حالة من الغليان تفجّرت في الشارع الرياضي السعودي منذ إعلان الاتحاد السعودي لكرة القدم التعاقد مع البرازيلي ريكاردو غوميز لتدريب المنتخب قابلتها إشادة من الخبراء المختصّين الذين اعتبروا أنه قد يعيد "الأخضر" إلى الطريق الصحيح. وخيّب اسم غوميز توقّعات الجماهير السعودية التي كانت تعوّل على اسم عالمي من المدرّبين الكبار على الساحة الرياضية خصوصاً ان وسائل الإعلام المحلية ذكرت أسماء مدرّبين مشهورين كان أحدهم مرشّحاً للإمساك بزمام الإدارة الفنية للمنتخب مثل البرازيلي زيكو والهولنديين غوس هيدينك ولويس فان غال والأرجنتيني مارسيلو بييلسا والبلجيكي ميشال برودوم "تعاقد مع نادي الشباب السعودي" والمكسيكي خافيير اغويري. بينما يرى فريق من الجماهير الرياضية أن الرهان على الأسماء الكبيرة لم يكن دائماً في مصلحة "الأخضر" وذكروا بأن أفضل إنجازات الكرة السعودية جاءت إما على أيدي مدربين محليين أو أجانب ليسوا ذائعي الصيت. وظل الاتحاد السعودي يبحث عن مدير فني خلفاً للبرتغالي جوزيه بيسيرو الذي أُقيل بعد الخسارة أمام سوريا في كأس آسيا بالدوحة مطلع العام الحالي، وفشل خلفه المحلي ناصر الجوهر في إعادة التوازن إلى المنتخب الذي خسر أيضاً أمام الأردن واليابان وخرج من الدور الأول. يستهل غوميز مشواره مع المنتخب السعودي بمواجهة هونغ كونغ في انطلاق تصفيات آسيا المؤهلة لمونديال 2014 بالبرازيل؛ إذ يلتقي المنتخبان ذهاباً في الرياض في 23 يوليو، وإياباً في هونغ كونغ في 28 منه. واعتبر بعض النقاد أن ضيق الوقت لن يمكن غوميز من مشاهدة جميع العناصر الأساسية في تشكيلة "الأخضر" ما سيضطره للاستعانة بأشرطة الفيديو لمتابعة اللاعبين المميزين في الموسم الحالي؛ إذ سيحضر فقط مواجهات الإياب من كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال "النخبة". وسيواجه غوميز معضلة تعرض اللاعبين الدوليين إلى الإجهاد قبل مواجهتي هونغ كونغ اللتين تُقامان مع نهاية الموسم، خصوصاً أنه سيكون مُضطراً لعدم المغامرة بلاعبين جدد من أجل تحقيق فوز مريح في لقاء الذهاب بالرياض يكسب به ثقة الجمهور السعودي المتعطّش للانتصارات بعد فترة من التعثّر لم يشهدها المنتخب على مدار تاريخه؛ إذ ظلّت الإنجازات دائماً عنواناً عريضاً للكرة السعودية منذ الفوز ببطولة كاس آسيا 1984 قبل إضافة اللقب الثاني في 1988 والثالث 1996، فضلاً عن حلوله وصيفاً أعوام 1992 و 2000 و 2007، أما الإنجاز الأبرز فيبقى بلوغ المنتخب السعودي كأس العالم 4 مرات على التوالي أعوام 1994 و 1998 و 2002 و 2006. مدير عام المنتخبات السعودية محمد المسحل، أعرب "عن أسفه الشديد لمن يحاولون التقليل من الجهود التي بذلها، والطاقم المساعد لاختيار مدرّب مناسب للمنتخب"، الذي قاد فريق فاسكو دي غاما البرازيلي مؤخّراً إلى لقب الكأس المحلية. وأوضح المسحل وهو في طريقه إلى النمسا لمتابعة معسكر المنتخب السعودي الشاب الذي يستعد للمشاركة في نهائيات كأس العالم المقبلة في كولومبيا "كان هناك إجماع على مواصفات المدرّب القادم، وأن كل المواصفات توافرت في غوميز الذي يعد من أبرز المدربين البرازيليين في الفترة الحالية، وسيرته التدريبية مميزة، وعدم شهرته لا تعني أنه متواضع تدريبياً، ويكفي أنه كتب اسماً كبيراً، وبات من أبرز المدرّبين في البرازيل والعديد من الدول الأوروبية وفي مقدمتها فرنسا". وشدّد على "الجميع ينظر إلى العمل الكبير الذي ينتظر المدرّب من أجل إعادة المنتخب إلى السكة الصحيحة التي يريدها الجميع". هذا وطالب عميد المدرّبين السعوديين خليل الزياني الجميع "بعدم إطلاق الأحكام المبكّرة على المدرّب البرازيلي"، وأكّد أن الكرة السعودية "تمرّ بمرحلة مفصلية وهامة خصوصاً بعدما حصل في تصفيات مونديال 2010 وعدم تأهّل الأخضر، وأعقبها الإخفاق المرير في نهائيات كأس آسيا الأخيرة في قطر، ولذا من المهم أن تبدأ مرحلة جديدة". وتابع: "أرى أن تاريخ غوميز التدريبي يشفع له بقيادة المنتخب في المرحلة المقبلة خصوصاً أنه يهتم بالتجديد الشامل والاهتمام بالعناصر الشابة والدمج بين عناصر الخبرة والشباب، وهذا ما جعله من أفضل المدرّبين البرازيليين في الوقت الراهن". وأشار الزياني إلى أن هناك "أمثلة كثيرة تؤكّد نجاح مدرّبي أمريكا اللاتينية، وخصوصاً من البرازيل والأرجنتين مع المنتخبات والفرق السعودية". أما رئيس لجنة المدرّبين في الاتحاد السعودي محمد الخراشي فقد أشاد بخطوة التعاقد مع المدرّب البرازيلي ريكارد غوميز لقيادة الأخضر في الاستحقاقات المقبلة. وأكّد الخراشي أن التعاقد مع المدرّب "جاء بعد دراسة مستوفية لتاريخه التدريبي ومناسبة إمكانياته الفنية لوضع الكرة السعودية في الوقت الراهن، فليس من المطلوب التعاقد مع مدرّب شهير دون أن يكون وضع المنتخب السعودي مناسباً، فالاسم والشهرة ليسا كل شيء، والجميع يتذكر ما قدّمه الأرجنتيني خورخي سولاري مع الأخضر في مونديال أمريكا، وقبله وبعده الكثير من المدرّبين الذين لم يكونوا يحملون أسماءً رنانة، ومع ذلك حققوا نجاحات مشهودة". واعتبر الخراشي ريكاردو غوميز "رجل المرحلة المقبلة في الكرة السعودية وتاريخه يشفع له بقيادة الأخضر". واعتبر النجم الدولي السابق والمدرّب الحالي فؤاد أنور أن التعاقد مع غوميز "ستكون له آثار إيجابية كبيرة خصوصاً أن الكرة السعودية حقّقت الكثير من الإنجازات تحت قيادة مدرّبين برازيليين بشكل خاص، ومن أمريكا الجنوبية أو اللاتينية بشكل عام، والأمثلة على ذلك كثيرة، لذا يجب على الجميع دعم هذا المدرّب والوقوف معه من أجل المساهمة في عودة المنتخب إلى المسار الصحيح".