لم تكن نظرتي للأمور سوداوية يوماً من الأيام ، إلا أن المستجدات (القديمة المعلقة) وبعض القرارات تجعل المتفائلين أمثالي في كل ساعة لهم حال ، نصبح متفائلين من بعض القرارات ونمسي مهمومين متقوقعين من قرارات وأوامر أخرى يندى لها الجبين . كيف لا ونحن نُصعق من تجاهل البعض لفتاوى علمائنا الكبار واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وهي الجهة الرسمية المخولة لإصدار الفتاوى في السعودية ، فبعد أن اقتُصرت الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء (أول الغيث) ، تفتي اللجنة الدائمة للإفتاء بعدم جواز عمل المرأة كاشيرة ومع ذلك بندة توظيف كاشيرات في مدينة جدة ، ونقرأ في الصحف بأن كارفور في الشرقية توظف 9 كاشيرات بموافقة مكتب عمل الدمام ومدير المكتب يرفض التعليق بناءاً على تعليمات الوزارة ، وما فعلته شركة كارفور جاء مباشرة بعد القرار بالسماح بعمل المرأة في المحلات الخاصة بالمستلزمات النسائية فقد استغلوا وجود غموض في تفاصيل القرار وآلية التطبيق وعقوبات المخالفين ، وسوف يتبع كارفور الكثير ممن يرحب بالاختلاط ويؤيده . نحن لم نُفق بعد من صدمتنا من تجرأ منال الشريف ومن حذا حذوها وزادت صدمتنا بعد الإفراج عنها وعن الممثلة السعودية التي قادت أيضاً وغيرهن ممن لم يعاقب في القطيف والرياض ومدن أخرى ، وأثناء إغماءتنا جراء هذه الصدمات لاح في الأفق صورايخ عابرة للقارات(خارجية) مدمرة للأسر والمجتمعات ، فمجلس الشورى يرضخ (مع فرحة غامرة) للضغوط الكثيرة من بعض رجالات الدولة ورجال الأعمال والليبراليين للخروج بتوصية من أجل إشراك المرأة في الانتخابات البلدية وبالفعل تمت الموافقة على اتخاذ التدابير اللازمة لإشراك المرأة كناخبة في انتخابات المجالس البلدية وفقاً لضوابط الشريعة ، ولا أعرف ماذا يعنون بالضوابط الشرعية وهم لم يعملوا بمقضى الفتاوى العلمية في عمل المرأة وقيادة المرأة .. الخ ! ، وصاروخ أخر بعد فتوى (شاذة) عن جواز ركوب المرأة مع سائقها الخاص لأنها لا تعتبر خلوه ، لذا سارعت وزارة العمل على إصدار قرار بالسماح للموظفة باستقدام سائق دون موافقة ولي أمرها ، وكأن الوزارة أصبحت وزارة الإفتاء والعمل فقد سمحت لنفسها هنا بلعب دور اللجنة الدائمة للإفتاء حيث أفتت ضمنياً بجواز الاستقدام للموظفة دون إذن ولي أمرها مع أن الفتوى الشاذة لم تجز ذلك ، وصاروخ يسابق الأول والثاني ولكن هذه المرة من رجال الأعمال الذين ضاقت بهم الوسيعة بعد صدور برنامج نطاقات الذي ضيق عليهم الخناق بالسعودة البغيضة عندهم لذا عملوا على اصطياد عصفورين بجحر واحد حيث طالبوا بتخصيص أراضٍ لتهيئتها لإقامة مصانع تعمل فيها نساء سعوديات وصرحوا بأن هذه المشاريع لن تقتصر على تصنيع مواد التجميل الخاصة بالنساء بل سيتطور إلى مصانع توفر الكثير من مواد البنية التحتية ، والعصفور الأول هو السعودة السهلة لأن المرأة العاملة تحسب بأربع أفراد عند احتساب نسبة السعودة والعصفور الثاني هو الاختلاط مع المدربين والإداريين والمدراء ، ولم أجد أي تعليق مناسب لهذا الخبر غير البكاء على الشباب الذين باتوا لا يجدون لهم عمل في المصانع