هناك من يرهق الأداة بين يديه فيشبعها أشغالا شاقة حتى تميل عن وظيفتها الأساس وتستمرئ هذا الخلل الوظيفي فتصير _ اعتباطا_ أداوات معتوهة تؤسس لآليات غير رصينة محفزة للتثوير , وأظن أكثر الناس استبدالا لوظائف الأدوات وتحميلها مالا يناسبها من استعمالات هم مجموعة من البدائيين المنضمين بالواسطة "للعصرنة" . لو حدقنا بانتباه أكبر سنجد أن تويتر لم يكن مخطط له أن يُستثمر في تصوير تغريدات الأشخاص وتنشيط دينامية التجسس مع إبراق ملفات ساخنة عن سلوك مستخدميه. ما إن يبادر أحد بالتدوين هناك حتى يستوفي الرقيب تصويرا لتلك التدوينات تحت ترويسات غير محترمة , وربما كان حريف بشكل كافٍ كي يجتز منها البراءة لتظهير مادة الخلاف وحدها وتأكيد صحة الإدعاءات متجاوزا أصل السياق الذي بني على أساسه بسياق معتل يثور نشاطات الأفراد ويمنحهم شرعية الحكم على مدونها . وقد يكرمه الله فيضعها في فيديو مكتنزا بعبارات كسيحة ,ولن ينسى شرح معاني الكلمات كما يراها هو فقط حين يصير في حالة إستنطاق لمركبات ومفردات النص تتبعها حالة تأويل وفق رؤية معينة يحددها هو بحدسه وحدسه فقط بأن المعنى لا يبشر بخير لأن هذا الإنسان لا يبشر بخير أصلا , مع أنه لو أخضعها لخبراء اللغة فلن يكسب الرهان بلا شك ,وأكثر إشاعاته تلك لن تصمد أمام أي تحليل متأن . هو يمتلك من الحدس ما يعادل امتلاك أفراد قبائل البوشمن البدائيين له , فالبوشمن قوم عرف عنهم استعمالهم الحدس في الاستفصال عن أية قضية أو تفسير لبواطن الأمور مع تجاهل للحقائق والمسلمات , والإلهام في ذهنيتهم هبة سماوية لا يداخلها إلا يقين مطلق , وهكذا نجد قومنا لديهم استعداد كامن لخوض الحروب حتى على مستوى تغريدة لكن بعد أن يتبعوا حدسهم في استسلام. الشبكات الإجتماعية صارت وسائل ريبية وسواسية تنثر الناس من حولها , و سمة بدائية (بوشمنية) للتقييم حسب الحدس . لكن بات من المفترض ألا يتم إعطاء أهمية لذوي الرؤية الحدسية وهواة تصوير التغريدات ولا التفاعل مع أجوائهم ولا النشوب في آهاب استفزازاتهم المقصودة لأن أعظم هدية يمكن أن تهبها لهم هي أن تشاركهم لعبة الحدس تلك. رنا الشهري _ كاتبة سعودية [email protected]