في مؤتمر القمة العربية الأخير والذي انعقد في سرت جوار طرابلس الغرب والغربة ، وكعادة العرب المجتمعين حول مائدة فلسطين ، جرى تلاسن وتراشق بالكلمات والجمل والتعابير ، بين جموع المؤيدين بصدق للقضية الفلسطينية والداعمين بسخاء لشعبها وقيادته الشرعية ، وبين دول معسكر المناورة مع إسرائيل والغرب ، المخادعة لشعوبها وأمتها وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ، والممانعة بكل قوتها للحق الفلسطيني والمتشكل من دول متضاربة المصالح عربية وإقليمية ، كلها تريد الهروب للأمام من مشاكلها مع شعوبها ، أو تخطط للخلاص من حكمها بعد إرهاقها وإخراجها من التفاعل الدولي كما هي حال حركة الإخوان المسلمين وعلاقتها غير المبدئية التكتيكية مع كل من سوريا وليبيا وإيران . فكل هذه الدول والجماعات المشكّلة لما يسمى بدول الممانعة تريد مقاتلة الشيطان الأكبر ( أمريكيا ) لفظيا ، والذي يغازلونه لمشاركته بإدارة العالم وليكونوا العصا الغليظة التي تقصم ظهر الشعب العربي وتأدبه وتلغي طموحه ، كما حصل بموقفهم ضد العلم والعلماء العراقيين بوقوفهم إلى جانب الغرب بصراعه مع النظام العراقي مثلا ، الذي قصف إسرائيل بالصواريخ مع أنه لا توجد له أرض محتلة كالجولان وشبعا مثلا ، أو بتخلي ليبيا بإرادتها عن علمها وعلمائها ، وقد قويت هذه الرغبة لديهم بعد نجاح تجربة القتل والدمار التي نفذتها عبدتهم ووليدتهم حركة حماس في غزة بأوامر من ربّتها جماعة الإخوان ومن سيدتهم إيران ، بعد تلحف كل هذه الأطراف بالقضية الفلسطينية ، كما ويرغبون بمقاتلة الشيطان الأصغر ( إسرائيل ) بعد لبس قميصها النضالي بالشعب الفلسطيني في الحالة الفلسطينية ، وبالشعب اللبناني بالحالة اللبنانية ، والذي يتربع فوق أرض الجولان الحبيب ذات الموقع الإستراتيجي دون حساب أنه سيغادرها يوما ، لتأكده من الموقف السوري المانع لكل أشكال المقاومة أن تتقدم نحوها أو تنطلق منها لتحريرها ، وحتى بمنع الطيور لتتجه من سوريا الأم لتنعم بسماءها وتختال بخيرها وجمالها ، كما أنه يصول ويجول بطائراته ومخابراته في أجواء وأرض المربع الأمني لحزب الله من جنوببيروت حتى جنوب لبنان ، ويمنع رئيسه من التنقل في بيروت ولبنان إلا متخفيا خوفا وليس إطمئنانا على الرعية كأبن الخطاب ، كما أنه وبعد حربه على شعب غزة وفرار أو إختفاء قادة وعناصر حماس ، أخذ يصول ويجول ويضرب كمكر مفر دون رادع ممن أسمت نفسها المقاومة المحددة المدة والأهداف ، والتي كلها ضد الشعب الفلسطيني وقضيته وثورته وقادته ، والتي عرفت أخيرا أنّ صواريخها هي أكثر من عبثية وأوصلتها بنفسها للخيانية ، لأنها وكما صرحت تضر بالمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ، وهي الحجة التي نفذت على أساسها انقلابها وأزاحت السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية عن غزة ، ومنعتها بالقوة عن القيام بمهامها القانونية والإدارية مما جعلها وفور تبنيها لنهجها الممانع للمقاومة ، وتخليها عن برنامجها الذي خدعت الشعب الفلسطيني وانتخبها على أساسه ، عرضة للمسائلة القانونية وللمحاسبة الجماهيرية ولإراقتها دماء الكثيرين من أبناءه . إما الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن ومعه كل القوى العربية الداعمة للحق والشعب الفلسطيني ، فهو وشعبه