عندما يلجأ حسن عليوي هندش في كتابه " الشيعة والدولة القومية " الى تحوير وتزوير الروايات التي يأخذها من مذكرات سندرسن باشا ، وساطع الحصري ، وغيرها من المصادر ، فيغير الاسماء ، والتواريخ ، والاماكن ، من اجل ان يروج لمقولته في ان تاريخ العراق ما هو الا تاريخ الصراع السني – الشيعي ، وان السنة العرب في العراق تخلوا عن عقيدتهم ، وخانوا الوطن وهيمنوا على خيراته ليعطوا الشيعة العرب الوطنية ، ويعقب في ان الوطنية ليست الا معاني ومفاهيم تافهة لاتتجاوز اصدار منشور سري او كتابة شعار على الجدران ، يعيش عليها السذج في اوهامهم (العراق الاميركي ، ص : 24 ) . يمكن ان نفهم ان الطائفية كدور المطلوب من حسن ان يلعبه ، ووسيلة للاعتياش والارتزاق على حساب المؤسسات التي يهمها تفتيت وتقسيم العراق . الا انه لايمكن فهم التزوير والكذب الا دلالة على الانحطاط الخلقي، وضغط مشاعر الاحساس بالدونية ، كما لايمكن ان يفهم التزوير الا كاداة للنصب والاحتيال . وهذه ليست تهمة نتهم بها ابن عليوي هندش ، بل يؤكدها هو في كتبه . ليقدم لنا حالة مرضية نموذجية عن شخصية النصاب . نحن هنا سنستشهد بما كتبه هو في كتبه لا من تصوراتنا الخاصة، قد نتدخل فقط في اعادة ترتيب القصص التي عرضها هو عن نفسه في اكثر من كتاب. النصاب عادة لايشعر بالندم ، او بالذنب ، وتؤكد الدراسات السيكولوجية على حقيقة انه يعكس حالة من اللامبالاة حيال سلوكياته الغير مقبولة اجتماعيا : "- انه لا يشعر بالذنب؛ فمهما كان عدد ضحاياه، ومهما كانت معاناتهم من سلوكه، فهو لا يشعر تجاههم بأي ذنب أو تعاطف. - لا يتعلم من أخطائه؛ ولهذا نجد في حياته الكثير من محاولات الكذب والتضليل والخداع والتزوير، وأن تعرض بسبب ذلك لمشكلات اجتماعية أو قانونية، ومع ذلك لا يكف عن تكرار أفعاله السلبية " (د . محمد المهدي ، سيكولوجيا النصب والاحتيال ، واحة النفس المطمئنة . كذلك كتاب رزق سند ابراهيم رزق ، سيكولوجيا النصاب) . فهو لايتوقف عن هذا السلوك لانه بالنسبة له اسلوب حياة ، ومورد عيش ورزق.اضافة الى انه حاجة سيكولوجية لتخفيف ضغط المشاعر بالدونية ، و يعتقد انه بتمرير كذبه وحيله يحقق الانتصار على الاخرين ، وينتقم منهم بنفس الوقت ، ليشعر بذلك بشئ من السمو المطلوب للتخلص من دونيته ، فها هو غلب الاخرين يعني انه احسن منهم . ان مشاعر السمو هذه تخفف مرحليا ضغط الشعور بالدونية لكنها لاتلغيه ، فيعود بعد فترة للعب نفس الدور ، ليس بيده بل غصبا عنه ، فهو دوني بطبعه . لذلك قد لايكون النصاب فقيرا بالضرورة وليس بحاجة مادية للمزيد من المال ، لكن الحاجة السيكولوجية تظل تضغط عليه .. نحن نتكلم هنا عن حالة مرضية ، سيكولوجيا ،مصابة ب "انا" مهتوكة او مهانة ، مشبعة بمشاعر الاحساس بالدونية ، و "انا عليا" هشة ومشوهة ، بلا قيم او مثل . فحسن عليوي هندش الذي لاشك عاش الكثير من الحرمانات ، في طفولته ومراهقته ، كما تعرض لانتهاكات شخصية مخجلة كما نشرت ذلك جريدة الزمان في