خلق الله البشر وخلق بداخلهم العاطفة التي تفاوتت مابين إنسان محب لغيره باذلاً كل مايستطيعة من جهد حتى يبقي من هم بقربه سعداء قابلاً للتغيير ولو كان مرغماً على ذلك حتى يبقى بقرب من هم بحياته يحتلون الجزء الأكبر ... وإنسان خُلق لحب ذاته رافضاً التغيير لأي سبب كان جارحاً بلفظه قاتلاً بعباراته مجحفاً بحق من يحبه مهما بذل ظالماً له ، ومابين هذا وذاك إنسان معتدل بعاطفته موازن لأمور حياته يتقلب بين هاتين الناحيتين ،وهذا النوع الذي لايستطيع أن يعرف لأي جهة سيكون وأي جهة هي الغالبة في حياته وقلما يستمر هذا الإنسان بتوازنه فإما أن تغلب عليه عاطفته فيكون كالنوع الأول وتارة ماتغلب عليه نفسه فيكون كالنوع الثاني ... ولو نظرت إلى أجناس الناس ستجدهم أما هذا وأما ذاك ليس بينهما خيار آخر .. ولطالما حازت النساء على النوع الأول وبذلت مابوسعها حتى تُبقي منزلها وأبنائها في حالة ثبات وحتى تضمن بقاءهم تحت سقف واحد .. فتجدها كالشجرة الضاربة جذورها والتي تنحني كلما هبت عليها رياح الزمن قابلة بكل تغيير في بيئتها ونفسها ومحيطها لتضمن جزء من السعادة وتخلق أرض مستوية يستطيع الجميع أن يعبر من خلالها بسلام .. وهذا لايعني أن هناك من الرجال من هم بهذا الوضع ولكنهم قلة إن قورنت بالنساء ... فهناك أصل وفروع والأصل في ذلك هم النساء . نِعمٌ كثيرة تلك التي يمتن الله سبحانه وتعالى بها علينا في هذه الدنيا المتقلبة والتي لم أجد فيها أحداً إلا تجده ينشد الراحة بين الفينة والأخرى ... فهناك من يبحث على عمل بعد التخرج وهناك من فقد والديه وأعتلى الحزن قلبه وهاجر الفرح من حياته..وهناك من عاش وحيداً يريد الصحبة وهناك من لم يُقبل في أي جامعة فكان الإحباط والضياع وهناك من تريد الابن ولم ترزق ومن يريد المال ولم يُعطى والأنواع عديدة لاحصر لها .. أصبحت المجالس مجالاً لتفريغ الهموم والضيق وقلما تجد الشاكر لنعم الله عليه وإن قلت .. إلا أن هذا كله ينتهي حين يكون لدى الإنسان قلباً يبحث عنه ويدعو له ويحمل له كل الحب ويبذل له كل شئ فيكون ملاذاً لحزنه وضيقه ومستودعاً لسره ومساعداً لفكره .. قلباً قيضه الله له دون جُهداً منه بل أنعم به عليه حتى يخفف عنه شقاء الدنيا , ومع هذا تجده لاينظر لذلك الاتجاه ولا لذلك القلب طالما أن الدنيا تسقيه مالديها .. بل قد يعمد إلى إيذاءه وجرحه دون اعتبار وحين يقف لينظر باتجاهه يكون الأوان قد فات .. فأي عوض بعد ذلك يكون ؟؟ فيامن وهبك الله ذلك القلب الصادق المحب الباذل الذي أعطاك دون حساب ... وساندك حتى بلغت ماتريد وتقبل رياح التغيير لأجلك ... وأمسك بيدك حتى تعبر لبر الأمان دون مقابل إلا أن تعتبر لوجوده في حياتك ..اشكر الله وحافظ على نعمته حتى لاتزول عنك .. فتجد نفسك وحيداً حتى وإن أحاط بك الكثير . وتذكر .. أن الله وهبك أمراً يبحث عنه الكثير هذه الأيام ... فانظر تجاهه قبل فوات الأوان .. وقبل أن تجد نفسك وحيداً في دنيا قل الصدق فيها .. وأصبحت جميع سِلعه للبيع .. حتى البشر ومشاعرهم .. هند المسند