في مباراة الاتحاد والرائد ضمن مسابقة كأس ولي العهد السعودي، وبعد أحد الأهداف، احتفل اللاعب الاتحادي محمد أبوسبعان بقبلة غريبة انتشرت انتشار النار في الهشيم وتناقلتها وسائل الاتصال وبرامجها الحديثة، وما هي إلا فترة بسيطة وتخرج صورة مماثلة لثلاثة من الشباب الصغار يقلدون طريقة الاحتفال ببراءة متناهية. وبحسب "العربية" توجهت بالسؤال للناقد الرياضي والتربوي فهد الروقي، الذي أشار إلى أن النشء في هذه المرحلة العمرية يعيش تحت قاعدة المحاكاة والتقليد، وهما صفتان محمودتان وطبيعيتان ولكن تحت شرط المتابعة من أولياء الأمور والمعلمين لتوجيه السلوك الفردي وأحياناً الجماعي نحو الطريق المستقيم مع زرع الثقة فيهم لاتخاذ القرار السليم وتختلف طرق المحاكاة باتباع النجوم المشهورة. وعرج الروقي بالحديث عن الاحتفالية الغريبة والتي وقعت في الملاعب السعودية ويقول: "في هذا الموسم حدثت احتفالية مماثلة في المضمون ومختلفة في الشكل في أحد الدوريات الآسيوية فكانت الوقفة صارمة من لجنة الانضباط هناك وأوقف اللاعبان لمدة عام كامل، والمطلوب من اتحادنا الموقر الوقوف بحزم حتى لا تنتشر مثل هذه الظواهر، فإن معظم النار من مستصغر الشرر". في نفس الصدد يرى المشجع يوسف الناصر أن الإعلام الرياضي يتجاهل عن عمد بعض هذه التصرفات دون أسباب واضحة، في حين أنه في العام الماضي شُنت حرب ضروس على لاعب الهلال الروماني ميريل رادوي بعد الوشم الذي ظهر على ساعده، حتى وصلت القضية لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مدعين أن هناك أطفالاً أصبحوا يسيرون في شوارع الرياض وهم يضعون الوشوم على أيديهم. وهذا الموسم وحين حضر لاعب كولومبي إلى صفوف النصر وانتشرت الرسومات المسيئة والمخالفة على جسده التزموا الصمت المطبق كما يمارسونه الآن مع احتفالية لاعبي الاتحاد. ويضيف الناصر بقوله: "لقد تجاهلوا العام الماضي حركة صدرت من لاعب الاتحاد راشد الرهيب تجاه لاعب هلالي، وربما سيمارسون نفس الشيء مع هذه الحادثة رغم خطورتها على الأطفال، فهم بعد المباراة مباشرة تجمعوا وقاموا بنفس الحركة وصوروها وانتشرت اللقطتان في برامج الاتصال في الإجهزة الكفية ومواقع الإنترنت الرياضية وغير الرياضية". ووضع الناقد الروقي بعض الحلول للحد من هذه الظواهر بقوله: "المجتمع الرياضي صورة مصغرة من المجتمع الكبير، ونحن نسير على ذات الخطى، ولابد أن نختلف عنه عند علاج الأخطاء التي تتراكم لدينا؛ لأننا نتجاهلها خوفاً من الفضيحة أو لاعتبارات أخرى هشة وضعيفة، وحتى نحافظ على بياض الصورة لابد من مسح وتنظيف كل ما يعلق بها من غبار وسواد، ونفس الأمر مع حالات الخروج عن النص، فالتعامي عن اللقطة إياها يقود للمزيد أو على الأقل ستنتشر بين النشء على أنها صواب أو غير مخالفة، وهنا تأتي المعضلة الكبرى، فالمرحلة العمرية لديهم أشبه بالأرض البكر الخصبة، ما يزرع فيها ويشب ويترعرع من الصعوبة اقتلاعه حين يشتد العود ويقوى". وللرياضيين - وبالذات لاعبو كرة القدم - تأثير بالغ على النشء باعتبار أن الشريحة العظمى من متابعي كرة القدم من فئة الشباب فهم يسيرون على نفس الخط مع لاعبيهم المفضلين ويقلدونهم في كل تحركاتهم الإيجابية والسلبية على حد سواء، دون أن تكون لديهم "فلترة" خاصة تنبذ السيئ وتعزز الحسن. وكانت وسائل الإعلام العالمية قد تناقلت بعد نهائيات كأس العالم في مطلع الألفية انتحار شاب تركي لأن والده أجبره على تغيير تسريحة شعره المطابقة للنجم البرازيلي رونالدو، فما كان من الشاب المتهور إلا أن أسقط نفسه من فوق مبنى مرتفع ليلفظ أنفاسه الأخيرة. والوسط الرياضي السعودي لا يختلف كثيراً عن بقية الأوساط الكروية في مسألة تقليد الشباب للنجوم الكبار والتأسي بهم رغم خصوصية المجتمع السعودي الذي يغلب عليه "التحفظ".