عدد 22 / 1 / 2002. لم يجد في شخصية ابيه ،كاتب الحجب والتعويذات الملا عليوي هندش ، ما يمكن ان يشكل معيارا لبناء انا عليا مثالية لضبط سلوكيات الانا المنهكة بعقدها ، الضعيفة اما غزائزها . تتشكل الانا الاعلى عادة من طبقتين هما : الضمير ، وهو الجهاز او المركب الذي يختزن المثل العليا التي خالفها الطفل وتعرض للعقاب بسبب مخالفته لذلك . والذات المثالية التي تتضمن مجموعة المفاهيم التي يمتصها عقل الفرد بفعل العقاب والاثابة . ووظيفة الضمير هي منع" الهو" مركز الغرائز الفطرية ، من فرض حاجاته على الانا وتقوية دفاعات الانا . ويحقق الانا الاعلى وظائفه هذه من خلال اثارة الاحساس بالشعور بالذنب( موسى الحسيني ، سلطة الاخلاق في المجتمع العربي ، 155) . ان حسن يفتقد للمنظومة النفسية التي تشكل الاحساس بالذنب ، وتلك هي احدى خصائص النصاب الذي يعاني من عقدة الشعور بالدونية . ان التحليل السيكولوجي لهذا النصاب ،وتداخل مظاهر الميول الشعوبية بسلوكيات النصب والاحتيال يشير الى ان حالته يمكن ان تكون نتيجة لتفاعل عوامل وتاثيرات الشعور بالدونية مع ميول سيكوباثية ، عدوانية تتجه في عدائها لكل ما هو عربي ، يغطيها كما هو ديدن الشعوبيين الاوائل بالتظاهر بالتعصب للشيعة والتشيع وفقه ال البيت . ويكثرون من ترديد الاية الكريمة " وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا " للايحاء والخداع في انهم ينطلقون في عدائهم للعروبة على اساس ارادة الهية . قد يعترض احد المتخلفين و الجهلاء الطائفيين من السنة بان الرجل تراجع عن توجهاته هذه بكتابه عن الخليفة عمر . لكن احدا لم ينتبه الى ان حسن اهان عمر ( رض) بكتابه يوم مثل ابيه بعمر وقال انه كان يحمل عصا مثلها بدرة عمر (رض) ، يقول ان اباه يخفق بها الناس عندما يرى "في بعضهم خروجاعلى الذوق العام ، او خروجا على ما هو شرعي " (عمر والتشيع ، ص : 18 ) ، في حين ان الحقيقة ان اباه كان يحمل العصا ليتقي بها اذية اولاد المحلة الذين كانوا يركضون خلفه استهزاء وسخرية . والا باي حق واي قوة تلك التي تجعل صبي صيادي السمك ، وعامل البناء الجاهل يمتلك القدرة على تحديد ما هو خارج على الذوق او الشرع ..!؟ كما انه انقلب على عمر ( رض ) في كتابه " شيعة العراق وشيعة السلطة " وردد في اكثر من خمسة مواقع في الكتاب انه سيجعل من قضية دعواه للاستيلاء على املاك الغير ، كقضية فدك ، ووضع لذلك عنوان فرعي "فدك السيد خلف تجربة شخصية مع حالة فساد " (ص : 234 ) ، لاادري الا تفهم من هذه العبارة ان " فدك " بالاصل تمثل حالة فساد ايضاً..!؟ . وفدك هي احد مصادر الخلاف الشيعي السني ، حيث يعتقد فقهاء الشيعة ان الخليفتين ابو بكر وعمر ( رض ) اغتصبا حقا لفاطمة ورثته من ابيها ( عليهما السلام ) ، ويعتقد فقهاء السنة انهما تصرفا وفقا لحديث نبوي عن كون الانبياء لايورثون . حسن جاهز لان ينقلب ذات اليمين وذات الشمال ، وفقا لمصلحته . لامبدأ ، ولا التزام يمنعه ، هو كل شئ في نفس الوقت ، عددت ادعاءاته في كتابه عن العراق الاميركي فوجدت انه : قومي عربي ، علماني ، شيعي ، سني من اتباع ابو حنيفة ، ليبرالي ، اميركي ، معاد للاحتلال ، بعثي ، ضد البعث . ان هلاوس الدونية وحدها تحتمل ان تجتمع كل هذه الانتماءات في شخص واحد، وتعني ان الرجل لاانتماء له الا لنفسه ومصلحته . انه نموذج لمفكري عصر العولمة والاحتلال ، فهم يمكن ان يكونوا كل شئ لكن لاطعم اخلاقي اووطني لهم . عاش حسن ، كما يذكر في اكثر من موقع في كتبه ، مع عائلته - والديه واخوه هادي- ، في منزل اخواله . اي ان اباه كان في حالة تعرف باللهجة الشعبية العراقية بالجعيدة ، مشتقة من القعود ، للدلالة على الرجل الذي يعيش في كنف اقربائه ، وخاصة اهل زوجته، لفقر حاله ، ليعتاش عليهم ، وما يقدمونه من صدقات او معونات ، دون ان يكلف نفسه عناء العمل والمشقة . وكان حسن طيلة حياته في بيت اخواله او خاله منذ الولادة حتى تخرجه من الكلية ، ولم يذكر في اي من كتبه التي تحدث فيها عن نفسه خاصة كتابي بقية صوت ، والعراق الاميركي عن حادثة ولو بسيطة عن جد لابيه او عم له ، وعندما يتكلم عن عائلته الكبيرة يقصد بها بوضوح عائلة اخواله ، وزوج خالته (عبد الكريم قاسم ، ص :9) ، مع ان اراضي جده التي ادعى بها في كتابه شيعة السلطة ، لاتبعد عن بيت اخواله الا عبرة النهر .وهذا ما يفضح كذبه في انه حفيد السيد خلف ، الذي يسميه فقيه الكرادة . فما كان يتناسب مع مكانة فقيه الكرادة ان يترك ابنه يرتزق بما يجود عليه انسباءه . لم يتحدث حسن حتى ما بعد الاختلال عن اي اعمام له ، عدا مرتين ، ذكر فيهما اسم السيد محمد السيد محمود الشرع على انه من اعمامه ( الشيعةوالدولة القومية ، ص : 132 ، دولة الاستعارة القومية ، ص : 64 ) . والسيد محمد من وجهاء الجنوب المعروفين ، ولنا به معرفة شخصية مباشرة . لكن المشكلة هنا ان حسن يدعي انه ابن السيد نوري خلف سلمان ، يفترض انه يلقب بالعلوي . لم يوضح لنا حسن كيف يمكن قبول هذا الاختلاف في اسماء الاباء والالقاب ، هل أن اباه كان اخا للسيد محمد من ام واحدة وابوين مختلفين مثلا ..!؟ كل شئ ممكن في هلاوس الدونية . ان رحلة حسن عليوي هندش للبحث عن ابيه ، والتخلص من ميراث الجندي الهندي ، والى ان عثر على السيد نوري ، كانت منهكة و طويلة . حاول خلالها ان يجمع شهود زور ، ويركب القصص ، حتى عثر على صحفي مغمور كان يعمل بامرة باقر صولاغ ، في جريدته نداء الرافدين التي كان يصدرها في دمشق قبل الاحتلال . تطوع هذا الصحفي لان يشهد له انه من عائلة الشرع ، بشرط ، على ما يبدو ان يضع اسمه على كتاب " بقية صوت " على اساس انه هو من اجرى الحوار مع حسن ، فشهد حسن لنفسه باسم هذا الصحفي بانه من عائلة الشرع ( بقية صوت ، ص :9 ) . قبل ان يكتشف السيد نوري . بئس الشهادة والشاهد . ان معلوماتي الشخصية عن هوية الجندي الهندي الذي تم تسريحه في الرميثة ، المعروف باسم عليوي هندش ، قبل ان يسرق لقب العلوي ويستخدمه، كنت قد حصلت عليها منذ عام 