مثلما لا يتجزأ الحب .. أيضاً لا يتجزأ البشر .. الحب الحقيقي لا يتجزأ ؛ ولعل المثل الأعلى في الحب دوماً ؛ هو حب الأم لابنها الذي مهما بلغت علات المحبوب فيه وعيوبه إلا أنه لا يغير شيئاً من حبها له، وكذلك أنواع الحب الأخرى عموماً ؛ لا يمكن أن تحب أحدهم في وضع أو حالة معينة، وتكرهه في سواها..!! الأشخاص أيضاً لا يتجزأون في مبادئهم .. فحين يصدمك أحدهم بفعل سيئ لم تكن تتوقعه ؛ إياك أن تعتقد بأن الملاك تحول إلى شيطان !! لا تتحول الملائكة إلى شياطين ؛ وليس للشياطين سبيل لأنْ تصبح ملائكة.. لا تتحول الزهور الطبيعية الحية إلى أشواك .. لا يمكن ! إنها تلك المواد الصناعية وحدها من تملك القدرة على ذلك التحول المخيف، وتحوير الأشياء المرنة الرقيقة إلى قاسية قاهرة أو هشة مفتتة ضعيفة .. لذلك تفقد الأشياء المصنعة والمشاعر المصطنعة .. والأحاسيس المزيفة حقيقتها تحت ضوء الشمس ؛ في حين تزداد الطبيعية قوة وزهواً ..! حين تنكشف لك الستائر ؛ لا يجب أن تلوم سوى نفسك ... عينك التي لم تنظر أبعد من وجدانك ؛ وقلبك الذي اختبأ خلف غشاء المحبة ؛ وعقلك الذي غاب تحت وسادة التفاؤل والأحلام الليلكية ...!! الأشخاص لا تتجزأ مبادئهم.. لا تتجزأ عقولهم ... لا تتجزأ أرواحهم.. فالشخص الخائن في عمله ؛ هو حتماً يتخذ من الخيانة ملعقة يلتهم بها كلّ شيء حتى هواءه الذي يتنفسه .. تجده يخون حتى نفسه ؛ يشاهِد عبر المرآة أنفه المائل وأسنانه المغطاة بالسواد ولكنه يبتسم واثقاً أن لا أحد يكشفه أو يرى ما يرى .. الشخص الذي يظلم عامل النظافة في الشارع .. هو ذاته تجده من يظلم زوجته وأبناءه ... الشخص الذي يتعدى على حيوان ضعيف متشرد ؛ هو ذاته من يتعدى على نفس بشرية تعيش تحت ولايته ....! الأشخاص لا يتجزأون مطلقاً .. العادل في مدينة أفلاطون المثالية ؛ تجده عادلاً أيضاً في الغابة.... والظالم سترى ظلمه حتى على نفسه .. إذا أردت أن تكشف عن جوهر البشر فانظر إلى تعاملاتهم ومبادئهم تجاه كل شيء .. كل شيء .. حتى الجمادات !! أعرف معلمة قاسية تتعامل مع طالباتها وخادماتها بطريقة خالية من الإنسانية في حين أراها تحتضن كل دقيقة صغارها وتهلل وتكبر لو رفع أحدهم طرفه أو عطس أنفه ....!! ما رأيكم ؟ (اللهم لا تجعل حبنا متناقضاً، ولا تجعل أرواحنا مشتتة ولا مبادئنا مجزأة)..