حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    جدّة الظاهري    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدونية بجلباب المفكر .. الشعوبي حسن العلوي نموذجا
نشر في شرق يوم 22 - 12 - 2010

ليس المقصود باستخدام مفردة الدونية شتم المفكر الكبير حسن عليوي هندش المتسمي بحسن العلوي . نستخدم الدونية هنا لتوصيف عقدة النقص التي يعاني منها بشكل حاد هذا المفكر المبدع ، فهي مصطلح علمي قدمه الطبيب النفسي النمساوي ،الفريد ادلر في كتابه " الدونية العضوية و تعويضاتها السايكولوجية" عام 1917 ، وتابع دراساته عنها في كتاباته اللاحقه وهي عقدة لاشعورية تصيب بعض الاشخاص وتنشا معهم منذ الطفولة ، وتضغط نفسيا على مشاعر الفرد الذي يستجيب لاشعوريا بالبحث عن تعويضات او ميكانزيمات لاشعورية للتخفيف من ضغوطاتها على مشاعره . من امثلة هذه المظاهر التعويضية ، التباهي المضخم ،والادعاءات الكاذبة والقصص الوهمية عن قدرات الشخص المبالغ بها ، التي ينحو من خلالها الى اعطاء نفسه صورة الشخصية الجبارة ، العظيمة ، المميزة . عندما تتضخم هذه العقدة عادة عند التعرض لاحباطات كبيرة ، ما يجعل الفرد يضخم بشكل مبالغ به قصصه ورواياته عن عظمته وقدراته ،وتتصاعد معه مشاعر الاحساس بالدونية وهذيانات العظمة المزعومة الى حد الاصابة بالبانورايا . والمعروف ان البارونويا تاتي بشكل هجمات حادة . كما هو واضح في كتابي المفكر حسن عليوي هندش، الاخيرين : العراق الاميركي ، وشيعة العراق وشيعة السلطة .
نقول عقدة ، وعادة لاشعورية ، ولايقوى المريض على السيطرة عليها ، الا ان بعض المصابين قد يتمكن من ادراك عوامل نقصه ، فيعمل بشكل سوي في قبولها ، ويبحث عن وسائل عقلانية للتعويض عنها . فالمريض متى ما عرف طبيعة عقدته ، واسبابها تتحول العقدة الى حالة شعورية وتصبح مشكلة عادية يمكن حلها بالتفكير السليم وتفريغ شحناتها الضاغطة .
ومن يقرا كتب المفكر الدعي حسن العلوي سيكتشف فيها بسهولة ووضوح ، حالة ضاغطة ومضخمة من الشعور الحاد بالدونية ، تستفحل عقدته هذه عندما يتعرض للاحباط ، كما هو فشله في ان يصبح سفير العراق في سوريا ، فتتخذ مظاهر المرض النفسي المعروف بالبانورايا . تلك هي حالة الدوني ، اي المصاب بعقدة الشعور بالدونية .
اما المفكر ، يعني مبدع ، صانع للافكار ، والرؤى والنظريات المميزة ،هو من يستخدم قدراته العقلية والمعرفية ، وفقا لمنهج معين من مناهج البحث العلمي ليصل لتصور او تحليل او رؤية لتفسير ظاهرة ، او لعلاقة غامضة بين ظاهرتين او مجموعة من الظواهر الاجتماعية او الادبية اوالتاريخية وغيرها من حقول المعرفة ، بحيث يمكن استخدام هذه الفكَر او التفسيرات او التحليلات في بعض الاحيان ، كثوابت معيارية لقياس او تفسير ظاهرات اوعلل مشابهة في الحياة ، او في احدى مجالات المعرفة المحددة.