1970 من حفيد السيد محمد السيد محمود الشرع نفسه ، وهو السيد مهدي صالح الشرع ، الذي تربط والدته بوالدة حسن صلة قرابة ، تحولت في هلاوس الدونية علاقة ارتباط بالنسب لعائلة الشرع . اكد المعلومة ولو بشكل مخفف الكاتب هادي العلوي ، في كتابه " في الدين والتراث " ، فقال ان اباه كان يعمل صباغا في بيت احد الضباط الانكليز . وان هذا الضابط الانكليزي كان يكشف للصباغ مخططات بريطانيا في العراق . عندما اندفع هادي العلوي في مواقفه المضادة للحركة القومية العربية ، متهما اياها بانها صناعة بريطانية بشهادة ابيه . اضطررت لكشف حقيقة الاسباب الكامنة خلف التوجهات الشعوبية عند الاثنين ، فكتبت مقالا للرد على هادي بنفس الجريدة التي نشرت مقالة هادي ، " البديل الاسلامي " الصادرة بتاريخ 1 /10 /1987 . وذكرت القصة بالتفصيل في كتابي " ساطع الحصري والخطاب الطائفي الجديد " . وكما ذكرت في الجزء الثاني من هذه الدراسة استجاب هادي لمقالتي وغير لقبه من العلوي الى البغدادي طيلة فترة حياته حتى وفاته . ان حسن عليوي هندش ، وامام اكثر من 45 من رجال الدين والعراقيين المقيمين في سوريا قبل الاحتلال ، كشف هويته الحقيقية عندما ذهب لمنزل الحاج رضا الاسدي في المزة ليعلن توبته الشيعية الاولى في شتاء عام 1983 ، وقف في باب الديوان ليقول باعلى صوته " انا السيد حسن بن السيد عليوي العلوي ، كنت من سرسرية صدام ، فهل لي عندكم من توبة " ( احمد السماوي ، سيرة سرسري ، منتديات ياعراق في 13 /5/2010) . كيف ولماذا اصبح عليوي هندش المنتحل لقب العلوي هو نفسه السيد نوري السيد خلف ..!؟ تلك هي هلاوس الدونية عند مفكري الاحتلال ، وكتابه ، كل شئ جائز . البلد لاحكومة فيه ولا سلطة ، وتزوير الهويات والاوراق تطور اتقانها مع تطور استخدام اجهزة الكومبيوتر . تشترك عائلة حسن في سكن اخواله ،مع خالته الاخرى وزوجها - صياد السمك - حسون العيسى (عبد الكريم قاسم ، ص : 20 ) . اي ان البيت كان يضم مجموعة عوائل . وهو بيت طيني صغير، كما يؤشر حسن لذلك(عمر والتشيع 15-18 ) ، يفتقر لابسط الخدمات الصحية المطلوبة في المنزل حتى العادي ، فهو منزل بلا حمام حتى تاريخ 14 تموز 1958 ، سنة تخرج حسن من الكلية (عبد الكريم قاسم ، ص :18 ) ورغم ان حسن ، وبهدف التشهير بسلطة البعث ، ذكر من جملة الاحداث التي اعتبرها ادانة للسلطة في كتابه دولة الاستعارة القومية ، هو مصادرتها لبعض البيوت في منطقة كرادة مريم ، وذكر اسماء 13 شخص من ملاكي الدور (ص : 109-110) ، لم يورد ذكرا لمنزل يعود لحسن او اقربائه ،فقط يؤشر الى ان الاجلاء شمل عائلة عدنان الحمداني ، وهو ما يزال وزيرا للتخطيط ، اي لاشك انه استلم التعويض باعتباره هو لاعائلة حسن ، اصحاب الملك الحقيقين . ان حسن الذي يدعي انه هو الذي بنى وشكل المعارضة لنظام البعث ، ما كان يمكن ان يفوت حادثة كهذه لينسبها او يضيفها لبطولاته الوهمية في مواجهة النظام . يتساءل في كتابه شيعة العراق ، ص : 236 : "فهذا الذي اغتصب قصور الجادرية ..