استقبل جناح مكةالمكرمة، الذي يضم مناطق مكةوجدةوالطائف، نحو 20 ألف زائر يوم الخميس الماضي، أول أيام العوائل، وهو اليوم الخامس للمهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية 27"،ابتداء من بعد صلاة العصر حتى ساعة متأخرة من الليل، بواقع ألفَيْ زائر كل ساعة. وقد أعد الجناح وليمة دسمة لزواره، وخصوصاً لصائمي يوم الخميس، الذين استقبلهم ب"ماء زمزم" وأنواع التمور، إضافة إلى وجبة خفيفة تسد جوع الصائمين، وتمدهم بطاقة تكفل لهم جولة طويلة في بقية أجنحة القرية التراثية، قبل أن يعودوا ل"البيت المكي" لتناول ما لذ وطاب من أنواع الأطعمة الشعبية المنوعة "سمبوسة- منتو – يغمش – منفوش – كباب – تقاطيع"، وغيرها من الأطعمة التي لاقت استحسان جميع زوّار "البيت المكي". "سبق" شاركت الصائمين لذة الإفطار على همسات الأذكار والأدعية التي كانت تردَّد عبر مكبرات صوتية، وما هي إلا دقائق حتى استمع الجميع بتركيز شديد لأذان صلاة المغرب بصوت المؤذن الشيخ علي بن أحمد ملا مؤذن الحرم المكي الشريف، الذي أذن لجميع الصائمين في القرية التراثية بشكل عام، والبيت المكي بشكل خاص. وعقب قيام الجميع من "سفرة الإفطار" توجّه الزوار لمشاهدة التراث العريق من صنع الأجداد، وكل منهم يحمل بين يديه ما تبقى من تلك السفرة التي روت عطشهم وملأت بطونهم، وكان هناك أشخاص يرتدون الزي المكاوي، ويحملون بين أيديهم "خشبة" المزمار مرحبين ومهللين بالجماهير الغفيرة الذين كان "الليزر المكي" يخطف أنظارهم كل دقيقة بمنظر جميل؛ فتارة يعرض لهم صورة لأسماك البحر الأحمر، وتارة أخرى صورة لجبال الطائف وأهم معالمها، ومن ثم المنظر العظيم الذي نطق لحظة عرضة جميع الزوار ب"لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وهو الكعبة وحجرها الكريم، في صورة وقف لها الجميع بتأمل وشوق كبيرين مرددين "الله يعمرك يا بيت الله المحرم". وعقب انتهاء اللحظات الروحانية والإيمانية بدأ الزوار يهيمون، كل على حسب رغبته واهتمامه، وتوزعوا على ثلاث مناطق "بيت مكة- بيت الطائف- بيت جدة". وكان لموقع "بيت مكة" المميز دور في تعزيز الشواهد أمام زوار المهرجان بنقلهم إلى الماضي وتعريفهم بالحِرَف اليدوية القديمة، ومن أشهرها حِرَف البناء والنجارة التي اشتهر بها الأجداد، وعمل بها أبناؤهم من بعدهم. وعن موقع "بيت مكة" تحدث رئيس وفد منطقة مكةالمكرمة في المهرجان الوطني للتراث والثقافة المشرف على القرية،عبد الرحمن مؤمنة، وقال: إن المسرح الذي جاء بوصفه لوحة فنية، تميزت بها القرية، شهد كثافة كبيرة من الحضور من حيث تنوع الألوان الشعبية التي تهتم بها منطقة مكةالمكرمة خاصة، والمنطقة الغربية بشكل عام، يتقدمها المجس. وحول الأكلات الشعبية التي اشتهرت بها منطقة مكةالمكرمة أوضح "مؤمنة" أنها كانت من الأسباب التي جذبت الزوار لقرية مكةالمكرمة؛ فالسوبيا والمنفوش والحلاوى اللدو والبليلة والمطبق وغيرها الكثير من أهم الأكلات الشعبية التي تُعرف بها المنطقة. وأضاف: موقع المنطقة بالجنادرية أحيى لدى الزوار حب الماضي والحنين إليه، إلى جانب تعريفهم بأصالة هذه المهن وبقائها إلى الوقت الحاضر، التي كانت تشتهر بها منطقة مكةالمكرمة، ولا