''طرقت باب الهوى'' و''بالله ياهل العيادة'' كلمات لم تبرح ذاكرة أبناء جيل الثمانينيات، ولم تغب عن بالهم تلك الأحاسيس التي غشيتهم وهم يستمعون لها لتطربهم وتسحرهم بكلماتها فترة من الزمن ليست باليسيرة. هكذا انطلق صوت حجاب بن نحيت منذ 40 سنة مع بداية انتشار ''الكاسيت'' وعبر تسجيلات ''نجدفون'' ليلامس مشاعر ذلك الجيل بكلمات كلها رقة وعذوبة، وألحان تحرك الشوق والشجن الفنان. وهكذا يتذكر كبار السن ممن أطربهم فن حجاب الشعبي في تلك الفترة. ورغم أن ابن نحيت قد اعتزل الغناء منذ 20 عاما، ورغم سعيه الحثيث إلى جمع كل ما في السوق من أغانيه لإتلافه بعد اعتزاله، إلا أن أشرطته لا تزال حاضرة في سوق الغناء قبل أن تطل الشبكة العنكبوتية التي بث فيها محبو حجاب أشهر أغانيه السابقة على نحو واسع. بعض كبار السن ما زالوا يتذكرون كلمات تغنى بها الفنان حجاب، بل يتغنون بها هم أيضا، خصوصا بعض الأغاني الشهيرة ''ماريد إلا سعودية'' و''الطائرة'' وغيرهما من الأغاني التي سجلها حجاب من كلماته وألحانه وغنائه. ابن نحيت عاد مجددا.. لكن العودة لم تكن كما يأمل البعض، عاد بن نحيت ليُبكي محبيه بعد أن اعتزل الغناء والفن ب''شيلة'' بصوته مخاطبا إحدى بناته يرثي نفسه واصفا القبر، وهو ما فعله جميع من قبله في رثاء النفس، ومن أشهرهم مالك بن الريب في العصر القديم وغازي القصيبي - رحمه الله- حديثا. ما أثار شجون عشاق بن نحيت أن صوته لم يتغير، فهو باق على عهدهم به قبل عشرات السنين صامدا أمام تلك التجاعيد التي غرسها الزمن في وجه، جاءت شيلته التي عنونها ب''القبر'' بصوته كما هو مذكّرا إياهم بما ينبغي على كل إنسان أن يفعله وهو الاستعداد ليوم الرحيل والحرص على حسن الخاتمة. قصيدة ابن نحيت الجديدة جاءت وصية واضحة المعالم بدأها بوصف القبر، طالبا رحمة ربه، راجيا منه- سبحانه وتعالى- أن ينظر إليه بعين الرحمة والمغفرة من خلال طلبه من ذويه تغيير اسمه على القبر من ''حجاب'' إلى ''عبد الغفور'' زاهدا بكل ما في الدنيا زينة وزخرفا، معبرا عن ملله طول البقاء فيها، بل إنه يتوقع أن البقاء ربما مله أيضا، مبديا حيرته في موقفه أمام ربه بين الحياء والرجاء. ويوصي ابن نحيت إحدى بناته بأن تمتنع عن اللطم والحزن والجزع في حال وصل نبأ نعيه إليها؛ معللا ذلك بأنه ذهب لرب عظيم رحيم كريم.. فلا تجزعي بنيتي.