لم لا يضيف لتلك القصور دار السيد خلف " . سواء كان حسن يقصد نظام الاحتلال او نظام البعث ، السؤال نفسه يوجه له لماذا لم تذكر ذلك قبل 2009 ، وقد نصبت نفسك مدافعا عن اصحاب القصور المصادرة ، منذ عام 1993 في كتابك دولة الاستعارة القومية . كل شئ جائز في هلاوس الدونية ، وقد غدى كل مافي البلد عرضة للنهب والاغتصاب . بعد الاحتلال بستة سنوات فقط ، ولاول مرة ، بدأ حسن عليوي هندش يصرح بانه ابن السيد نوري السيد خلف .ملاك بساتين الكرادة- الزوية ( عمر والتشيع ، ص :18 ) . مالذي يجعل ابن فقيه الكرادة ، الماسك بعصاه كما هو الخليفة عمر ليمنع ماهو ضد الذوق وضد الشرع، ومالك بساتينها ، ان يرتضي السكن كجعيدة ..!؟ وكيف يتحول حسن عليوي هندش بقدرة قادر الى ابن السيد نوري ملاك الكرادة . فكتابه عن عبد الكريم قاسم الذي تكلم به عن عائلته واحوالها صدر في 1983 ،كما ان كتابه بقية صوت الذي يوصف فيه فقر حال عائلته صدر في عام 2000 ، تكلم فيه ايضا عن فقر حال عائلته ولم يؤشر الى انه من عائلة ملاكي الاراضي ، لكنه فجأة تحول الى ابن ملاك بساتين الكرادة في كتابه " عمر والتشيع " الصادر في2007 ، ذكر ذلك كمجرد تلميح او اشارة الى املاك جده التي لم تمنع على مايبدو من ان يعيش ابوه عند انسباءه . ثم في " شيعة السلطة وشيعة الحكم " الصادر في عام 2009 ، اصبح الموضوع قضية حق يطالب بها . انه حقه في املاك الجادرية هذه المرة . لماذا سكت كل هذه المدة التي تقارب الستة سنوات عن هذا الحق ،وهو كما يقول في كتابه العراق الاميركي كان من اوائل من دخلوا العراق على ظهر الدبابة الاميركية . ان هذه الاملاك التي يدعي حسن انها ملك ابيه وجده ، مؤشر عليها في السجلات العقارية انها تعود السيد نوري الذي مات دون ان يخلف احد ، فغدت من املاك الدولة . لكن حسن اتهم جميع من في سلطة الاحتلال بالتزوير . ليس غريبا ان يستخدم دونيا مثل حسن ميكانزيم الاسقاط السيكولوجي فيتهم الاخرين بالتزوير ، فهو كغيره من لصوص الاحتلال الذي سرقوا اموال الدولة ، يريد حصته منهم . ليس هناك من تفسير غير ما فضح حسن به نفسه في كتاب شيعة العراق ، يبدو انه اراد ان يستغل غياب السلطة والدولة في العراق ، وقد خرج من المولد بلا حمص ولا حتى سفارة ، ليسرق تركات رجل مات ولم يخلف ولدا ، كما تؤشر ذلك سجلات السجل العقاري في المنطقة .وليس هناك ما هو اسهل من استخراج هويات شخصية باسماء مزورة جديدة في العراق الجديد . وهو يعرف هشاشة الموقف الاخلاقي للمسؤولين في سلطة الاحتلال ، وعرف كيف يبتزهم ، اما ان يدخلوه كشريك ، ويعطوه حصة مما يسرقون او يشهر بهم ، وما اكثر الثغرات الاخلاقية التي بامكانه ان ينفذ منها . يبدو ان عضوية البرلمان كانت الثمن لان يلجم فمه ويسكت . ما لم ينتبه له الكثيرون له هو غياب حسن عيوي هندش عن جلسة افتتاح ما يسمى بالبرلمان الجديد ، مع العلم انه يجب ان يكون رئيس الجلسة بحكم السن . وتلك مناسبة لايمكن لحسن ان يفوتها