أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة خياط المسلمين بتقوى الله - عزّ وجلّ - وتذكر الوقوف بين يدي الله يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها، اليوم، بالمسجد الحرام: "أيها المسلمون إن ائتلاف القلوب واتحاد المشاعر واجتماع الكلمة من أوضح صفات المسلمين المخلصين الذين جعل الله الأخوة في الدين قاعدة وأساس العلاقات بينهم فقال سبحانه (إنما المؤمنون إخوة) ووصف أمتهم بأنها أمة واحدة. وأضاف: "ولما كان التفرق والتناحر والتدابر مبايناً لذلك كل المباينة؛ لأنه معول هدم في بنيان هذه الأمة وسبب لتقويض عوامل القوة والعزة والخيرية التي كتبها الله لها جاء التحذير الرباني من الخلاف الذي وقع فيه مَن قبلنا من الأمم فحملهم على التناحر والتلاعن مع مجيء البيّنات الهاديات المانعات من الوقوع في ذلك (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون). ومضى: "وعد الله تعالى هذا التفرق في الدين والاختلاف فيه مفسداً له ومقوضاً لأركانه وعاملاً على الانفصال عنه وسبباً لبراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهله - أي من أهل هذا التفرق - وكما جاء النهي عن التفرق والتحذير منه فقد جاءت تكاليف الشريعة بكل سبب يضمن ائتلاف ويحول دون التفرق، فقد حث على أداء الصلوات الخمس في اليوم والليلة في جماعة في المساجد والترغيب القوي فيها والتحذير الشديد من تركها وأوجب الالتقاء كل أسبوع لسماع الذكر وأداء صلاة الجمعة وأمر باجتماع أكبر من ذلك في صلاة العيد وحث على حضور الرجال و النساء ليحظى بهذا الخير العدد الغفير ويعم النفع كما فرض اجتماعا يضم حشوداً تأتي من كل فج عميق تؤم البيت في زمان معلوم لأداء شعيرة الحج فيكون التقاء هذه الحشود أمراً محتوماً لشهود المنافع التي تأتي للشد على الروابط بين الإخوة والسعي إلى توحيد صفوفهم وجمع كلمتهم. وقال الدكتور الخياط: "ولما كان الخروج على اجتماع الأمة من أعظم أسباب الشقاق والتنازع فقد كان التحذير من الخروج عن الطاعة ومفارقة الجماعة شديداً والعقوبة عليه مغلظة، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَة، وَخَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، فَمَاتَ فَمِيتَتَهُ جَاهِلِية، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، لا يَخْشَّى مُؤْمِنًا لإِيمَانِه، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ بِعَهْدِهِ، فَلَيْسَ منْ أُمَتِي، وَمَنْ قُتُلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِيَّة يَغْضبُ لِلعَصَبيَة، أَوْ يُقَاتلُ لِلعَصَبيَة؛ فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِية". وأكد أن الفرقة والخروج على الجماعة أشبه بجرثومة لو سُمح لها بالحياة لقتلت جسد الأمة وأوردته موارد الهلكة، ولقد كان من شؤم التنازع ووباله ما حصل يوم أحد، فإن ما وقع من تنازع و عصيان لأمر الله وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - كان سبب ما منوا به من هزيمة في جهاد بذلوا فيه لله أنفسهم وأموالهم. وأوضح أن الاختلاف الناشئ عن تفاوت المدارك في الفهم وتباين العقول في الاستنباط لم يكن أبداً ولا يصح أن يكون سبباً للفرقة والتنازع؛ لأنه اختلاف بين مجتهدين أساغه الشارع وجعل الأمر فيه دائراً بين أجرين لمَن أصاب وأجر لمَن أخطأ وهو ارتباط بين صلاح القصد ونتيجة الفكر فمادام القصد صحيحاً والوسيلة صائبة والأهلية قائمة فلا موجب للتنازع، إذ المقصود معرفة الحق والعمل به والدلالة عليه رغبة في التواصي بالحق والتواصي بالصبر، وذلك من أسباب الاجتماع لا التفرق ومن عوامل الاتحاد لا التنازع. وختم إمام وخطيب المسجد الحرام خطبته بقوله: "ما أحسن أن يكون الإعلام الجديد بما يتيحه من وسائل وما يوفره من مواقع تواصل سببا لاجتماع الكلمة وطريقاً لاتحاد المشاعر لا أن يكون عامل فرقة وخصومة وتنازع". وفي المدينة المنوّرة، حض فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين أل الشيخ، في خطبة الجمعة، اليوم، جموع المسلمين على تقوى الله تعالى في السر والعلن والتحلي بالرفق. وأكد أن الرفق بأشمل معانيه وأوسع مضامينه من السجايا الجميلة والخصال النبيلة في منظومة مكارم الأخلاق في الإسلام. وأوضح أن الرفق هو الاتصاف باللين والسهولة في الأقوال والأفعال والرحمة بالمؤمنين ولطف الرعاية لهم والبشاشة والسماحة في التعامل معهم والتخلص من الغلظة في المقال والفظاظة في الأفعال والفحش في جميع الأحوال, مستشهدا بقول المولى عزّ وجلّ (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ). وقال: بعد ذلك إن على المؤمن أن يكون رفيقاً في أقواله وأفعاله وفي جميع أحواله هيّن التعامل رقيق المعشر، فالرفق يمس بلطفه القلوب القاسية فيحولها من قسوتها وجفوتها إلي تعاطفها وتجاذبها ومن شدتها وغلظتها إلي رقتها ولطفها ولقد حث نبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم - على الرفق وبيّن أهميته وعظيم شأنه، وأوضح ثماره الطيبة وأنه سبب لمضاعفة الحسنات ورفعة الدرجات فقال - عليه السلام (إن الله رفيق يحب الرفق وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على سواه). وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، أن الرفق ما صاحب تصرفاً ولا مسلكاً إلا زينه ولا نزع من قول ولا فعل إلا شانه وكدره، وإن الرفق سبب عظيم في كسب محبة الله - جل وعلا - ودون الرفق في الأقوال أو الأفعال أو التصرفات يفوت المسلم خيراً كثيراً ومغنماً كبيراً. وأضاف أن على المسلم أن يكون رفيقا رقيقا مع الآخرين, هيّن في تعاملاته سهل وليّن في أخذه وعطائه وأن يتجنب الغلظة والخشونة والقسوة والرعونة ولو كان ذلك في الجوانب الخيرة كالدعوة إلى الله سبحانه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , مستدلا بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (أَلا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ، عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ) . وانتهى فضيلته إلى أن الرفق بهذا المعنى الواسع الجميل والمفهوم الشامل لكل مجالات الحياة مطلوب من كل أحد ومن ذلك رفق الوالي برعيته ورفق القاضي في قضائه ورفق المسؤول بمن هو تحت مسؤوليته ورفق الوالد بولده ورفق الزوج بزوجته.