والكثير منهم خريجو المعاهد المهنية والكليات التقنية وغيرها فهم متخصصون في أعمال المصانع المهنية والتقنية والإدارية ويحملون شهادات معتمدة ، فكيف نجد للفتيات فرص وظيفية في هذه المصانع بهذه السهولة وبدون تخصص ولا شهادات! . أعتقد جازمةً أن البطالة في أيامنا هذه تخص الشباب وحدهم أما الفتيات فلا خوف عليهم بعد اليوم لأن بعض الجهات المختصة بالتوظيف كوزارة العمل تعمل بكل إخلاص للقضاء على البطالة النسائية (الحل في الاختلاط) فهم يعملون على إيجاد وظائف نسائية ولو في الأعمال متدنية الأجر كالخادمة في المنازل والكوفيرة في المشاغل ، ولا نقول بأن هذه الأعمال محرمة فهناك جهات رسمية مخولة تفتي بالجواز من عدمه غير وزارة العمل ، ولنا هنا وقفة فمن المعلوم بأن الخطوة الأولى لتغريب المرأة يكمن في إدراج المرأة في جميع الأعمال وفقاً للضوابط الشرعية - كما يزعمون- ثم تضمحل وتتلاشي هذه الضوابط مع مرور الأيام نتيجة لإطلاق صواريخ أخرى أقوى وأحدث تدعم كل ما يخص تغريب المرأة وتعنى بهدم المجتمع المحافظ . كل هذه الصواريخ هي مقدمة لنجاح الحرب الفكرية الغربية – لاسمح الله - تُنفّذ بأيد أعوان الغرب من العلمانيين والليبراليين (المنافقين) ، ومع رغبتي الشديدة بأن أكون مخطئة في الطرح والاستدلال ، ولكن أسمعوا لهذه الطالبة التي قالت لأمير منطقة مكةالمكرمة نريد تعلم قيادة الطائرات فرد عليها بقوله لنتفق أولا على القيادة في الأرض ، هذا هو الدليل المعنوي على أن البعض وسوف يتبعهم الكثير بدأوا يعتبرون موضوع قيادة المرأة للسيارة تحصيل حاصل وأنها مسألة وقت ، وهم الآن منشغلون في التفكير بطرق أفضل للمطالبة بالحقوق الأخرى- كما يزعمون- التي تتمحور حول الاختلاط ومساواة المرأة بالرجل ، ولا يخفى على أحد أن أعوان الغرب يسعون للوصول إلى أهدافهم عن طريق عمل المرأة وقيادة المرأة وبالتالي الاختلاط ونتيجة ذلك أن نذوب في الفكر والعادات(الطباع) الغربية ونلغي ما بقي لنا من خصوصيتنا في العادات والتقاليد وبالتالي نعلقها مع تعاليم الدين على الحائط ونشكل بها تراث إسلامي وقد نضطر لاحقاً لرميه فلدينا من الحضارة الغربية ما يغنينا عن تراثنا بجميع أنواعه . وفي ختام هذه المدونة الحزينة (وليس أخيراً) لن نسكت وسوف نطالب بتطبيق الفتاوى العلمية المستمدة من الشريعة كما يطالبون بالاختلاط وسوف نطالب بكل حقوقنا الغير مهم قبل المهم كما يطالبون بقيادة المرأة قبل المطالبة بإيجاد حلول عملية لزيادة أعداد العانسات وظلم المعضولات وأنصاف المغتصبات والمبتزات والمعنفات و غيرها من مشاكل وهموم النساء . ونسأل هنا فبعد كلام فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظة الله الموجه للكتاب والكاتبات في شأن المرأة وطلبه منهم في التفكير الجاد المثمر وترك الاندفاع وراء العواطف الجياشة ، وأيضاً صدور فتوى جديدة من اللجنة الدائمة للإفتاء بتحريم الاختلاط في مجال السكرتارية والاستقبال وخطوط الإنتاج والمحاسبة في المراكز والمتاجر والصيدليات والمطاعم ، وبعد هذه الفتوى هل سيلتزمون بمنع الاختلاط أم أن بعض القرارات الأخيرة تؤكد بأن العقد قد أنفرط؟ .