ولو حملوه على نقالة ، ليس بسبب وعكة صحية كما اشيع ، بل لان البعض اصر على ان يحضر حسن للبرلمان بهويته الحقيقية ، واسمه الحقيقي حسن عليوي العلوي . واذاعت القناة العراقية الرسمية خبر الاقتتاح في نشرتها المسائية، مشيرة الى ان الجلسة سيفتتحها النائب حسن عليوي العلوي ، بهذا الاسم بالضبط . فهرب حسن كي لايضطر لكشف تزويره . تلكم هي الاسباب الحقيقية لغياب المفكر الكبير ، والسياسي المخضرم . ان هذا ليست المرة الاولى التي يتجرأ بها هذا النصاب على سرقة اموال الغير . ففي عام 1966 سبق ان حاول سرقة منزلين من امراة عراقية من ال مظلوم كانت مقيمة في سوريا ، ثم التحقت بزوجها للعيش في هولندا ، كانت على علاقة باحدى زوجات حسن ، استغل حسن هذه العلاقة ليطلب منها استئجار الشقة الكائنة في منطقة الزاهرة لمدة شهر واحد فقط لاستضافة اخت زوجته القادمة لزيارة قصيرة . الا انه استغفل المراة واستغل ثقتها ليحول العقد الى عقد دائم حيث لايحق للمؤجر اخراج المستاجر ، وان عاش عشرات السنين ، كما لايحق له رفع قيمة الايجار مهما تغيرت الاحوال الاقتصادية في البلد . اما شقة نفس السيدة في شتورا بلبنان ، وكانت المراة قد تركت مفتاحها عند شقيق زوجها ، المسجل في جامعة شتورا مما يفرض عليه التحرك بين لبنان وسوريا برفقة احد اصحاب السيارات التي تحمل مهمة خاصة كانت السلطات السورية المختصة تقدمها لبعض العراقيين لتسهيل سفرهم للبنان متجاوزين نقاط التفتيش على الحدود .تبرع حسن في احدى المرات بايصال الشاب المذكور الى لبنان ، وبات معه في الشقة ، وعرف ان الشقة وبسبب ظروف الحرب لم تسجل في السجل العقاري ، اشترتها المراة بعقد خاص مع المالك الاصلي. بعد ايام تحايل حسن على الشاب لياخذ منه المفتاح دون ان ياخذه معه بحجة انه ذاهب بمهمة خاص مع اشخاص اخرين لايريدون ان يراهم احد بعدها بدأ حسن يتهرب من اخذ الشاب الى لبنان . وعندما تمكن الشاب من السفر مع شخص اخر اكتشف ان حسن قد غير القفل .وذهب الى مالك الشقة الاول مع شخصين مهددا بانهما شهود على انه اشترى الشقة من السيدة الغائبة، وان الشاهدان هم ممن يعمل في احد اجهزة المخابرات ، ويمكن ان يؤذوه لو امتنع عن توقيع عقد بيع جديد باسمه عندما جاءت السيدة الى سوريا لتسوية الامر ، واستعادة شقتيها ، هددها النصاب حسن بانه سيخبر السلطات الامنية ضدها بانها مرسلة من قبل المخابرات العراقية لتشويه سمعته ، وعبثا حاولت السيدة الاستنجاد بوجوه الجالية العراقية لاخذ حقها منه الا ان الجميع اعتذر بان هكذا نصاب لاينفع معه الكلام ، الى ان تدخل اخوه هادي مصرا وضاغطا عليه ان يعيد للمراة املاكها ، ولم يوافق حسن على ذلك الا بعد ان دفعت المراة مبلغ خمسة الاف دولار ادعى انه صرفها لتحسين شقى لبنان ودهنها . (تفاصيل القصة في : موسى الحسيني ، ساطع الحصري والخطاب الطائفي الجديد ، ص : 161 ) ان هذا الحسن عندما يتكلم عن المفكر العربي ساطع الحصري يقول " ان سيكولوجيته لاتدل على نفس كبيرة او