للظلم أنواع عديدة يصعب علي حصرها هنا، كما أن له تأثيراً لن تكفي لوصفه أوراق الدنيا، الظلم كلمة ما إن ينبض بها قلب انسان حتى تتسابق قطرات دمه للهروب بعيداً عنها، بعيداً عن قسوتها، بعيداً عن جبروتها وشموخها، الظلم حروف قاسية، مؤلمة، تجمعت لتكون أقوى الكلمات في قاموس الحياة، أقواها ضعفا ودناءة. غاليتي حواء، هل تعتقدين أن الإنسانة المظلومة تعيش مثل الإنسانة الطبيعية؟؟ هل تشعر بما نشعر به نحن الآن؟؟ إذا كنت تعتقدين ذلك فأعيدي النظر، الإنسانة المظلومة لا تعيش حياتها كغيرها من البشر!!، ولا تشعر كالأشخاص الطبيعيين!!، لا تستطيع أن تستمتع بحياتها!!، بل ولا تستطيع حتى أن تبتسم مثلي ومثلك!!، الإنسانة المظلومة باختصار تشعر أن هنالك صخرة بحجم الكرة الأرضية، بل بحجم العالم كله، تجثم على صدرها. هل أنتي انسانة مظلومة؟؟ هل أخطاوا بحقك يوماً ما؟؟ هل فرش الظلم سجادته في أعماقك رغما عن كل تلك الأنوار من حولك؟؟ هل بات الهواء يخنقك كلما استنشقته؟؟ بل وهل تشعرين بأن لامكان لك في مسرح الحياة بالرغم من كل تلك الكراسي الخالية؟؟، عزيزتي، إذا وصلت لهذه النفطة وتظنين أن كل شيء انتهى، خصوصا عندما تشعرين أن الكل تخلى عنك دون أدنى اكتراث لمشاعرك، تأكدي أنه هنالك فقط، تكون البداية، نعم البداية. انس الظلم أو تناسيه، تجاهلي من ظلمك، وتذكري أمراً واحدا فقط، تذكري أنك لست وحدك، تذكري أن معك من بيده الأمر كله، معك من سيأخذ لك حقك ممن ظلمك عاجلا أم أجلا، معك الله جل في علاه، ألجئي له، توكلي عليه، أدعيه فليس بين دعوتك وبينه تعالى حجاب، وتأكدي أنك بذلك تكونين قد انتصرت لنفسك ولكبريائك. حاولي أن تردعي ذلك الظلم، حاولي أن تمنعيه من الدخول إلى عالمك، دافعي عن نفسك وحقك، لا تسمحي لريح الظلم أن تقتلع أشجارك، كوني كما أنت دائماً، شامخة، وإن تغلب الظلم عليك يوما ما، لا تنس أنه لن يتغلب على العدل القوى المنتقم، لا تنس أن حقك لن يضيع فكما قال صلى الله عليه وسلم "الظلم ظلمات يوم القيامة". لا تمض ما بقى من حياتك ندما وحسرة، لا تغلقي على نفسك الأبواب والشبابيك، وعي النور يدخل غرفتك، بل ودعيه يدخل قلبك، اسمحي للهواء أن ينتشل روحك منك، دعيها تتجول في مدينة الرضا، ابتسمي، ابتسمي فأنت مازلت قوية، قوية بصبرك، قوية برضاك، وقبل كل هذا قوية بتسامحك، ففي عرف النبلاء تبدو لذة التسامح أعذب وأشهى من لذة الانتقام، ليس لأن صاحبها يمارس "فضيلة العفو"، بل لأنه قادر على الانتقام والإساءة ومع ذلك يتدثر بالصفح متكبدا عناء الارتقاء إلى عزم الأمور، إن التسامح كالحب والفرح، تبدو أشياء سهلة الممارسة والتناول، لكن هي التعب بعينه، لأن فعلها إيجار ضد تيار النفس الأمارة بالسوء. بدعانك وصبرك ورضاك وتسامحك، أنت الأقوى، أنت المنتصرة، لا تسمحي لأشخاص فقدوا الاحساس بالحق ولوثت القسوة قلوبهم أن يسلبوا حياتك السعادة، أغلقي الباب دونهم ولا تمنحيهم الفرصة لاقتلاع شجرة الراحة من أعماقك، حواء، لطالما كانت حصونك منيعة وتأكدي أنها بإذن الله ستظل منيعة مهما حدث. همسة،، كل الظلام الذي في الدنيا لا يستطيع أن يخفي ضوء شمعة مضيئة!!..