تشير معطيات استخلصت من مهمة مركبة فضائية تابعة لوكالة الفضاء الأمريكية إلى أن كوكب عطارد كان يوماً ما "كوكباً مليئاً بالنشاط والحيوية". وتفيد المعلومات التي حصل عليها العلماء من مسبار "مسنجر" الأمريكي بأن الحفر الناتجة عن اصطدامات على سطح الزهرة شهدت تغيرات بفعل عملية جيولوجية حدثت عن تكون هذه الحفر. ومن شأن هذه المعلومات الجديدة، المنشورة في مجلة ساينس العلمية، أن تضع النظرة التقليدية حول هذا الكوكب، وهو الأقرب إلى الشمس بين الكواكب، موضع تساؤل وشكوك. كما أظهرت دراسة علمية أخرى أن حقل جاذبية عطارد رسم صورة غير عادية للتكوين الداخلي للكوكب. ويعتقد الكثير من العلماء أن عطارد كوكب قريب الشبه من القمر في كونه كان مر بتحولات أدت إلى برودته النسبية في مرحلة مبكرة في تاريخ المجرة الشمسية، وأنه كوكب ميت، وظل هكذا على مدى حقبة التغيرات والتحولات التي شهدتها المجرة. وتقول العالمة ماريا زوبر من معهد ماساتشيوسيس للتكنولوجيا: إن المعلومات الحديثة توفر دلائل قوية على ديناميكيات غير عادية اختص بها هذا الكوكب، وهي تشير إلى أن عطارد كان على ما يبدو نشيطاً لفترة طويلة. واستخدمت الدكتورة زوبر وفريق العلماء من زملائها معطيات قياس ليزر أرسلها المسبار "مسنجر" رسم من خلالها خرائط لعدد كبير من الحفر الموجودة على سطح عطار، حيث تبين لهم أنها شهدت تغيرات مع مرور الوقت. ويقولون: إن هذا يعني أن العملية الجيولوجية ضمن الكوكب غيرت طبيعة تضاريس سطحه عقب تكون تلك الحفر. كما تعرف الباحثون على منطقة من السطح المنخفض قرب القطب الشمالي لعطارد، ربما وصلت هناك خلال مرحلة تطور الكوكب، وهي ظاهرة جيولوجية تنتقل فيها أسطح الكواكب إلى القطب من مواقع أخرى فيه. يذكر أن مسبار "مسنجر" أول مهمة فضائية بدأت في الدوران بمدار حول عطارد، وانطلقت المهمة في مارس من عام 2011. ومنذ ذلك الحين بدأ المسبار في الدوران حول الكوكب مرتين يومياً، وتمكن من جمع نحو 100 ألف صورة، وأكثر من أربعة ملايين معلومة قياس لسطحه. وتعرض المسبار خلال تلك الرحلة إلى موجات من التيارات الشمسية تسببت في انحرافه عن مساره المحدد له. كما تعرض "مسنجر" إلى ما يعرف ب "ضغط النور الشمسي"، حيث ضغطت جسيمات ضوئية اسمها الفوتونات على المركبة الفضائية.