عندما يكتب حسين مروة كتابه النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية ، تختلف معه او تتفق ، الا انك تجد نفسك امام جهد ممنهج ، خاضع لشروط البحث العلمي مع امانة في النقل .لايمكنك تجاوزه في قراءاتك التالية للعقل العربي ، ولمختلف الاحداث التاريخية الاخرى. كذلك. الحال مع محمد عابد الجابري ، وهويوصف بنية العقل العقل العربي ، ويحفر في اعماقها ليكشف انها قائمة على اساس البيان والعرفان والبرهان ، تشعر انك امام راي ونظرية تعيد تفكيرك بكل ما هو شائع من مفاهيم عن العقل العربي .حتى عندما تقرأ نقد جورج طرابيشي له ، لا تمتلك الا ان تحترم الناقد والمنتقد ، وتشعر ان كل منهم اضاف لعقلك معرفة مميزة . وعندما كتب علي الوردي كتبه وفقا لمنهج اراد ان يوضح به تداخل المفاهيم الثقافية العربية في حالتها النكوصية التي غلبت على السلوك والتركيبة السيكولوجية في العراق بتاثير ما فرضته الدولة العثمانية ، تلك المفاهيم التي ما زالت تتمسك بالقيم العربية القديمة من عشائرية ، او بدوية ، في مواجهة قيم الاحتلال بما يمثله من قوة حديثة وعصرية في نظرتها للحرب والاحتلال ، والمصالح القومية ، والعلاقات الدولية ، في حين تختلط المفاهيم الفردية والعشائرية والدينية المؤطرة باطار رجعي ومتخلف ، عند الفرد العراقي باستثناء نخبة صغيرة جدا بالنسبة للحجم السكاني ، فالامية كانت الصفة السائدة في المجتمع .لنفهم من كل ذلك لماذا لم تحقق ثورة العشرين اهدافها . والموقف الاجتماعي من حركة التاريخ والحضارة في طبيعة المجتمع العراق او لنفهم لماذا تباطئ التطور والنمو في العراق حتى بعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة ، ما هو دور النخب وما هو موقفها من عملية التغير الاجتماعي ، وغيرذلك من الامور ، لنتعلم كيف يمكن ان نستفيد من مناهج علم الاجتماع في فهم الاحداث السياسية .فانت تحتاج علي الوردي لقراءة تاريخ العراق قراءة موضوعية من منظور اجتماعي – ثقافي .اما الحسني كان مؤرخا حياديا ، يسجل الحدث دون التدخل في تفسيره .يقدمه كما هو ، وكما حصل دون التدخل في في البحث بتفاصيل اسبابه الاجتماعية – الثقافية ، فهو مؤرخ بكل معنى الكلمة ،يستحق اللقب بجدارة ، لكن لا نستطيع ان نوصفه كمفكر ، مثلا.
كذلك بقية المفكرين والكتاب الموضوعين العرب والعراقيين ، من امثال ساطع الحصري ، طه حسين ، الطيب تيزيني ، برهان غليون ، صادق جلال العظم ،ابو يعرب المرزوقي ، حسن حنفي ، محمد اركون ، محمد عادل العوا ، جورج جبور ، وحنا بطاطو وغيرهم الكثيرين من المفكرين العرب ، الذين يشعر الانسان باختلافات وفروق في تفكيره قبل وبعد قرائتهم .
اذا سمح احدا لنفسه ان يسمي حسن ابن عليوي هندش ، بالمفكر . مع كل تخريصاته وهذياناته البعيدة كل البعد عن الفكَر الناضجة . ترى ماذا سنسمي هؤلاء المفكرين والعلماء العرب ، علينا ان نبحث عن دلالات او تعريفات اخرى لتوصيفهم . لان استخدام تعريف مفكر لحسن العلوي هو حط وانحطاط بالفكر ، وشتيمة وتبخيس بحق المفكرين العرب .
