أثار قرار لجنة المبادرة العربية بشأن منح واشنطن فرصة أخرى لإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإحياء المفاوضات المباشرة مع السلطة الفلسطينية، خلافا سوريا قطريا وصل إلى حد التلاسن وتبادل الاتهامات، ما بين رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم، الذي ترأس بلاده لجنة المتابعة، ومندوب سورية الدائم وسفيرها في القاهرة يوسف أحمد. وكان رئيس السلطة، محمود عباس قرر رفض مواصلة المفاوضات مع الإسرائيليين بعد رفض دولة الاحتلال تجميد قرار وقف الاستيطان. وحسبما ذكرت صحيفة "الراي" الكويتية، الخلاف نشب عندما طلب الشيخ حمد، إعادة ترتيب بعض البنود والفقرات في البيان المنتظر صدوره عن اللجنة، وهنا اعترض المندوب السوري وطلب من رئاسة الاجتماع الحديث تحت بند نقطة نظام، التي تستخدم ديبلوماسيا لوقف النقاش إذا كان للدولة أو الوفد اعتراضات جوهرية عن سير جلسة الاجتماع أو إغلاق باب المناقشة. المندوب السوري تحدث موجها كلامه لحمد بن جاسم، قائلا: "من الواضح أن هذا البيان مطبوخ، ولن نتعامل معه"، وهو ما رفضه رئيس الوزراء في شدة، قائلا: "نحن لا نطبخ الأشياء". اللافت أن المندوب السوري، توجه بعدها الى لوزير الخارجية المصري ليسأله عن رأيه قائلا: "عجبتك"؟، فيما اكتفى احمد أبوالغيط، بالرد عليه بابتسامه ديبلوماسية. وكانت اللجنة عقدت اجتماعاً استمر لأكثر من ساعتين برئاسة الشيخ حمد بن جاسم، قدم خلاله الرئيس الفلسطيني تقريراً طلب فيه دعم مطلبه ألا تكون المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية مفتوحة المدة، وضرورة وضع حد زمني لها. وطالب اللجنة ب "موقف حاسم يعتبر استئناف إسرائيل الاستيطان وتهديدها ببناء وحدات جديدة في الأراضي المحتلة بما في ذلك القدسالشرقية، قراراً إسرائيلياً واضحاً برفض جهود السلام وعدم الاستعداد للدخول في أية محاولات جدية". وأكد عباس "الرفض القاطع لأية حلول جزئية أو مرحلية"، معتبراً أن "استئناف المفاوضات يتطلب التزام إسرائيل بالوقف الكامل للاستيطان ورفض كل الذرائع والتبريرات الإسرائيلية تحت أي مسمى للاستمرار في نشاطها غير المشروع"، مشيراً إلى أن "سياسة الاستيطان في القدس ليست سياسة جديدة، لكنها استمرار للسياسة التي انتهجتها جميع الحكومات الإسرائيلية منذ حرب عام 1967". وأضاف أنه "على رغم التوجه الإيجابي الذي أظهره الفلسطينيون والأشقاء العرب، فإن ذلك قوبل برفض وتعنت إسرائيلي يزداد غلواً من خلال التمسك بسياسة الاستيطان بما يؤكد أن الجانب الإسرائيلي لا يسعى فقط إلى استمرار تغيير المعالم على الأرض استباقاً للحل النهائي، ما يفقد المفاوضات جدواها، بل يسعى أيضاً إلى تعطيل هذه الفرصة التاريخية للسلام". وأوضح أن "الموقف الإسرائيلي هو التمسك بالاحتلال والتوسع والتهويد وتعميم نظام فصل عنصري واحتلال شامل للأراضي الفلسطينية"، مشدداً على أن "القدس هي عنوان السلام ومصيرها لا ينفصل عن بقية الأراضي العربية الفلسطينيةالمحتلة"». وقالت مصادر عربية لصحيفة "الحياة" اللندنية، إن عباس :نفى نيته الاستقالة، لكنه أشار إلى وضع السلطة الصعب وحذر من أن وجود السلطة في خطر، إذا بقيت الأوضاع على ما هي عليه وطرح على العرب التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار بوقف الاستيطان ومطالبة إسرائيل بتحمل مسؤولياتها، أو عرض التطورات في الأراضي المحتلة على الجمعية العامة للأمم المتحدة وطلب الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس والتنسيق مع منظمة المؤتمر الإسلامي ومجموعة ال 77 والصين لدعم هذا التحرك". وأشارت المصادر إلى أنه "فور انتهاء الرئيس الفلسطيني من إلقاء تقريره، تم توزيع صيغة القرار المعد من قبل الأمانة العامة للجامعة العربية بالتنسيق مع رئاسة لجنة مبادرة السلام والجانب الفلسطيني، مما أثار غضب ممثل سورية في الاجتماع السفير يوسف الأحمد الذي اعترض على إعداد بيان مسبق، والطلب من العرب ختمه من دون مناقشات"، معتبراً أنه "ليس من مهام لجنة المبادرة العربية إعطاء غطاء للمفاوضات، وصلاحياتها تنحصر في نطاق تسويق مبادرة السلام العربية". وتوجه إلى الشيخ حمد بن جاسم متسائلاً عن جدوى اجتماع يعقد في ظل إعداد بيان مسبق، "وهو ما أثار حفيظة الوزير القطري الذي ذكر السفير السوري بمواقف الدوحة الداعمة للقضية الفلسطينية ورفض المزايدة على موقف بلاده، خصوصاً أن السفير السوري ربط إعداد البيان مسبقاً باتصال هاتفي تم بين حمد بن جاسم ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قبل الاجتماع". في هذه الأثناء، قللت مصادر أمريكية من إمكان تحقيق انفراج بارز خلال فترة الشهر التي منحتها لجنة المتابعة العربية لواشنطن لإنقاذ عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين. وقالت المصادر لصحيفة "الخليج" الاماراتية ان الإدارة الأمريكية من خلال متابعتها عن كثب للموقف العربي تجاه المفاوضات تمكنت من الحصول على مواقف إيجابية من أطراف عربية فاعلة في المنطقة تتفهم ضروريات وجدوى الاستمرار في المفاوضات. وأشارت إلى صعوبة اعتراف واشنطن بدولة فلسطينية في حدود عام 1967 كما يطالب الفلسطينيون وقالت ان اي اعتراف من هذا النوع سيظل اسمياً من دون تفعيل بسبب مشكلات أساسية تتعلق بالحدود وقناعة واشنطن بضرورة تبني الجانب العربي موقفا أكثر مرونة ازاء المطالب الاسرائيلية.