اللغة كما تعرفون وسيلة أساسية للاتصال والتفاهم بين الناس،وهي أداة التعبير عما يدور في خاطر الإنسان من أفكار،وما في وجدانه من مشاعر ،واللغة العربية من أعظم اللغات إن لم نقل إنها الأعظم والأروع بياناً من بين جميع لغات الأمم والشعوب ويكفيها شرفاً أنها لغة القرآن العظيم ،والباقية الخالدة مابقي الإنسان على هذه الأرض وقال الثعالبي في مدح اللغة العربية وبيان فضلها:(من أحب الله، أحب رسوله صلى الله عليه وسلم ،ومن أحب النبي العربي، أحب العرب،ومن أحب العرب ،أحب اللغة العربية،ومن أحب العربية عُني بها وثابر عليها،وصرف همته إليها..،والعربية خير اللغات والألسنة،والإقبال على تفهمها، من الديانة،إذ هي أداة العلم،ومفتاح التفقه في الدين،وسبب إصلاح المعاش والمعاد،ولو لم يكن في الإحاطة بخصائصها،والوقوف على مجاريها ومصارفها،والتبحر في جلائلها ودقائقها،إلا قوة اليقين في معرفة إعجاز القرآن،وزيادة البصيرة في إثبات النبوة التي هي عمدة الإيمان،لكفى بهما فضلاً يحسن أثره،ويطيب في الدارين ثمره)(1) وللغة العربية خصائص كثيرة لايسع مقام الحال لذكرها جميعاً ونذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر:فبعض الحروف في اللغة العربية تدل على المعاني فحرف الغين في أول الكلمة يدل على الاستتار والظلمة والخفاء نحو:(غابت الشمس –غاص الماء –غطس السباح )وحرف النون في أول الكلمة يدل على الظهور والبروز نحو:(نفث –نفخ –نبت )(2) واللغة العربية قابلة للنمو والتطور وبأساليب مختلفة،ولقد اكتسبت الكثير من مفرداتها معاني جديدة أضيفت إلى معانيها التي كانت في أصل الوضع فكلمات مثل:(الصلاة- الزكاة -الروح )لم تكن تعني في العصر الجاهلي ما أصبحت تعنيه في العصر الإسلامي،ومن خصائص اللغة العربية كذلك السهولة والعذوبة،فهي هجائية في كتابتها و يسهل إملاؤها.أما اللغة الانكليزية فلا تكتب كما تنطق واللغة الصينية لاتملك حتى اليوم أبجدية تقيم عليها لغتها،ومن الجدير ذكره أن أعداء الأمة العربية استغلوا ظروف الأمة وفرقتها،ودعوا لإحلال العامية على الفصحى،وبدأت دعوتهم من مصر زمن الاحتلال البريطاني،وما زال المتربصون بأمتنا يحاولون تدمير أمتنا بقطع الصلة بين أبناء الأمة العربية الواحدة ولغتهم الفصحى الخالدة بدعاوى ظاهرها الخير وباطنها الحقد والشر محتجين بعدم قدرة اللغة الفصحى على مواكبة التطور والتقدّم التقني،ولعلّ أحسن جواب عليهم قول حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية: وسعت كتاب الله لفظاً وغاية وما ضقت عن آي به وعظات فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة وتنسيق أسماء لمخترعات أيهجرني قومي-عفى الله عنهم- إلى لغة لم تتصل برواة(3) أخيراً إن هجرنا للغة العربية الفصحى يعني انقطاع الصلة بيننا وبين إسلامنا المتمثل بكتاب الله عز وجل وما فيه من بلاغة وإعجاز وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وما فيها من عبر وعظات،وما أحوجنا للعودة إلى لغتنا الفصحى والتبحر في أسرارها ولطائفها،فهي فراش السلامة ولباس العافية وحفظها واجب علينا وأمانة في أعناقنا وضرورة حتمية تتطلب المزيد من الرعاية والاهتمام. بقلم :أحمد محمد القزعل