كشف مختصون بقطاع الإيواء السياحي أن ما نسبته 70% من الوحدات السكنية المفروشة تمارس النشاط في السوق دون ترخيص، وأن هذه النسبة في تزايد مستمر. مؤكدين أن المشغلين الأفراد لهذه المنشآت هم سبب تدني مستواها؛ بسبب تملصهم من تطبيق الأنظمة. وطالبوا خلال الجلسة الرابعة بملتقى السفر والاستثمار السياحي السعودي 2012 التي عقدت أمس بعنوان "أثر تطبيق الأنظمة على قطاع الإيواء السياحي" بضرورة نشر برامج التوعية للمستثمرين في القطاع؛ لحثهم على الارتقاء بنوع ومستوى الخدمة في منشآتهم، وتهيئة البيئة المناسبة لتشجيع دخول الشركات المتخصصة في التأمين ضد المخاطر التي قد تتعرض لها منشآت الإيواء السياحي. وانتقد الدكتور عمرو بن إبراهيم رجب، عضو مجلس الشورى والمتحدث الرئيس بالجلسة، ظهور شقق مفروشة دون ترخيص قائلاً: "لا زالت العقوبات ضعيفة وغير رادعة؛ ما أدى إلى وجود ما نسبته 70% من مجمل منشآت قطاع الإيواء السياحي تمارس النشاط في السوق دون ترخيص، خاصة في الوحدات السكنية المفروشة، وهذه النسبة في تزايد مستمر، وكل يوم تظهر للعيان منشآت جديدة في السوق تعمل دون ترخيص، ولم يمكن الحد من هذه الظاهرة المتنامية، بما فيها من أخطار على سلامة وأرواح مرتاديها، كما أن أغلب المنشآت التي رُخصت وصُنفت لا تخلو من ملاحظات فنية على طريقة تشغيلها، أو مستوى الخدمة المقدمة فيها". وأوضح أن سبب تدني تنفيذ قرارات الهيئة الصادرة بالعقوبات على المخالفين في القطاع، أن الأنظمة المطبقة لدى الهيئة لا تعطي الصلاحية لموظفي الهيئة بمباشرة تنفيذ قرارات العقوبة على المنشآت الخاضعة لرقابتها. مشيراً إلى أن الهيئة تواصلت مع الجهات التنفيذية في تلك المناطق (الشرطة) عن طريق إمارات تلك المناطق، ووجدت تجاوباً في بعض المناطق، والبعض الآخر يرى أن على الهيئة أن تباشر عن طريق موظفيها التنفيذ، وأن دور الشرطة سيقتصر على الحماية لممثل الهيئة أثناء أدائه لمهمة التنفيذ؛ ما اضطر الهيئة إلى رفع الموضوع لوزارة الداخلية أكثر من مرة تطلب التوجيه للجهات التنفيذية بالتعاون مع الهيئة لتنفيذ القرارات الصادرة بالعقوبة. وكشف عن أن بعض مفتشي الهيئة أخبروه أن نتيجة ضعف العقوبات تفاجأ المفتشون في بعض الشقق المفروشة بوجود مخازن في أماكن مخرج الطوارئ. وأوصى رجب بضرورة نشر برامج التوعية للمستثمرين في هذا القطاع؛ لإقناعهم بالارتقاء بنوع ومستوى الخدمة في منشآتهم، والعمل على تهيئة البيئة المناسبة لتشجيع الشركات المتخصصة في التأمين ضد المخاطر التي قد تتعرض لها منشآت الإيواء السياحي، واستمرار الجولات الرقابية، وتطبيق العقوبات المنصوص عليها في نظام الفنادق على المخالفين. ولفت إلى ضرورة توجيه الجهات التنفيذية لقرارات الهيئة دون الالتفات إلى مطابقتها للنظام من عدمه؛ لأن دور الجهات التنفيذية هو التنفيذ فقط، والمسؤولية عن الخطأ في التطبيق تقع على الجهة الإدارية مصدر القرار، ولن يكون على الجهات التنفيذية أي تبعة مالية أو إدارية طالما وصلها القرار من جهة رسمية بالطلب الصريح للتنفيذ، وممارسة الدفاع المدني لصلاحياته المنصوص عليها في نظامه، لا سيما المتعلقة بالحالات الخطرة، ومباشرة الغلق للمنشآت التي تمثل خطراً على أرواح وممتلكات مرتاديها، وتطبيق وزارة الشؤون البلدية والقروية للائحتها، والحيلولة دون تشغيل المنشآت غير المخصصة للإيواء السياحي في هذا النشاط بما لها من صلاحيات. من جانبه، أكد الأمير منصور بن محمد بن سعد، مستشار وزارة الداخلية لشؤون المناطق، أن موضوع التعاون في قطاع الإيواء ليس بجديد، وأن وزارة الداخلية تتعاون مع الوزارات والهيئات بتنفيذ القرارات الملزمة في حال وجود أية إشكالية في التطبيق. ولفت إلى ضرورة أن يكون تنفيذ العقوبات على منشآت الإيواء السياحي من قبل المدنيين، وليس العسكريين، مبيناً أن هذا حاصل في كل العالم إلا في المملكة، قائلاً: "أغلب القرارات يطلب من الداخلية تنفيذها، وكل الوزارات والهيئات مثل البلدية أو حماية المستهلك أو هيئة السياحة وغيرها، تطلب من الداخلية معاونتها في التنفيذ على الرغم مما للداخلية من أعباء، وما هو أكبر، ولا يصلح أن يستمر هذا الوضع". وأكد على أن وزارة