخليجي من أجل دعم اليمن منذ مؤتمر المانحين الذي عُقد في لندن في نوفمبر 2006، حيث أسهمت دول مجلس التعاون الخليجي، والصناديق الإقليمية بنحو 70% من إجمالي التعهدات المالية التي تم تقديمها لليمن، كما كان لدول المجلس نصيب الأسد في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية والطارئة إلى اليمن الشقيق، واستمرت في تقديم دعمها لليمن خلال الأزمة التي مر بها، وتجاوزت المساعدات التنموية والإنسانية العاجلة التي قدمتها لليمن خلال العام الماضي مليار دولار. وأشار الدكتور الزياني إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي عقدت اجتماعات مكثفة مع الجهات المختصة في اليمن بعد انتخابات فبراير الماضي لمناقشة تسريع صرف المساعدات وتنفيذ المشاريع التنموية لدعم برنامج المرحلة الانتقالية، وتم الاتفاق على استئناف العمل في البرامج والمشاريع التي توقفت بسبب الأزمة، وتتجاوز قيمتها (600) مليون دولار، كما تم الاتفاق على بدء تنفيذ مشاريع تنموية أخرى خلال العام الحالي بقيمة تبلغ أكثر من (750) مليون دولار. وقال : إن الاتفاق شمل مشروعات وبرامج للصندوق الاجتماعي للتنمية، وبناء وتأهيل عدد من المستشفيات، وبناء وتعزيز محطات الكهرباء، وبرنامج الطرق الريفية، وتطوير عدد من الموانئ وبناء وتجهيز المعاهد الفنية، وتمويل مشاريع في برنامج الأشغال العامة، إلى جانب إعلان دول المجلس عن استعدادها لتقديم مساعدات إضافية لتمويل مشاريع البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية. وفي ختام كلمته، أعرب معاليه عن تطلعه في أن تحذو الجهات المانحة الأخرى الأسلوب الذي اتبعته دول المجلس وأن يتم الاتفاق، في أقرب فرصة ممكنة، على خطوات عملية واضحة، لمساعدة الحكومة اليمنية على تحقيق هذا البرنامج المرحلي، واستعادة قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية ومواجهة الاحتياجات التنموية والإنسانية التي أصبحت أكثر إلحاحاً بعد الأزمة التي عصفت باليمن، وإعادة الأمل للمواطن اليمني في مستقبله. ثم القى دولة رئيس الوزراء اليمني محمد بن سالم باسندوه كلمة قدم في مستهلها جزيل الشكر والعرفان، نيابة عن فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية،وباسم الشعب اليمني لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ولنائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، وإلى حكومة وشعب المملكة، على وقوفهم مع اليمن ،وعلى استضافتهم لمؤتمر أصدقاء اليمن في شهر مايو الماضي , واحتضانهم لهذا الاجتماع. وقال دولته : ليس بخاف عنكم أننا قد قطعنا شوطاً كبيراً في تنفيذ العديد من خطوات وإجراءات التسوية السياسية المنصوص عليها في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة اللتين تم التوقيع عليهما بالرياض في 23 نوفمبر الماضي برعاية خادم الحرمين الشريفين، رغم العوائق والعراقيل التي افتعلت في طريق اليمن حتى اليوم، والتي يتجاوزها اليمن بوعي وإدراك أبناء شعبه بان هذا هو الطريق الآمن والكفيل بالحيلوله دون وقوع بلادهم في وهدة الفوضى وأتون الحرب الأهلية. وأضاف : لا شك أن الأشقاء والأصدقاء قد تابعوا مجموعة الخطوات والإجراءات التي أتخذها رئيس الجمهورية اليمنية وحكومة الوفاق الوطني بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وعلى وجه الخصوص القرارات المندرجة في إطار توحيد قيادة المؤسستين العسكرية والأمنية، وإعادة هيكلتهما على أسس وطنية ومهنية جديدة وما ووجهت به هذه القرارات من رفض وتمرد. وأوضح دولته أن قرارات وتوصيات اللجنة الفنية التحضيرية للحوار الوطني تحظى بدعم كامل من قبل رئيس الجمهورية ومن قبل حكومة الوفاق الوطني ، حيث أن التحضير لمؤتمر الحوار الوطني، وتوصله إلى نتائج حقيقية في معالجة المشكلات التي تواجه اليمن يمثل إلى جانب استكمال إعادة هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية الاستحقاقين الأهم المتضمنين في المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية ، بعد النجاح في عملية نقل السلطة. وأكد حرص الحكومة اليمنية على طمأنة الجميع بأنها ستقوم بالاضطلاع بواجباتها في تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها،والتقيد بمقتضيات قرارات مجلس الأمن بشأن اليمن، انطلاقا من إداراكها بأن هذا هو الخيار العملي والواقعي لإنقاذ اليمن من الوقوع في شراك المآلات الكارثية. وأشار دولة رئيس الوزراء اليمني إلى أن الدعم الذي تطمح إليه بلاده في الحصول عليه من الأشقاء والأصدقاء المانحين في الاجتماع الراهن، مرتبط بحالة استثنائية تتطلب معالجات عاجلة وملحة لوضع اليمن إلى جانب الحاجة إلى إيجاد قاعدة انطلاق مستقبلية له، مبيناً أن حكومة الوفاق الوطني اليمنية تستعد إلى تنفيذ خطة عاجلة تستهدف استعادة الاستقرار الاقتصادي في الأجل القصير، والانطلاق في مضمار النمو في الأجل المتوسط. وبين أن خطة الحكومة اليمنية تتجه في اللحظة الراهنة نحو استكمال تنفيذ المشاريع الاستثمارية العامة التي توقفت خلال الفترة المنصرمة بسبب الاحداث التي شهدتها البلاد، مفيداً أن التحسن التدريجي في الأوضاع السياسية والأمنية سيمكن الحكومة من إعداد برنامج استثماري طموح يمثل الترجمة العلمية للخطة الاقتصادية والتنموية وترتيب البرامج والمشاريع الاستثمارية وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية، بما يلبي الاحتياجات الأساسية للسكان. من جانبه أكد معالي وزير التنمية الدولية البريطاني في كلمته،أهمية الاجتماع في تاريخ اليمن ومستقبلها لمواجه التحديات،معرباً عن شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية على استضافة أعمال الاجتماع. وقال معاليه : إن اليمن يمر الآن بمرحلة انتقالية تاريخية وجميعنا في هذا الاجتماع بإمكانه الإسهام لجعل هذه المرحلة مرحلة ناجحة، وأن يكون هناك مستقبل أفضل لليمن، لافتاً إلى أن الجميع بحاجة للعمل المشترك بشفافية وبالطريقة التي نريد أن نمضي بها قدماً من أجل الإعداد لتقديم المعونات لليمن عوضاً عن العمل بشكل منفصل. وثمن معاليه الجهود التي تقوم بها المملكة من أجل دعم اليمن والوفاء بتعهداتها معه، داعياً دول العالم إلى الاستفادة مما تقوم به المملكة تجاه اليمن، كون ذلك مثالاً دولياً ايجابياً يحتذى به في كيفية تقديم التعهدات. وأعرب عن أمله في أن يخرج هذا الاجتماع واجتماع نيويورك الذي سيعقد نهاية هذا الشهر، برسم بداية جيّدة في تاريخ اليمن. من جانبها قالت معالي نائبة رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنجر أندرسون في كلمتها إن الاجتماع يأتي في وقت يجب أن يستغله المجتمع الدولي لدعم الشعب اليمني فهناك 10 ملايين مواطن يمني لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم الأساسية، وهو ما يمثل 45 في المائة من الشعب. وأوضحت أن اليمن أظهر للعالم أنه دولة ملتزمة تمضي قدماً في الاستفادة من تعهدات الدول المانحة خاصة ما يقدمه له من دول مجلس التعاون الخليجي، مطالبة حكومة الوحدة الوطنية في اليمن أن تظهر تغيرات إيجابية في حياة المواطنين من خلال تحقيق رغباتهم، والقيام بإصلاحات سياسية واستغلال أمثل للموارد ومحاربة للفساد. وبينت أن أولويات المرحلة المقبلة في اليمن تتوزع على قطاعات مختلفة وتحدد الدعم المطلوب على المدى القصير والمدى الطويل، مشيرة إلى أن برنامج الدعم في هذا الاجتماع يصل إلى 11 مليار دولار سيقدم منها مبلغ في المدى القريب بما يمكن من الاستفادة من هذه الموارد المالية في بناء اليمن. وحثت دول المانحين على تقديم المزيد من الدعم لليمن، مثلما قدمت المملكة العربية السعودية ودول أخرى والبنك الدولي، ليكون للحكومة اليمنية فرصة أكبر للعمل من أجل استقرار بلادها ، داعية إلى أن يكون هناك استثمار طويل الأمد في البنية التحتية وقطاع الزراعة باليمن، مع زيادة الإنفاق على بناء القدرات البشرية اليمنية التي تعد من الجوانب الضرورية في التنمية. بعد ذلك أعلن معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، بدء الجلسات المغلقة للاجتماع.