تتظاهر الشعوب من حولنا ضد حكامهم وحكوماتهم لعدم الوفاق والاتفاق , أو ما قد يواجهونه من ظلم وحيف واضطهاد واستبداد . وهنا يخرج الشعب السعودي الوفي الأبي في أكبر تظاهرة شعبية عفوية , شعارها المحبة والتقدير ومنطلقها الفرحة وصادق التعبير بعودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى أرض الوطن الغالي سليما معافى , بعد أن منَ الله عليه بالشفاء . والجميع يحمدون الله على سلامته مما ألمَ به , ويلهجون بالدعاء بأن يجمع الله له بين الأجر والعافية . فعندما توجه المليك المحبوب للعلاج في الخارج قبيل أشهر مضت .. بعدما اشتد عليه المرض , طارت معه القلوب الطيبة المحبة تغمرها المشاعر الصادقة , تتابع أخباره بالساعة لتطمئن على صحته .. وتدعو له من الأعماق بأن يحفظه الله تعالى من كل شر ومكروه ليتابع مسيرة النماء والبناء والتطوير في بلادنا الطاهرة . يحفظون في أعماقهم عباراته الشفافة المؤثرة بأسلوبه الأبوي الحاني الذي يحرص على سعادة أهل بيته الكبير . وهو يعلنها صريحة أمام الملأ '' مادمتم بخير فأنا بخير '' تهون عليه آلامه المبرحة وأوجاعه الشديدة في سبيل راحة مواطنيه . وهي قمة الإيثار بل قمة القيادة الواعية التي تحمل همَ الأمَة عامة وتنسى همومها الخاصة . ويحتفظون في عقولهم بمواقفه المشرقة ووقفاته المشرَفة , لما يتحلى به من إنسانية عالية , وما يقوم به من أعمال خيرية جليلة , وما يحققه من مبادرات إصلاحية رفيعة . ولم يهدأ للشعب السعودي الأصيل بال حتى جاءت الأخبار المبشرة بنجاح العمليات الجراحية التي أجريت له - يحفظه الله - والتي أثلجت صدور المواطنين وحتى المقيمين . وهاهم يزدادون بهجة بعودته رعاه الله إليهم . وبهذه المناسبة السعيدة التي ملأت جنبات البلاد السعودية - من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها - سرورا وحبورا بسلامة ملك القلوب وعودته إلى وطنه وشعبه تتدفق المشاعر النابضة فرحا وطربا تعبيرا صادقا لما يكنونه من حب عميق لمليكهم المفدى ولسان حالهم يردد ( نحن بخير ما دمت بخير يا عبد الله ) وحق لنا أن نفخر بفارس الأمة ملك الإنسانية وقائد الإصلاح . فالعلاقة بيننا ليست مجرد علاقة حاكم وشعب بل هي علاقة أب بأبنائه , أسرة واحدة في قمة الترابط الوثيق والتعاون الفريد .. قد لا نجد لها مثيلا في دول العالم . إذ يتجلى الوفاء في أسمى معانية والولاء في أروع صوره تجاه القيادة الرشيدة التي اتخذت القرآن الكريم والسنة المطهرة دستورا ومنهاج حياة . حكمت بالشرع وأقامت العدل فنعم الشعب بهذا الأمن والخير والاستقرار , الذي يعدُ من أهم المكاسب . فقد ورد في الحديث الشريف '' نعمتان مجحودتان الصحة في الأبدان والأمن في الأوطان '' حيث لا يعرف قيمتهما إلا من يفقدهما . فحمدا لله على نعمائه وشكرا له على خيره وفضله أن أكرمنا بهذا الوطن الطاهر المعطاء وهيأ لنا هذه القيادة الحكيمة التي تستوجب منَا جميعا الالتفاف حولها والتكاتف والتعاضد معها , للنهوض ببلادنا بوعي وحكمة بعيدا عن أساليب الفتن المقيتة والغوغائية البغيضة . ( وطن يعلمنا الكرامة والتقى والعز في أركانه لا يبرح ) ونحن إذ نعيش هذه الأجواء الاحتفالية الجميلة لنهنئ أنفسنا بشفائك يا تاج الوطن ونهنئك أبا متعب بهذا الحب الفياض من أبنائك الأوفياء . وأردد ما أنشده الشاعر: يا خادم الحرمين ظلك وارف عشنا به في مأمن ورخاء أعطاك ربي في القلوب محبة ووهبتنا حبا وفيض عطاء فأفاض ربي الخير نحو بلادنا جادت يمينك واهبا بسخاء لك بيعة الإسلام في أعناقنا يا بن الملوك ووارث الخلفاء.