ننسى أن الطراز المعماري في مكة هو عصارة الثقافات؛ حيث تبدو المهارات في الزخارف والنقوش في عملية البناء من خلال استخدام الأخشاب والحجارة. ومن حيث الطوائف العاملة في المنطقة هناك النشارون والنجارون والدقاقون، وغيرها الكثير، كما أن هناك حرفاً يدوية تُعتبر من أشهر منتجات النجارة المكية، منها الباب والطاقة والكروبات والمنجور والدرج والأسقف، إلى جانب حرف المواد الصلبة، التي منها الصياغة التي تُعتبر مهنة قديمة العهد، وهي من الحرف اليدوية الدقيقة، وينتج منها الحلي كالذهب والفضة والأساور والخلاخيل والأقرطة. وقدمت فِرْقة فنون جدة لون "المزمار والخبيتي"، إضافة إلى فرقة فنون الطائف، التي قدمت لون "المجرور والزير والرد". كما كان للأطفال نصيب من المتعة؛ حيث قُدّم لهم لوحات من الأناشيد المنوعة، إضافة إلى استماعهم لفن "المجس" الذي اشتهرت به المنطقة. وبالقرب من باب الخروج تفوح رائحة ماء زمزم الذي تزاحم عليه الزوار حاملين جوالين كبيرة طمعاً منهم في الحصول على قدر كبير من هذا الماء الطاهر والنادر الوجود، كما أن هناك "بروشورات" تحمل موقع بيت مكة على شبكة الإنترنت وموقع التواصل الاجتماعي المشهور ال"فيس بوك"، حيث يتم تحميل الصور اليومية للزوار وأهم الفعاليات. ولم يكتفِ جناح مكة بهذا القدر من الخدمات لزوّاره الكرام بل إنه يقوم بتوديعهم عبر رسائل نصية على هواتفهم المحمولة طالباً منهم السماح في التقصير وأملاً منهم بالعودة من جديد. أما فيما يخص عروس البحر الأحمر "جدة" وعروس المصايف"الطائف" فقال مؤمنة إن جناحَيْ جدةوالطائف كان لهما القدر نفسه من اهتمام الزوار الذين استنشقوا رائحة الورد الطائفي، وتلذذوا بطعم السليق وتصفح المطويات التعريفية بمدينة الورد وما تحتويه من حِرَف كصناعات النحاس والقطان والبخار والصباغ والسروجي والخياطة، التي تُعَدّ من أبرز المشاركات التي يقدمها "بيت الطائف" في الجنادرية. وأضاف بأنهم اتجهوا بعد ذلك إلى عروس البحر الأحمر لترطيب أجسامهم "برطوبة البيت الجداوي"، الذي اشتمل على الحجر المنقفي المستخرج من البحر، إضافة إلى الخشب والروشان. وتميز "البيت الجداوي" بال"طيربة" الموجود في أعلى قمة البيت. وأكمل مؤمنة: طاف الزوار بجميع سراديب جدة القديمة، وقاموا برصد ما شاهدوه بتصوير المشاهد وحفظها في مذكراتهم والتقاط الصور التذكارية مع الشخصيات الجداوية البارزة. وقال: إن جناح الطائف بمنطقة مكةالمكرمة يستقبل الزوار بالمأكولات الشعبية، التي ستكون حاضرة طوال فعاليات المهرجان في مائدة مفتوحة لكل زوار المهرجان، يتقدمها السليق والشاورما الطائفية والمنتو واليغمش وغيرها من المأكولات، مثل العسل والسمن وأقراص الملة، إلى جانب حلويات الطائف. وأضاف بأنه ستتم إقامة ديوانية كبيرة عبارة عن "بيت للقصيد"، ستكون ملتقى لشعراء الطائف طوال فترة إقامة فعاليات المهرجان، وستقام فيه محاورات ومساجلات شعرية، وسيكون المجال مفتوحاً لكل الشعراء من مختلف مناطق السعودية المشاركة في "بيت القصيد" بجناح الطائف بالمهرجان. وستشارك الطائف بالعديد من المسرحيات الفنية ومعرض يتحدث عن الطائف وأبرز الأماكن السياحية والمواقع الأسرية الموجودة فيها.