لاشك ان من يوصف حسن بهذا التعريف ، اما ان يكون منافق مثله ، او جاهل ، او من انصاف المثقفين . هذا الذي يقرأ باحكام مسبقة ، مستفيدا من قابلية القراءة والحفظ ، دون ان يستخدم قدراته العقلية الاخرى ، يحلل ما يقرأ مثلا، يفحص المصادر ، يعرض ما يقرأه على اساسيات البحث العلمي ، يبحث عن ، يتفحص صدق الرواية ، داخليا ، وظاهريا ، يقارنها بسياقات السلوك العام لاشخاصها ، وضمن اطار المرحلة التاريخية التي حصلت بها ،كي يعطي لنفسه الحق او يمتلك القدرة على تقيم غيره من الكتاب ، ما اذا كانوا مفكرين ، او باحثين موضوعيين ، او مجرد كتاب استخدموا قدرتهم على الكتابة ، لعرض موضوع او الدعوة لترجيح ، او نقد فكرة ما . لذلك فان بعض انصاف المثقفين الذين اعتمدوا في طرح موضوع الطائفية في العراق مستشهدين بحسن العلوي ، هم من هذا النموذج من انصاف المثقفين امثال الكاتب باسم وهمي دكتور سعيد السامرائي او الدكتور عبد الخالق حسين ،قد يكون هناك بعض المثقفين والمفكرين الذين لايشك احدا بقدراتهم العلمية ، الا انهم متمسكين بمنهج شعوبي ، صهيوني معادي للعرب والعروبة ، كما هو الاستاذ سمير النقاش في كتابه عن شيعة العراق . لااحد يستطيع ان يشكك بعلمية الباحث سمير النقاش ، وانا متاكد من انه يعرف مدى كذب وتزوير حسن عليوي هندش في كتابه " الشيعة والدولة القومية " لكن سمير النقاش ، وهو يهودي عراقي الاصل ، هاجر برفقة اهله الى فلسطين المحتلة منذ اوائل الخمسينات . وكتب كتابه عن الشيعة لاحبا بهم ، ولارغبة في البحث عن الحقيقة ، لكن ضمن برنامج معد مسبقا للترويج لمشروع شارون – ايتان بضرورة تقسيم الدول العربية الكبيرة لدول صغيرة .كي يروج لموضوعة : مظلومية الشيعة " ، طبعا ليس تعاطفا انسانيا مع الشيعة ، بل هي وظيفة مكلف بها ليخدم مؤسسات الصهيونية العالمية التي ظلت تامل ان يتصاعد الخلاف الشيعي –السني الى حد الذبح . وعندما لايجد سمير النقاش مادة يمكن ان تدعم مزاعمه يلجأ عادة لامثال حسن عليوي هندش ، وهو يعرف جيدا انها مبنية على الزيف والبهتان . ذلك ما يعطيه العذر عند المحاججة او النقد ، سيدعي عندها بانه خدع و لم يلتفت الى ان احدا يمتلك هذه القدرة على التزييف .
اما الكاتب الدكتور عبد الخالق حسين ، في كتابته عن ساطع الحصري ، انا متاكد واراهن بقوة وثقة انه كتب ، واعطى رأياً بساطع الحصري معتمدا على كل من حسن العلوي ، والاسم الوهمي د . سعيد السامرائي ، دون العودة لاي من كتب ساطع الحصري التي ذكرها في اخر ما كتب كمصادر . كما انه لم يقرأ حتى كتاب كليفلاند ولا كتاب المستشرقة الروسية تيخونوفا .وان قرءهما فبعجالة قارئ الصحيفة لا بعقلية الدكتور ، وافترض ان جميع حاملي شهادة الدكتوراة يمتلكون المعرفة باصول البحث العلمي ، وسوف لن تعوزهم القدرة على اكتشاف التزييف والبهتان بكتابات حسن عليوي هندش .
ان كل ما كتبه د . عبد الخالق حسين عن ساطع الحصري اعتمد فيه على حسن ، وعلى سعيد السامرائي . وسعيد السامرائي اعتمد هو الاخر كليا في كتابه عن الطائفية في العراق على كتاب " الشيعة والدولة القومية" حتى ليشك القارئ احيانا ان سعيد السامرائي ليس هو الا حسن العلوي متنكرا .
