في يوم من أيام الجمعة الباردة في مارس يمكنك ملاحظة أن شارع "بولشايا تترسكايا" في وسط موسكو مزدحم تماماً، لأنه قريب من أقدم جامع إسلامي في العاصمة الروسية التي تكتظ وحدها بمليوني مسلم، مما جعل مساجدها القليلة غير قادرة على استيعابهم. ففي أيام الجمعة يمتلئ هذا الجامع التاريخي بآلاف المصلين، حتى يضطر الكثير منهم إلى الصلاة خارج أسوار الجامع وسط الثلوج, ووسط هذا الازدحام تسمع صخب أبواق السيارات، وترى سكان الحي وهم يحاولون بصعوبة العبور من بين صفوف المصلين على أرصفة الشارع. وحسب تقرير ل"بي بي سي" فالمشهد يتكرر في جميع مساجد موسكو الأربعة، حيث يتجمع عشرات الآلاف من المصلين كل جمعة لأداء الصلاة. ويقول إمام الجامع إن السلطات المعنية تتجاهل مطالبات المسلمين ببناء جوامع جديدة لاستيعاب أعداد المصلين الجدد, وأكثر هؤلاء من الشباب المهاجر من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق في وسط مناطق القوقاز وآسيا الصغرى. لقد أجبر الفقر والعوز والصراعات هؤلاء إلى النزوح ومحاولة بدء حياة جديدة في روسيا، والملايين من هؤلاء الأوزبك والطاجيك والقرغيز يجدون عملاً ومكاناً يعيشون فيه. يقول أولوغبيك، وهو مهاجر شاب من أوزبكستان: "يوجد الكثير منا هنا، وعلينا أن نكون ممتنين لوجود مساجد في موسكو، فالمدينة ليست مستعدة لاستقبال الملايين منا". ورغم أن مسجد التتر في العاصمة الروسية شهد توسعات وتطويرات ضخمة، لكنه ما زال غير قادر على استيعاب كل المصلين, ويبدو أن سكان موسكو منقسمون في الرأي حول التغييرات التي أتى بها المهاجرون إلى مدينتهم, فالبعض يقول إن الروس يبنون الكنائس، ولا معنى لمنع المسلمين من بناء الجوامع, لكن آخرين يخشون من أن كثرة المهاجرين الأجانب ستغير عادات الروس وتقاليدهم وأسلوب حياتهم. ووصل الأمر عند البعض إلى إطلاق نكت مثل تسمية المدينة باسم "موسكو آباد", ويقول يوري غورسكي، وهو ناشط قومي روسي من جماعة "روسوفيت"، بوجوب وضع قيود أكثر تشدداً على الهجرة.