الحقيقية أننا مازلنا نعاني من أزمة كبيرة في أخلاقيات المهنة وفن التعامل مع الأشخاص ، وأزمة أخرى في الانتقائية والعشوائية في تنفيذ البرامج دون نظر في واقع الحال ، وهذا الأمر حاصل على أصعدة واسعة على مستوى المؤسسات الحكومية أو غير الحكومية ، فهل يستغرب أحد منكم لو قلت له أن مراجعا لمعاملة خاصة به ينتظر اسبوعا كاملا حتى تُورّد معاملته وتُعرض على مسؤول ولو كان قد جاء مراجعا لها من جزر الواق واق ؟ علما بأن المسألة كلها ختم و توقيع .. !! في هذا اليوم المشهود حُشيت حسابات الآلاف من المفلسين بنزر من حقوقهم تشجيعا لهم على الجد والاجتهاد وحثا لهم على مواصلة البحث الجاد عن سُبل المعيشة. حقيقة هذا اليوم هو يوم سعيد بالنسبة لهؤلاء الشباب والشابات الذين تفّضل الله تعالى عليهم بهذا الرزق بل هو عيد لهم ، كيف لا ؟؟ وقد مكث بعضهم السنوات الطوال بعد تخرجه عاطلا ينتظر الوظيفة التي يُدوَّن عليها اسمه سواء بالمفاضلة أو بالواسطة أو من تحت الطاولة فالأمر بالنسبة لهم سِيّان والمهم هو سد الحاجة ودفع العوز. والحاصل أننا كمجتمع غمرتنا السعادة العظيمة بسعادة هؤلاء المُحفّزين حتى أصبحنا نزفُّ لهم التبريكات عبر الجوالات و الرسائل والشبكات وكأن أمرا عظيما حصل بالأمة ليس له سابقة !!! ومع هذا الإحساس الذي يدل على التكافل الاجتماعي إلا أن فئاما من المسؤولين يُغرّدون خارج سرب الوطن و لا يرعون لهذه الأحاسيس انتباه ولا يهمهم واقع حال المجتمع سعيدا كان أم حزينا ، فبدلا من أن ننظم السير في يوم العيد مثلا ونتلطف بالمسلمين نُوزّع العشرات من دفاتر المخالفات على الجنود ليُنهوها على آلاف الفرحين بهذا العيد (ويا وليك يا فلان لو جيت والدفتر فاضي). اتصل علي في هذا اليوم البهيج أحد الأحبة متسائلا ما بال هذه التفتيشات على الشارع الرئيسي في المدينةالمنورة وهو الدائري الثاني الذي يُعد الشريان في هذه المدينة وهو طريق سريع يندر أن يُقام فيه تفتيش ، وشكا لي حصول ابنه على مخالفة عجيبة كانت هدية له في يوم حافز ، و بالمصادفة وجدت نفسي في هذا التفتيش العجيب الذي رصّ العشرات من شباب الوطن على جانب الطريق لينالوا نصيبهم من مخالفات مرور المدينة التي أبت إلا أن تقتل عليهم فرحة ملء حساباتهم الفارغة بعد عناء الفلس. مررت على صديقي وأعطاني هذه المخالفة التي حصل عليها ابنه لأقف متعجبا منها وإليكم بعض مواصفاتها. 1- المخالفة كانت بسبب (عدم وضوح اللوحة الأمامية) . طبعا قلت في نفسي ربما تكون اللوحة كذلك فكيف يُمكن أن يسير شخص ولوحة سيارته الأمامية غير واضحة وهذا الأمر قد يعود بالضرر الكبير على مشروعنا الإقط .. عفوا الإصلاحي المنعوت بساهر وكان من المفترض علينا التعاون جميعا في دعم هذا المشروع برواتبنا ورواتب أبناءنا وأقاربنا ولو لم نجد في دعمه إلا أن نقترض فربما يحسُن ذلك .. وجيد أن مخالفاته ترتفع إلى الحد الأعلى لمن يحصل عليها من الفقراء الذين لا يستطيعون سدادها في الوقت المطلوب لنزيد من دعم هذا المشروع وأما الأغنياء فسواء مُنحوا مخالفات أو لم يمنحوا فلا يعني ذلك لهم الكثير مما يدل على أن استراتيجية مخالفات المرور لدينا تراعي جميع الطبقات على حد السواء !!!!! ، وعموما خاب ظن صاحبكم ووجدت لوحة السيارة أوضح من الشمس في رابعة النهار ولكن نلتمس لكاتب المخالفة العذر ونقول له : العتب على النظر .. 2- الغريب العجيب في هذه المخالفة أن رقم الحاسب المكتوب فيها خطأ فقد أخطأ كاتبها في أحد الأرقام مما يعني أنها سُتجيّر باسم شخص آخر ربما يكون أحد أبناءنا المبتعثين في كوالالمبور وهذا يشرح لنا كيف يشتكي بعض الأشخاص من تسجيل بعض المخالفات عليه في بلد لم يزرها قط .. والعتب مازال على النظر .. 3- هذه المخالفة لا تحتوي على اسم محررها ولا بياناته ولا ورديته ولا على بيان تأريخ أو يوم وأكثر بياناتها فارغة تماما إلا من اسم صاحبنا و رقم حاسبه الخطأ. أخيرا أتمنى من بعض المسؤولين مشاركة المجتمع في أفراحه وعدم استفزاز الشباب المستمر بمثل هذه التصرفات فأنتم بكل صراحة لا تفهمون هذا الجيل ولا تتلمسون احتياجاته وأملي في ولاة الأمر أن يجددوا الدماء الراكدة على هذه الكراسي بشباب واعٍ مثقف عايشوا هذا الزمان وعرفوا احتياجاته ونفسية أبناءه. وكتبه أخوكم محمد ابن الشيبة الشهري