الداخلية لا تنتظر حثاً من أحد للقيام بواجبها، ولكن الأمر يحتاج إلى نصوص نظامية قبل تنفيذ القرارات على أرض الواقع، قائلاً: "لا بد من بدائل أخرى غير عملية القوة، ولابد من التنسيق في تطبيق النظام، فلا يمكن أن يكون لكل وزارة أو هيئة شرطة لتطبيق النظام، وإلا فهذا يعني أن هناك استهتاراً وعدم وعي من قبل الموقع عليهم النظام". من جانبه، ذكر الدكتور صلاح البخيت، نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار لقطاع الاستثمار، أن العبء الأكبر يقع على الهيئة في الارتقاء بمستوى الخدمة في هذه المرافق ومراقبة أدائها، الأمر الذي دعا إلى استقصاء عمل الهيئة في تطبيق نظام الفنادق ولوائحه التنفيذية، كون الهيئة الجهة المعنية بتطبيق نظام الفنادق والإشراف على قطاع الإيواء السياحي بشكل أصيل. ولفت إلى أن الهيئة أصدرت 2494 ترخيصاً بالتشغيل، و1603 شهادات تصنيف طبقاً لنظام النجوم المتعارف عليه عالمياً، كما نتج عن الأعمال الميدانية الرقابية خلال ثلاث سنوات 2071 قراراً بالعقوبة للمخالفين في هذا القطاع، وأسفرت الجولات التفتيشية لمفتشي الهيئة في جميع مناطق المملكة عن ضبط منشآت تمارس النشاط بالرغم من عدم وجود تراخيص للدفاع المدني فيها، وقد بلغ عدد هذه المنشآت 243 منشأة إيواء سياحي. وأضاف البخيت أن واقع مستوى الخدمة في مرافق الإيواء السياحي لا يرقى للمستويات التي يرغبها السائح الداخلي أو الخارجي، وأن 70% من مجمل منشآت قطاع الإيواء السياحي تمارس النشاط في السوق دون ترخيص، إضافة إلى عزوف غالبية شركات التأمين عن تأمين مشروعات الإيواء السياحي ضد المخاطر المحتملة، وكذلك ضعف التعاون والتنسيق مع الجهات التنفيذية للمساهمة في تنفيذ القرارات الصادرة بالعقوبة من الهيئة. من جهته، أكد اللواء خضر بن عايض الزهراني، مساعد مدير الأمن العام لشؤون الأمن، على ضرورة التنسيق ودوره في تنفيذ القرارات والتعاون بين الجهة المصدرة للقرار والداخلية، والذي تطور عبر نظام شبكة المعلومات الوطنية السياحية (شموس). لافتاً إلى أن دور الجهات الأمنية يتمثل في تهيئة الأنظمة وتطويرها وتقديمها للقطاع الخاص لتحقيق السيطرة الأمنية وتوفير البيئة الآمنة المستقرة للاستثمار التجاري، فلا يكون قطاع الإيواء مأوى لأصحاب السوابق والمشبوهين. وأشار إلى أن برنامج (شموس) وفر نظاماً لمساعدة القطاع الخاص على التعامل مع العملاء وبناء عدة خدمات تفيد القطاع الحكومي والقطاع الخاص، مثل نسب وإحصاءات الأشغال والإيواء والدليل السياحي للفنادق والشقق المفروشة ومواقع التأجير لمختلف أنواع العقار، وتكوين قاعدة معلومات تخدم كافة الجهات المستفيدة. كما أكد اللواء سليمان بن عبدالله العمرو مساعد مدير الدفاع المدني لشؤون العمليات أن المديرية العامة للدفاع المدني لديها تنسيق مباشر مع الهيئة العامة للسياحة والآثار في الإشراف على الفنادق والوحدات السكنية، وعندما يتضح للهيئة أن هناك مخالفة يتم التنويه ليتعامل الدفاع المدني معها. وقال: "نحن لا نسعى إلى تطبيق الغرامة مباشرة، ولكن نعطي فرصة لإزالة كافة المخالفات، فنوجه إنذاراً ثم آخر قبل تطبيق المخالفة، لذا جزء من المخالفات يتم إزالتها ولا توقع العقوبة". لافتاً إلى أنه في حال المخالفات التي تهدد حياة الناس يتم التعامل الفوري معها وتغلق المنشأة حتى يُزال الخطر. في المقابل، نوَّه ماجد بن عبدالمحسن الحكير رئيس لجنة الإيواء السياحي بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض إلى أنه على رغم الامتعاض الواضح من بعض مشغلي الفنادق والوحدات السكنية من تطبيق الأنظمة الجديدة إلا أنها كانت فرصة لبيان المستثمر الجاد من المستثمر غير الجاد، فقديماً كانت الكثير من الوحدات غير نظامية. وقال: "لا شك أن إيجابيات الأنظمة أكثر من سلبياتها، وأن عدد الوحدات السكنية والفنادق سيزداد مستقبلاً بعد أن تم إقرار هذه الأنظمة وتطبيقها، وأتوقع قدوم شركات عالمية أكثر". مشيراً إلى أن الدولة لا ترغب في تنفير المستثمرين بسبب الأنظمة وأن الهيئة تحلت بالمرونة في التطبيق ما أرضى الكثير من المسستثمرين، كما وعدت بأن يكون نظام الإيواء تحت التجربة لتدارك أية سلبيات تظهر.