بعد 69 يوماً، ظلوا فيها محاصرين على عمق 700 متر تحت الأرض، وصل إلى السطح خمسة من عمال منجم سان خوسيه للذهب والنحاس في صحراء أتاكاما بشيلى، فيما تتواصل في هذه الأثناء أشهر عملية إنقاذ تشهدها البشرية، وتبث على الهواء مباشرة، تمهيداً لخروج بقية العمال ال 33 المطمورين داخل المنجم، وهى العملية التى بدأت فجر الأربعاء بتوقيت الرياض. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" اليوم: إن العامل البوليفي الوحيد بالمنجم، فلورينسيو أفالوس (31 عاما)، كان أول العمال الذين جرى إنقاذهم، وفور وصوله إلى سطح الأرض علت الصيحات والهتافات ابتهاجاً بسلامته، وضم أفالوس أمام كاميرات التليفزيون التي كانت تبث الحدث مباشرة, ابنه البالغ من العمر سبع سنوات، ثم زوجته مونيكا والرئيس الشيلي سيباستيان بينيرا، والعديد من مستقبيله عند فوهة البئر. ثم حُمل سريعا إلى مستشفى ميداني أقيم في المكان حيث خضع لسلسلة فحوصات، وتبعه بعد نحو ساعة زميله ماريو سيبالفيدا (39 عاماً)، ومن ثم لحق بهما زميلهما الثالث خوان إيلانيس (52 عاماً) ثم توالى خروج العمال الواحد تلو الآخر. ووصف رئيس شيلي العملية بالمعجزة، مبدياً ارتياحه وقال: "أول عمالنا أصبح معنا، كنا على يقين أنهم على قيد الحياة وأننا سننقذهم، قلنا: إننا سنعثر عليهم وعثرنا عليهم، والآن نقول: إننا سننقذهم سالمين، وسنفعل". وفي هذا السياق أصدر البيت الأبيض بياناً عن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، جاء فيه أن قلوب وصلوات الشعب الأمريكي تتجه إلى عمال المنجم المحاصرين، وإلى عائلاتهم. وأعرب أوباما عن فخره واعتزازه بالخبراء الأمريكيين الذين يساهمون في عملية الإنقاذ. وكان منجم سان خوسيه للذهب والنحاس في صحراء أتاكاما قد انهار في الخامس من أغسطس الماضى، وبعد سبعة أيام من حدوث الانهيار, اعتبر وزير المناجم لورنس جولبورني أن فرص العثور على العمال أحياء "ضئيلة جدا"، لكن تحت ضغط الأهالي الذين اعتصموا في المكان غداة حدوث الانهيار, واصل رجال الإنقاذ جهودهم حتى تمكنت كاميرا مسبار في 22 أغسطس من التقاط رسالة كتبت على ورقة تحمل عبارة أصبحت شهيرة "نحن بخير جميعنا ال 33 في الملجأ تحت الأرض"، لتبدأ بعدها أشهر عملية إنقاذ في التاريخ، بعدما استطاع العمال البقاء أحياء بفضل قطع من التونة المعلبة ونصف كوب من الحليب لكل عامل كل 48 ساعة. ويتم الإنقاذ من خلال إنزال كبسولة معدنية، في أنبوب يمتد من سطح الأرض إلى موقع العمال، حيث يتم إخراج كل عامل على حدة، ويتم رفعه في الكبسولة التى تعمل بفكرة المصعد، ويستغرق خروج كل عامل نحو ساعة. ويوجد الآن في موقع الحدث بشيلى، نحو 800 شخص من أقارب وأصدقاء العمال, وأكثر من ألفي صحفي من العالم بأسره، لتغطية "النهاية السعيدة" لعملية نجاة تحت الأرض غير مسبوقة. وعلى مدى شهرين أصبح العمال ال 33 نجوما عالميين فأرسلت لهم قمصان موقعة من نجوم عالميين لكرة القدم وأجهزة "آي بود" أهداهم إياها رئيس شركة أبل ستيف جوبز لمساعدتهم على تحمل معاناتهم التي أصبحت مصدر إلهام لمخرجين سينمائيين، حيث تعد هوليود فيلما عن مأساة هؤلاء العمال. والفيديو هنا يمثل أول لقطة لظهور أحياء بالمنجم، والفرحة الغامرة لعمال الإنقاذ والأهالى.