الفلسطيني الصابر الصامد كمثلها جميعا ، يتمنوا أن يخرج عليهم نهارا فلا يجدوا لإسرائيل المغتصبة للأرض والحقوق الفلسطينية أثرا ، وهو وشعبه المناضل المجاهد كانوا من أوائل من حزنوا لقيام بعض مشايخ الأمة وعلى رأسهم العلامة القرضاوي بإلغاء حق الجهاد لتحرير فلسطين ، وهو وهم من أوائل من تأثروا لفرار الإخوان من مهامهم الوطنية التي رفضوا ممارستها أثناء محاولة اليهود التغلغل إلى فلسطين ، وأداروا ظهورهم للشعب الفلسطيني لما كان وما زال بحاجة للدعم الحقيقي لا للمزاودة والمناورة منهم أو من غيرهم ، مما ساهم غدرهم بصنع نكبته وخسارته لاحقا القدس والأقصى وكل غزة والضفة ، وهو وهم ممن تألموا لكون صواريخ حماس العبثية لم تصل لحد الردع الذي لو تم واقعا لما وصفوها بالعبثية ، في حين أنّ حماس بعد أن هَرَبت إليها لتنفيذ مآربها وامتلكت بعض الصواريخ الذكية المهربة إليها وصفتها بالخيانية ، ووصمت المقاومين بالخونة ، لأنّ مدة المقاومة المكلفة بها من أسيادها انتهت فترة صلاحيتها ، ولا شك أيضا أنه وشعبه المناضل المرابط سيكونون الأوائل بالنضال كما كانوا دائما ، وهم من سيتقدمون صفوف الجيوش إن أعلن العرب الحرب على إسرائيل ، لأنهم المقاومين الحقيقيين وصفوة المجاهدين اللذين علموا الكثيرين من الشعوب معاني النضال والكفاح والوطنية ، فالثورة الفلسطينية شاركت بكل حروب العرب وبالدفاع عن فلسطينوالقدس والأقصى وقضاياهم ، في الوقت الذي غابت به حركة الإخوان المسلمين وابنتها حماس عن الساحة الوطنية والنضالية الفلسطينية منذ ما قبل النكبة ولأكثر من خمسين عاما . فليبيا الرسمية المضيفة للمؤتمر وأحد أقطاب الممانعة السابقين وعلى خجل الحاليين ، المزاودة ولحد الآن على تاريخ ونضال ودماء ومواقف الشعب العربي الفلسطيني ، هي التي تخلت بإرادتها ودون مقاومة عن مشاريعها العلمية الخيالية مع أنها مكتوبة فقط على كراريس الرسم ودفاتر الخط العربي ، وسلمتها طواعية للغرب ولأمريكا لصالح توريث الحكم فيها ، مع أنّ الطائرات الأمريكية التي باتت صديقة قامت بضرب الشعب الليبي المسكين وتدمير منزل العقيد وقتلت بعض أهله وشعبه ، فلم تحرك صاروخا واحدا لمقاومتها أو إسقاطها ، وإن شجبتها ولطمت الخدود بعدها ، وهي التي عندما تخاصمت مع تشاد على قطاع أوزو لم تجد غير أبناء فتح لنجدتها وإعادته لقبضتها ، لأن أبناء فتح تهمهم الأرض العربية وقدسيتها التي هي كقدسية فلسطين ، ومستعدون للتضحية من أجلها لتحريرها والحفاظ عليها والذي تخلت عنه ليبيا لاحقا حفاظا على مصالح أعلى هرمها السياسي ، ومن أجل دعم الجيران بمسألة توريث الحكم ، وليبيا المزاودة التي كان لها مقاتلين في لبنان فروا من ساحات الوغى للخلف توافقا وتزامنا مع انسحابات القوات السورية المتكررة والمتلاحقة أمام تقدم الدبابات الإسرائيلية خلال الإجتياح الإسرائيلي الكبير للبنان سنة 82م ، هي ذاتها التي طالبت الفلسطينيين وثورتهم اللذين صمدوا في جنوب لبنان وأقاليمة وفي قلعة الشقيف دون عون منها ومن أصدقائها في الصمود ، طالبتهم أن ينتحروا على أسوار عاصمتها الصامدة بيروت تماما كما طالب شارون أحد أقطاب الممانعة للحق الفلسطيني ، إلا أنّ الفلسطيني المناضل والمجاهد والمقاوم الذي خلا ساعتها من حماس لحسن حظه ، والتي كانت غير وليدة وفي حكم العدم ، أعدم على أسوارها