لذلك اتمنى على الدكتور عبد الخالق ان يعيد قرائته لساطع الحصري، وبالعودة لكتابات الاستاذ ساطع الحصري نفسه ، لا ما قيل عنه . بعدها سنحترم كتاباته في اي نتائج يتوصل لها ان سلبا او ايجابا بحق المفكر القومي الاستاذ الكبير ساطع الحصري.وانا مستعد لتزويده بالمصادر المطلوبة بما فيها مذكرات الاستاذ ساطع الحصري ، وكتاب تيخونوفا ، وكليفلاند ، اذا تعهد كتابة باعادتها بعد فترة محددة اما الكتابة بهذا الشكل لاامتلك الا ان اقول عنه ليس الا كاتب ، او نصف مثقف .
لاشك ان انصاف المثقفين هؤلاء او الكتاب المحكومين بالاحكام المسبقة هم احد اسباب تضخم الاحساس بالدونية عند حسن ، فسيكولوجيا الدوني تجعله يفكر انهم يسخرون باعماقهم منه ، فهو يعرف نفسه اكثر منهم ، وهو يعرف انهم لايمكن ان يكونوا بمثل هذه السذاجة الى الحد الذي يتقبلون به هلاوسه وتخريصاته بهذه السهولة .
وعندما يعتقد انهم فعلا انخدعوا او صدقوا هلاوسه ،فهذا يعزز به الميكانزيمات الدفاعية اللاشعورية التي تدفعه اكثر فاكثر لتضخيم اكاذيبه وهلاوسه .
ان الربط بين ساطع الحصري والطائفية هو ربط شعوبي خبيث ، الغاية منه هو الربط بالايحاء بين المذاهب السنية و الحركة القومية العربية ، للوصول منها لنزع الهوية العربية من التشيع والشيعة العرب .
او ما يسميه حسن العلوي ، بتعجيم الشيعة او ترحيلهم من العروبة والهوية العربية ، التي لم يقل بها احداً غيره . سوى رواية نقلها عن اخيه عادي العلوي عن الدكتور عيسى سلمان ، كذبها مباشرة هادي العلوي في مجلة الحرية عدد 8 أب 1989 .
اي شعوبية حاقدة هذه التي تريد ان ترحل مئات العشائر العربية الى الفارسية ، واي خدمة تحلم بها ايران اكثر من ذلك ، انها كافية لان تنعش شارون من غيبوبته لو سمع ذلك .
عندما يختزل هذا الشعوبي الملتصق زورا بلقب العلوي تاريخ العراق بما سماه الصراع السني – الشيعي . وكل سني هو قومي عربي ، وان الحركة القومية العربية ما تشكلت الا كتعبير عن التعصب الطائفي عند سنة العراق من اجل انكار هوية الشيعة العرب ، وترحيلهم عن العروبة . .
كيف يمكن ان نفسر اذا ما ذكره د . فخري قدوري عن اول اجتماع جرى في منزله لانتخاب اول قيادة قطرية لحزب البعث فكان من بين اعضائها خمسة من سبعة من الشيعة . فؤاد الركابي ، وعبد الله الركابي ، تحسين معلة ،علي صالح السعدي ، شمس الدين كاظم ( هكذا عرفت البكر وصدام ، ص : 28 ) ، اكد الاستاذ فؤاد الركابي صحة ودقة الرواية .
كما كان هناك ستة من ثمانية من اعضاء القيادة القطرية التي قادت حركة 8 شباط ، هم من الشيعة العرب .( بطاطو ، الكتاب الثالث ، ص : 284 ).
