قضت محكمة باكستانية بإطلاق سراح موظف أمني أمريكي يُدعى ريموند ديفيس، اتهم بقتل مواطنين باكستانيين في 27 يناير الماضي في مدينة لاهور شرقي باكستان، حيث تم إلقاء القبض عليه في مسرح الجريمة. وقال وزير العدل في حكومة إقليم البنجاب، رانا ثناء الله، إن إطلاق سراح ديفيس جاء بعد عفو مكتوب من ذوي القتلى وقبول الدية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، نافياً أي دور لحكومة إقليم البنجاب في إطلاق سراحه. كما تم إخلاء سراح ديفيس من تهمة حيازة السلاح بعد دفعه غرامة مالية. ووفق وسائل إعلام محلية فقد وقّع 18 من ذوي القتلى، فرداً فرداً، على مذكرة العفو بحضور قاضي المحكمة، لكن محامين يعتقدون أنهم أجبروا على التوقيع على مذكرة العفو وقبول الدية. وكانت تقارير صحافية سابقة تحدثت عن تعرّض أقارب القتلى لضغوط من جهات مجهولة للوصول إلى حل توافقي مع القنصلية الأمريكية في مدينة لاهور، كما نقلت التقارير عن عرض تقدم به السيناتور جون كيري خلال زيارته الأخيرة لباكستان فبراير الماضي لذوي الضحايا يتضمن دية مالية كبيرة وإقامة دائمة في الولاياتالمتحدة مقابل العفو عن ديفيس. ويرى مراقبون أن التطور الأخير جاء ضمن اتفاق سري بين جهاز الاستخبارات العسكرية الباكستانية والاستخبارات المركزية الأمريكية، ويتضمن سحب دعوى ضد رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الباكستانية الفريق أحمد شجاع باشا، على خلفية هجمات مومباي عام 2008 وتزويد باكستان بمعلومات عن عناصر الاستخبارات الأمريكية العاملين على أراضيها ودفع دية لعائلات القتلى الباكستانيين مقابل العفو عن ديفيس. ووتّرت قضية ديفيس العلاقات بين باكستانوالولاياتالمتحدة ودفعت واشنطن لتعليق حوارها الاستراتيجي مع باكستان وتأجيل اجتماع ثلاثي بين باكستان وأفغانستان والولاياتالمتحدة، كان من المقرر عقده نهاية فبراير الماضي وعلى إثر القضية فقد وزير الخارجية الباكستاني السابق شاه محمود قريشي منصبه وفق ما سُرّب في الصحافة الباكستانية بسبب ضغوط أمريكية لموقفه الذي صمم فيه على أن ديفيس لا يتمتع بحصانة دبلوماسية كاملة، كما أشارت بذلك سجلات الخارجية الباكستانية. وكان ديفيس اعترف بأنه قتل المواطنين الباكستانيين في لاهور نهاية يناير الماضي دفاعاً عن النفس، الأمر الذي أثار موجة غضب واستياء واسعة ضد الوجود الأمريكي في باكستان وموقف الحكومة الباكستانية من المتعاقدين الأمنيين. وقد هددت حركة طالبان باكستان حينها من مغبة الإفراج عن ديفيس وتوعدت بالانتقام من الحكومة إن أطلقت سراحه بل طالبت الحكومة بتسليم ديفيس للقصاص منه.