مع سخونة الأجواء السياسية واضطرابها فى الأشهر الأخيرة، أكتسب وجه «رجل ضاحك» شعبية جارفة لدى مستخدمى موقعى التواصل الاجتماعى «فيس بوك» و«تويتر» من المصريين، وتساءل كثيرون: من هو هذا الشخص؟. من هنا سعينا إلى تتبع الصورة لنصل لصاحبها أو على الأقل حكايته، وقادنا بحثنا إلى أن صاحبها شاب من الصين يقيم فى أمريكا عمره 31 عاماً. ولنعرف الحكاية من أولها علينا الرجوع إلى البداية. فلتقرأوا. قبل ثلاثة أشهر تصدر وجه «رجل ضاحك» قفشات رواد موقعى التواصل الاجتماعي، وأيضا صور صفحاتهم الرئيسية و«الجروبات»، بشكل يمكن وصفه فى بعض الحالات بالمسيطر على «إيفيهات» شبابنا وفتياتنا فى النواحى السياسية والاجتماعية المختلفة من مذاكرة وامتحانات الطلبة إلى تفجير خط الغاز المصرى لإسرائيل، مرورا بتشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، ووصولا إلى مرشحى انتخابات رئاسة الجمهورية. وقد تم استخدام رسمة وجه «الرجل الضاحك» فى معظم الوقت دون أى تغيير أو تعديل فى الملامح، حتى أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عن ترشيحها لخيرت الشاطر كمرشح لرئاسة الجمهورية، حيث أدخل مستخدمو «فيس بوك» و«تويتر» اللحية عليه تارة وتخفيف شعره تارة أخرى، وتعددت معها التعليقات التى منها: «مرة سألوا الإخوان. عندكم مرشح للرياسة؟. قالوا لأ. وهما عندهم جوا»، وغيرها الكثير الذى طال الجميع دون استثناء مثل أحمد شفيق، وعمر سليمان، ومحمد بديع، وسعد الصغير، والفارق بين أصدقاء السوء وأهل المنزل، وأيضا امتحانات منتصف العام. ومع كثرة تلك الصور التى يصعب حصرها فى عجالة، ظل اعتقاد الكثيرين طوال تلك الفترة أنها مجرد رسمه لفنان مجهول، ولكن مع تضاعف شهرة وجه «الرجل الضاحك» وذيوع صيته يوما بعد يوم بين رواد الإنترنت، بدأ الكثيرون يتساءلون: من صاحب هذا الوجه؟!. كانت المفاجأة أن «الرجل الضاحك» ليس رسمة كما أعتقد الكثيرون ولكنها صورة لرجل حقيقى ينتمى لجذور آسيوية!، تم تحويلها باستخدام برنامج للصور إلى رسمة، ووضعت فى موقع «الميمات» الشهير، ومنه تناقلت حتى وصلت لنا فى الأشهر الأخيرة. ما هو موقع «الميمات»؟!. وماذا تعنى كلمة «ميمات»؟!. ومن هو صاحب الوجه الضاحك؟!. ومتى تم التقاط صورته؟!. وما الحدث الذى صاحبها؟!. كانت تلك الأسئلة مثار تساؤلنا الذى بدأنا فى البحث عن إجابته. «الميمات»، موقع يعنى ب «كاريكاتير الغضب»، وبمعنى أيسر هو مجموعة من الرسوم لوجوه أشخاص حقيقيين أو خياليين من أجل التعبير عن العواطف البشرية المختلفة ضحكا أو بكاء وما إلى ذلك، واستخدامها كنموذج موحد لتصوير القصص السريعة ونقلها فى رسالة يسهل فهمها بسهولة، ويعود اختيار تلك «الميمات» لرواد ومستخدمى الموقع من مختلف دول العالم مثلما يحدث فى موقع «اليوتيوب». أما الرجل صاحب «الوجه الضاحك» فهو شاب صينى يدعى «ياو مينج» من مواليد 12 سبتمبر 1980م، ولد فى مدينة شنغهاي، وبزغ نجمه مبكرا فى لعبة كرة السلة، التحق فى عمر 13 عاما بناشئى فريق «شنغهاى شاركس» وتدرج للعب فى فريقه الأول عام 1998، وبعد مرور خمسة مواسم سافر للاحتراف فى الدورى الأمريكى للمحترفين كلاعب فى فريق «هيوستن روكتس» وظل فيه حتى اعتزل فى ديسمبر 2011، بسبب كثرة الإصابات التى لاحقته فى كاحل قدمه خلال الأعوام الأخيرة. ويعد «ياو مينج» من اللاعبين الصينيين الذين حظوا بجماهيرية وشهرة واسعة فى أمريكا، وعند اتخاذه لقرار الاعتزال حزن الكثيرون، ووصفه «ديفيد ستيرن جويل» مفوض الرابطة الوطنية الأمريكية لكرة السلة ب «الجسر بين الجماهير الصينية والأمريكية»، ومعتبراً إياه «خليطا من الموهبة والتفانى والتطلعات الإنسانية وروح الدعابة»، وأيضا تم تحويله كنموذج لعبة يشتريها الأطفال المحبون له. وقد حاز خلال مشواره على العديد من الجوائز والإنجازات، وهو متزوج من «لى يي» لاعبة كرة السلة للسيدات فى الدورى الصيني، وله منها ابنة اسمها «إيمي» عمرها عامان، وهو ناشط اجتماعى يسهم كثيرا فى المناسبات الخيرية. وعن الصورة الأصلية، فهى تم التقاطها فى شهر أبريل من عام 2009 أثناء مؤتمر صحفى جمع «ياو مينج» مع زميله بدورى المحترفين الأمريكى اللاعب «رون أرتيست»، وكان الأخير يرد على سؤال لأحد الصحفيين عن شعوره حين فقد الكرة وهو يركض مسرعا فى المباراة، ولم يستطع التوقف حتى وجد نفسه بين جمهور الفريق المنافس مما استدعى تدخل الأمن لجذبه وإعادته للملعب مرة أخرى، قال «أرتيست»: «الأمن حاول انتزاعى بسرعة من وسط الجمهور» ثم أكمل ضاحكا، بقوله: «فى الحقيقة. شعرت حينها أننى أريد الجلوس بينهم لأستمتع بمشاهدة المباراة. لكن للأسف لم أجد مقعدا خاليا». فى هذه اللحظات انفجر «ياو مينج» فى الضحك بشكل هيستيري، والتقطت صورته الفوتوغرافية، التى تحولت فى شهر يوليو من عام 2010 أى بعد أكثر من عام كأنها مرسومه بالقلم الرصاص على موقع «ميمات»، ليستخدمها نشطاء الإنترنت فى مصر خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ولايزالون مصاحبة ل «قفشات» ناقدة لواقع الأحداث السياسية والاجتماعية الراهنة على موقعى «فيس بوك» و«تويتر». وهكذا تنتهى حكاية صاحب «الوجه الضاحك».