تواترت أنباء عن تجهيز الرئيس المخلوع مبارك خطابا سيلقيه على الشعب المصري يستسمحه فيه ويعتذر له عن سوء أفعاله هو وأسرته طوال 30 عاما، ويخص بالاعتذار سوزان ثابت زوجته التي أدارت أركان قصر العروبة بيد من حديد، وأخرى بمكر ودهاء ومداهنة جعلت المستفيدين يبرطعون في كل جنبات القصر، بل وامتدت برطعتهم إلى كل أرجاء مصر المحروسة دون رادع. ويتساءل بعض المصريين بأي كلمات سيبدأ مبارك خطابه هذه المرة، ويتساءل آخرون وبأي صفة أصلا سيخطب في الناس، فيما تندهش الغالبية من قدرته على مواجهته لشعب قضى على طموحاته، وأصبح 40% منهم يعيشون تحت مستوى الفقر في الوقت الذي كان ينعم هو وشلته الفاسدة بخيرات مصر وثرواتها. فيما يعتقد آخرون أن أي صيغة وأي كلمات وأي مراوغة سيتبعها مبارك لم ولن تكون مقبولة خاصة أنها لن تخلو من الكذب كسابقاتها، وربما يمتنع المصريون عن سماع صوته أو مشاهدة صورته بعد أن كانت مفروضة عليهم في كل يوم عشرات المرات عبر وسائل الإعلام المختلفة لعشرات السنين. هل سيعوض الاعتذار العذاب الذي لاقاه جموع الشعب الذين عاشوا في العشوائيات وشاركوا الحشرات والحيوانات الضالة في المأكل والمسكن؟ هل سيعوض الاعتذار مئات الآلاف من الآباء والأمهات عن أطفالهم الذين قضت الأقماح المسرطنة على أجسادهم الغضة؟ هل سيعوض الاعتذار ملايين المصريين الذين عانوا وعاشوا غلاء المعيشة وكدوا وتعبوا وضاعت أعمارهم في البحث عن لقمة عيش بسيطة وبراتب ربما لا يتعدى الدولارين في اليوم الواحد؟ كما ورد في آخر الإحصائيات بهذا الشأن؟ فيما تنعم ثلة معدودة بخيرات وملايين بل مليارات الدولارات بلا حساب وبلا خوف من عقاب؟ هل سيعوض الاعتذار الشاب المصري الذي وأدت الحكومة البائدة طموحاته في الحصول على شقة 50 أو 60 مترا ليواري فيها جسده وعروسه بعد أن ظلا يعانيان سنوات وسنوات من البحث، فيما يتمتع قلة من المقربين وأقرباء الأقرباء وحتى الخدم بمئات الآلاف من الأمتار والشقق الفاخرة والفيلات والشاليهات المطلة على شواطئ مصر من شرقها إلى شمالها..؟ هل سيعوض الاعتذار شعب مصر الذي حرم من العيش الكريم والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لمدة ليست بالبسيطة ومات منهم من مات وهو يحلم بالكرامة ولو ليوم واحد ولم يجد لتحقيق حلمه سبيلا؟ هل سيعوض الاعتذار كرامة المغتربين المصريين في أصقاع الدنيا والتي أهدرها نظام مبارك بعدم مساندتهم في قضاياهم لدرجة أن المواطن المصري كان يخجل من كونه ينتمي إلى مصر؟ هل سيعوض الاعتذار كرامة المصريين التي أهدرها جهاز أمن الدولة على مدى ثلاثين عاما بأوامر مباشرة من مبارك وزوجته وأبنائه وزبانيته؟ هل سيعوض الاعتذار أمهات الشهداء والضحايا بداية من القديسين وليس نهاية بإمبابة ومرورا بالتحرير وأطفيح وماسبيرو؟ لا يا سيادة الرئيس المخلوع.. اختصر على نفسك الطريق، واحفظ ما تبقى لك من ماء الوجه.. واقض وزوجتك وأولادك مدة عقوباتكم مثلكم مثل أي مصري سرق وقتل وأخطأ في حق الوطن.. يا سيادة الرئيس المخلوع.. المصريون لا يريدون اعتذارك، بل لن يقبلوه أصلا، بعد أن امتلأت بطونهم وأحشاؤهم وأجسادهم وأجساد أولادهم أمراضا وسرطانات لن تعالجها اعتذارات الدنيا ولا ملايينها. حسام الشيخ