الحلم الصهيوني الشاروني والعميل الرديف بتدمير منظمة التحرير الفلسطينية ، ومحاولة أسر القائد الفلسطيني ياسر عرفات وغيره من قادة الشعب الفلسطيني ، اللذين أحضرت لهم الأقفاص ووضعت في بيروتالشرقية بانتظار ساعة النصر الذي لم يظفروا به ، كما وأعدم الحلم القديم المتجدد دائما لنظام الصمود والتصدي العربي ( الممانعة حاليا ) إضافة لإيران ، الذي لم يكن بنهاية الحرب يأمل إلا بمصادرة القرار الوطني الفلسطيني لمصلحة بقاء أقطابه ، بعد المشاركة أو السكوت على محاولة شارون وئد الحلم والحق الفلسطيني ، والذي ارتكب وعملاءه مجازر صبرا وشاتيلا 83 م بعد خروج القوات الفلسطينية من لبنان ، والذي تمّ بفعل عسكري إسرائيلي مباشر ، وبفعل لا أخلاقي للمعارضة الفلسطينية وبعض دول الصمود التي قصفت المواقع الفلسطينية الشرعية في البقاع وجوار بيروتوطرابلس ، بالتزامن والتناوب مع قصف وجرائم القوات الإسرائيلية التي فرضت حصارا بحريا شديدا قبالة الشواطىء اللبنانية لقتل وإعتقال القوات الفلسطينية التي وقعت بين نارين ، نار الحقد الإسرائيلي الراغب باصطيادها واعتقالها أو قتلها ، ونار حمق المعارضة والممانعة الراغبة بالخلاص من فتح ومن منظمة التحرير الفلسطينية ولمصادرة القرار الفلسطيني لتصفية القضية الفلسطينية . أما سوريا والتي طالبت بالمؤتمر بدعم المقاومة لتحرير فلسطين ، والتي إن كانت بفعل طول الزمن نسيت أو تناست أنّ لها أرضا محتلة أسمها الجولان ، ولم تطلب من المؤتمر دعما لتحريرها ، لم ينسها القائد الفلسطيني محمود عباس ( أبو مازن ) والذي عنده كل الأرض العربية بقدسية فلسطين ، وشعوبها بمنزلة شعبه المؤمن المناضل المرابط ، فطالب المؤتمر بدعم المقاومة الفلسطينية الحقيقية التي حركة فتح لبها وجوهرها ، ودعم مقاومة الشعب السوري لتحرير الجولان المعتصب منذ أكثر من اربعين عاما ، واللبناني لتحرير ما تبقى من أرضه في جنوب لبنان ، ومع أنّ المقترح الفلسطيني واقعيا وشاملا لوضع المقترح السوري والليبي ومن وراءه القطري بدعم المقاومة موضع التنفيذ وبمكانه الصحيح ، إلا أنه رُفض وللغرابة من الرسمي السوري تحت حجة أنّ خيار سوريا الإستراتيجي لتحرير أرضها هو السلام ، وهو الخيار المرفوض من قبلها ومن مجموعة الممانعة الفاجرة الأخرى أن إختاره الفلسطينيين ، وعليه فقد ثبت وتوضح الموقف الممانع لدول الصمود والتصدي السابقة والتي نسخت اسمها بجرة قلم بعد أن ثبت للعرب كذب المقولة ، فأسمت نفسها دول الممانعة وبالتأكيد ليس للإحتلال الإسرائيلي بل للحق الفلسطيني ، وإلا لكان قُبل المقترح الفلسطيني بدعم المقاومة الفلسطينية والسورية واللبنانية لتحرير كل الأرض العربية من قبل سوريا تحديدا التي لها أرض محتلة تستغيث بقيادتها ، اللذين في إحدى آذانهم طين وفي الأخرى عجين ، والذي ثبت بما لا يترك مجالا للشك أن لا مانع لدول وأطراف الممانعة والمقاومة الكاذبة اللذين أضيفت لهم إيران النووية لتدمير العرب ومذهبهم ، بمقاتلة إسرائيل ومن وراءها بالفلسطينيين وحتى أخر طفل فلسطيني ، من أجل مصالحهم العفنة واستراتيجياتهم الماكرة ، وإن ثَبُت أن لا مانع عند الشعب الفلسطيني أن يكونوا مشاريع شهادة دائما من أجل فلسطين وعاصمتها القدس وتاجها الأقصى ، وحتى من أجل الجولان السوري الحبيب وكل الأرض العربية الطاهرة الزكية .