حتى البعث بعهده الثاني بعد حركة 17 تموز 1968 ، ورغم كل الدعاوي الطائفية ، والاتهامات شارك الشيعة العرب في الحكم ووصلواالى اعلى المناصب ، كرئاسة الوزراء ، ووزارة الدفاع ، ورئاسة اركان الجيش ، والقيادة القطرية ، وباختصار كان " اكثر من ستين بالمائة من البعثيين هم من الشيعة وكان الكادر الوسطي في البعث يتألف من اكثر من سبعين بالمائة من الشيعة وهم اساس بنية الحزب التنظيمية والتكوينية وهم من تولى العمل الجماهيري والتتنظيمي فيه " (محمد البغدادي ، اكاذيب مظلومية الشيعة ، شبكة البصرة ،25/3/2005 )
كيف نفهم قبول القوميين من السنة العرب بقاء مهدي كبة كرئيس لحزب الاستقلال منذ اوائل الاربعينات وحتى حل الحزب .ان كل من حامد الجبوري ، احمد الحبوبي ، وهاشم علي محسن ، وغيرهم من اوائل المؤسسين لحركة القوميين العرب في العراق كانوا من الشيعة.
كيف نفهم مساهمة شيوخ القبائل العربية الشيعية في قيادة الحركة القومية العربية ممن عرفوا بجماعة الصليخ ، امثال الحاج عبد الواحد سكر ، ونور الياسري ومحسن ابو طبيخ وغيرهم ، ممن تحرك بقبائله من اجل اسقاط حكومة جميل المدفعي ، وفرض ياسين الهاشمي كرئيس وزراء جديد على القصر الملكي . وتدخل محسن ابو طبيخ لاختيار الوزراء الجدد في وزارة الهاشمي ( الحسني ، الجزء الرابع خاصة الصفحات من 60- 82 ) .
في الجانب الاخر ، كيف نفسر وفقا لنظرية المفكر الكبير حسن عليوي هندش ،استجابة مشايخ القبائل السنية في الرمادي –زوبع ، البومحيي ، الجنابات - لدعوة المجتهد الشيعي محمد ميرزا الشيرازي للمشاركة في ثورة العشرين ، واندفاع الشيخ ضاري المحمود الزوبعي لقتال البريطانيين الى الحد الذي اضطر ابنه الشيخ سلمان الى قتل القائد البريطاني ليجمان .( علي الوردي ، ج5 ، القسم الثاني ،ص :67-71 ) ، في حين وقف بعض شيوخ العشائر الشيعية في الجنوب ضد الثورة الشيخ خيون ال عبيد مثالا .
تظل بلا تفسير ايضا ، ظاهرة اندفاع مشايخ ووجوه السنة في الموصل وتكريت وبغداد لتاييد الشيخ مهدي الخالصي في دعوته لعقد مؤتمر في كربلاء للمطالبة بانهاء الاحتلال ، وتشكيل جيش عراقي مستقل ، كرد فعل على الهجوم الوهابي على مدينة الناصرية في عام 1922( الوردي ،ج6 ، ص:133 -1149 و الحسني ، ج1 ، ص:63-67) . مقابل الكثير من مشايخ العشائر الشيعة تنادوا لعقد مؤتمر مضاد في الحلة للمطالبة ببقاء الاحتلال ، والتخلي عن فكرة تشكيل جيش عراقي ، والاعتماد على حماية بريطانيا العظمى(نفس الصدر ، ص: 149-192) .
تعايش الشيعة والسنة وبقية العراقيين من ابناء الاديان الاخرى على مر العهود في الدولة العراقية الحديثة ، كمواطنين .تزاوجوا ، وتشاركوا في الاعمال والتجارة دون حساب للانتماء الطائفي او الديني . كما هي توجهاتهم السياسية كانت تخضع لقناعاتهم دون اي اعتبار مذهبي او ديني .توزعوا على الاحزاب والحركات السياسية يمين ويسار ، فبين الشيوعيين كما بين البعثيين والقوميين العرب كان هناك اعضاء قيادات واعضاء عاديين من مختلف التلاوين المذهبية ، قد لايعرف العضو حتى انتماء الاخرين الذين يعملون معه في نفس الخلية الحزبية .