مترفعة " مع ان الحصري معروف باستقامته الاخلاقية ، عاش من كده الخاص ، ومن واردات كتبه ، ومات لايملك حتى منزلا خاص به ، وهو من كان مديرا عاما للتعليم في الدولة العثمانية ووزيرا للمعارف في الدولة العربية في الشام ، ومدير معارف المملكة العراقية ثم مدير عام مديرية الاثار العامة العراقية . تلك هي سيكولوجية النصاب ، عند الحديث على كرام الناس يتهمهم بعدم الاستقامة والصغر ليوحي انه كبير النفس مترفع عن الصغائر ، كجزء من شباكه لصيد الضحايا ان النصب والاحتيال عند حسن هو منهج عيش وسيرة حياة ، رافقته منذ الصغر ، فهو يذكر في كتابه عن عبد الكريم قاسم ، ص : 57 ، كيف انه وواحد من ابناء اخواله كانوا يستغلون حالة الرعب التي نشرها الشيوعيون في الشارع ، من قتل وسحل بالحبال ، فكان حسن وقريبه يضعون رمز حمامة السلام على صدورهم ويذهبون الى مطعم تاجران لتهديد صاحب المطعم وتخويفه بتسميعه شعارات شيوعية بهدف ابتزازه واكل وجبة غداء او عشاء مجانا . كان ذلك عام 1958-1959 ، وقتها ، كان حسن قد تخرج من الكلية وتم تعينه مدرسا للغة العربية وهو بعمر بين ال23 -24 سنة ، ووجبة الطعام في حينها لاتساوي الا مبلغا تافها بالنسبة لراتب مدرس اذ لاتتجاوز قيمتها 90-120 فلسا على اكثر تقدير . اي نفس دنيئة هذه ..!؟ ان ذكر حسن لهذه الواقعة تعني ان الرجل مريض فعلا ولا يمتلك القدرة على اخفاء عيوبه التي ربما اعتبرها محاسن ، وشطارة . وتلك احد خصائص النصب عندما يغدو مرضا . فالقصة تؤشر على مدى هشاشة وتشوه ما يعرف ب "الانا الاعلى " بمدرسة التحليل النفسي . وكما ذكرنا في اعلاه ان النصاب يفتقد لمنظومة الاحساس بالذنب . من كتب حسن واحاديثه يكتشف الانسان ان النصب والاحتيال كان نمطا تربويا تعلمه حسن من ابيه ، فهو عندما يتكلم عن حركة الاعمار التي بدات في منطقتهم في منتصف الخمسينات من القرن الماضي، وابوه ممن كانوا يشتغلوا كعامل بناء ( قال عنه معمار متخصص ببناء البيوت الحديثة ) . كان هذا المعمار المتخصص ينصب على ابنه حسن ، يقول حسن " كلفني ابي برش الماء على اسس البناء صباحا ومساء، مقابل اجر لم استلمه بعد انتهاء ايام العيد الثلاثة ، فخسرت العيد وربع الدينار الموعود به "( عبد الكريم قاسم ، ص : 10 ) . كان ذلك في الاعوام بين 1955-1957 ، يعني ان حسن كان طالبا في الكلية في عامه الثالث او الرابع، ومع ذلك فهو لايستطيع ان يحصل من ابيه حتى على ربع الدينار – وهو ثمن ليس بالكبير- حتى في ايام العيد رغم انه اجر مقابل عمل شاق نسبيا ، وليس عيديه من اب فاضل لابنه في ايام العيد التي لايبخل بها حتى الفقير على ابنه ، فالدناءه وليس الفقر هي ما منع الاب ان يحرم ابنه من العيد والاجر معا ، والا حتى في القرى والمدن الصغيرة يضطر الاب لبيع شيئا من ماشيته او يقترض ليعطي العيدية لابناءه . الجزء الاخير سنناقش ونعرض فيه عمليات النصب والاحتيال التي مارسها حسن عليوي هندش على الحكومات العربية ، والخليجية خاصة . د . موسى الحسيني