قدم الحزب الاسلامي طلب اجازة للعمل العلني في زمن عبد الكريم قاسم على ان محسن الحكيم هو الراعي او المرشد ، والى عهد قريب جدا حتى ثمانينات القرن الماضي كان حزب الدعوة يدعي ان هناك على الاقل عضوين من قيادته من ابناء الطائفة السنية .
ان البحث العلمي يؤشر الى ان سبب المظلومية اذا كانت هناك مظلومية حقا ، هم مجتهدي الشيعة الذين كانوا بالغالب ايرانيين ، فقالوا بتحريم المدارس الحكومية ، كما هو تحريم العمل في وظائف الدولة العراقية ، بهدف عزل الشيعة العرب عن دولتهم ، حتى اضطرت الحكومات العراقية المختلفة في العهد الملكي الى التوسل ببعض الشيعة للمشاركة في تشكيل الوزارات . وتوزير الجاهل والامي الذي تعلم القراءة والكتابة فقط في تكايا الملالي . كما حصل مع عبد المهدي المنتفكي ، ومحسن ابو المحاسن . واول شيعي حصل على شهادة الحقوق صالح جبر ، عين محافظا للبصرة ثم رئيس وزراء . واول عراقي حصل على الدكتوراة فاضل الجمالي عين وزيرا ، عدة مرات ، ثم رئيسا للوزارة .
عن وزراء المعارف الاميين ، تحدث ساطع الحصري في مذكراته ، يشكوا معاناته معهم ليس لانهم شيعة بل لانهم متخلفين ، يريدوا ان يحولوا ديوان الوزارة الى مضيف خاص . يجمع عبد المهدي المنتفكي موظفي الوزارة لمدة اكثر من اربع ساعات ليناقشهم عن رايهم في تغير قطع التعريف التي توضع على باب كل غرفة ( الارمات ) ، هل يجب ان تكون من الحديد او من الخشب ، بعد ساعتين من الحوار الجاد جدا ، صارت القناعة ان تكون خشبية فطرح الوزير مشكلة اخرى ، هل يجب ان تكون ارضية الكتابة بالاسود والكتابة بالابيض ، او العكس او الافضل ان يكون طلاء الارضية بالاخضر .
ان ساطع الحصري ، المربي الاول في الدولة العثمانية ، وصاحب النظريات المعروفة في التربية ، ومدير معارف الدولة العلية العثمانية ، ثم وزير معارف اول دولة عربية حديثة قامت في سورية في 1918 . لاشك يعرف قيمة الزمن ، ويؤلمه هدر الوقت بهكذا تفاهات ، ، ويتعطل عمل موظفي ديوان الوزارة بامثال هكذا ترهات .
فالخلاف بينه وبين الوزير عبد المهدي لايمكن ان يحسب بحسابات طائفية بل بحسابات النزاع على الصلاحيات بين وزير متخلف ومدير عام ، حاصل على شهادات جامعية في وقته ، وله نظريات ، ووجهات نظر علمية في التربية .
الا ان ساطع الحصري يجب ان يكون طائفيا في المشروع الشعوبي التقسيمي ، والافمن الصعب ربط الحركة القومية العربية ، ثم العروبة بالسنة من عرب العراق ، وتجريد الشيعة من عروبتهم . ولو لم يكن ساطع الحصري موجودا ، كان يمكن ان يخلقوا رمزا حتى ولو خياليا ، ليعطوه ما نعتوا ساطع الحصري به من نعوت واتهامات بالطائفية .
بعد ان حددنا الاطار النظري لمحاكمة هذا الدوني المتلبس بجلباب المفكر ، سننتقل في الفصل القادم لمناقشة كتبه ، كمادة للبحث ، بغية الوصول الى نتائج موضوعية للفرضيات التي ححدناها في هذا الفصل وما قبله .
الفصل القادم : هلاوس دونية ..كتابات حسن العلوي نموذجا
د . موسى الحسيني
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.