مع قُرْب موعد انقضاء الدورة الثانية من أعمال مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين، الذي يصادف يوم الخميس القادم، 22 ديسمبر 2011م، وفي ظل عدم توجيه الدعوة لانعقاد الجمعية العمومية وتحديد موعد للانتخابات، يعيش الصحفيون السعوديون وسط حالة من الترقب والتأهب حول مستقبل هيئتهم، في ظل تساؤلات عن استمرار مجلس الإدارة الحالي في تسيير أعمال الهيئة رغم انقضاء المدة القانونية؟ أم سيُدعى لانتخابات؟ أم سيُصدِر وزير الثقافة والإعلام قراراً بحل المجلس وتعيين مَنْ يسيِّر أعمال الهيئة إلى حين إجراء الانتخابات؟.. وهي تساؤلات ظلت تتفاعل في الوسط الصحفي السعودي في الأيام القليلة الماضية، ولم تجد لها إجابات شافية. "سبق" التقت عضو مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين "المستقيل"، الإعلامي عبدالعزيز العيد، الذي أبدى استغرابه من استمرار المجلس على الرغم من عدم شرعيته بانتهاء دورته الحالية، التي بدأت منذ 3 سنوات، وتحديداً من تاريخ 22 ديسمبر 2008م، وتنتهي في يوم الخميس القادم 22 ديسمبر 2011م. وتساءل العيد قائلاً: "لماذا لا يعلن الوزير حل المجلس؛ لعدم شرعيته، ويدعو إلى انتخابات دورة ثالثة جديدة؟ فماذا قدَّم المجلس الحالي من إنجازات؟ هل دافع عن حقوق الصحفيين؟ لماذا تدار الهيئة وكأنها أملاك شخصية للبعض؟". وعن سبب عدم طرحه هذه التساؤلات على مجلس الإدارة عندما كان عضواً فيه قال العيد: "أنا مستقيل منذ عام ونصف العام.. واستقالتي أعلنتُها في مختلف وسائل الإعلام المحلية، وسببها ما رأيته من عدم جدوى من النقاش؛ فالاجتماعات مجرد اجتماعات دورية، لا قيمة لها، وبالوجوه نفسها، والأفكار نفسها، ونفس الاتفاق الضمني بينهم على كل شيء يخدم مصالحهم وصحفهم، والتباهي نفسه ببناء مبنى جميل لا حياة فيه، حتى أن كثيراً من الصحفيين يظنه أُقيم فقط للتباهي والبهرجة أمام الآخرين!". وأضاف العيد بأن "الهيئة بوضعها الحالي معيق لتطور المهنة الصحفية في السعودية، وليست مطوِّراً لها كما تنص بنود لائحتها التأسيسية؛ وبالتالي هي لا تعكس التمثيل الصحيح للصحفيين بل أصبحت نادياً لرؤساء التحرير، هم الحَكَم والخَصْم في الوقت ذاته، فكيف يشكو الصحفي رئيسه لرئيسه؟!!.. هذه قمة التناقض"، على حد وصفه. وأشار العيد إلى أهمية دخول صحفيين شباب إلى مجلس الإدارة ممثلين للصحافة الإلكترونية، والإذاعة والتلفزيون، ووكالة الأنباء السعودية، إضافة إلى الصحافة الورقية؛ فهم أدرى بحجم المعاناة وحلولها أكثر من رئيس التحرير، مع إشراك جميع الذين لهم باع في العمل الإعلامي من الكُتّاب المشهورين والمؤثرين بوصفهم أعضاء لهم حق الانتخاب والمشاركة، على حد قوله. وطالب العيد بتفرغ الأمين العام لهيئة الصحفيين السعوديين للهيئة تفرغاً كاملاً؛ لكي يقوم بمهامه، ويقابل الصحفيين، ويتلمس همومهم واحتياجاتهم، لا أن يديرها ب"الجوال" من مكتبه في مؤسسة اليمامة الصحفية، على حد قوله. وتطرَّق العيد إلى عدد من الأحداث المؤسفة التي تعرض لها صحفيون مؤخراً، ولم تتحرك الهيئة، وقال: "أين موقف الهيئة من إقالة محمد التونسي، رئيس تحرير عكاظ؟ لماذا لم يتدخلوا ويجروا تحقيقاً؛ لمعرفة ملابسات الموضوع الذي ظُلم فيه؟ لماذا لم يتدخلوا في قضية فَصْل مدير تحرير جريدة الرياض صالح الزيد من جريدة الرياض وقَطْع رزقه؟ لماذا لم يتدخلوا في قضية طرد أحد الوزراء الصحفيين والمصوِّرين من مكتبه دون وجه حق؟ لماذا لم يتدخلوا في قضية فَصْل 20 صحفي وصحفية من مجلة رؤى؟ لماذا لم يتدخلوا بشكل مباشر في معالجة مشاكل المهنة؟ ولماذا لا تتولى الهيئة الدفاع عن قضايا الزملاء الإعلاميين والمحررين والمصوِّرين بحماس وقوة". من جانبها تساءلت صحفية تعمل في إحدى الصحف الورقية - فضَّلت عدم الكشف عن اسمها - قائلة: "هل جسَّدت الهيئة منذ تأسيسها قبل 6 سنوات النهج الإصلاحي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز -حفظه الله-، وسعت لتذليل الصعاب كما جاء في لائحتها التأسيسية أمام ممارسي العمل في الحقل الصحفي؟ وهل تواصلت مع مؤسسات المجتمع الأخرى؛ من أجل تفعيل المهنة وتطوير أداء الصحفيين المتفرغين، وصون حقوقهم؟". ومن جانبه قال الصحفي "م.ق" - لا يرغب في ذكر اسمه كاملاً - أحد ممارسي العمل الصحفي في إحدى الصحف الصادرة من المنطقة الغربية: "لقد أقامت الهيئة الدنيا ولم تقعدها عندما تم تأسيس نادي جدة للإعلام والثقافة، وكانت الاعتراضات لافتة، وأبرزها مطالبة أمين هيئة الصحفيين السعوديين الدكتور عبدالله الجحلان بعدم تكرار أو استنساخ هيئة الصحفيين السعوديين من خلال نادي جدة للإعلام والثقافة، لكن هل لو قامت الهيئة بدورها الصحيح، وعززت من ترابط ممارسي مهنة الصحافة كنا سنحتاج إلى وجود مظلات إعلامية أخرى؟". واستغرب "م.ق" من حرص الهيئة على إدانة ما تعرضت له الإعلامية اللبنانية مي شدياق من عدوان قبل سنوات، وعدم إدانتها طرد الصحفيين السعوديين من مكاتب الوزراء والمؤتمرات الصحفية، وما يمارَس ضدهم من فَصْل وإقالة وترهيب وأكل حقوقهم من قِبل رؤساء تحرير صحفهم!! على حد وصفه. "سبق" حملت تلك التساؤلات إلى الأمين العام لهيئة الصحفيين السعوديين، المتحدث الرسمي باسمها، الدكتور عبدالله الجحلان، رئيس تحرير مجلة اليمامة، الذي رحَّب بالمشاركة، ووعد بالرد غداً على التساؤلات المطروحة كافة. وبسؤال "سبق" عضو مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين الحالي، جمال خاشقجي، المدير العام لقناة "العرب" الإخبارية، قال: "هيئة الصحفيين قدمت القليل جداً من الإنجازات؛ والسبب أنها تحتاج إلى انتخاب مجلس إدارة جديد ومتفرغ، ونحن لسنا متفرغين لها، وهي بحاجة إلى مزيد من الشباب الصحفيين؛ حتى تكون غالبية أعضائه من الشباب". وأوضح خاشقجي أن أغلب أعضاء الهيئة حالياً مشغولون بمشاغل رئاسة التحرير، أو إدارة قناة.. إلخ، وهذه الأعمال تحتاج إلى تفرغ تام، إضافة إلى سفرهم الدائم. وتمنى خاشقجي أن يتكون مجلس إدارة الهيئة القادم في الدورة الجديدة من صحفيين شباب متفرغين، يُضاف إليهم 3 رؤساء تحرير؛ لكي تتوازن الخبرة مع الحماسة. وحول عدم دفاع الهيئة عن الصحفيين قال خاشقجي: "الهيئة لديها قاعدة ثابتة، هي أنها لا تتحرك حتى تأتيها الشكوى. وما حدث للتونسي - على سبيل المثال - لا علاقة للهيئة به؛ لأنه أمر سيادي، أما غيره فلم تصلنا شكواهم". وطالب خاشقجي الصحفيين الشباب بعدم العزوف عن التسجيل في قوائم هيئة الصحفيين السعوديين؛ حتى يكون لهم كلمتهم في الانتخابات القادمة. الجدير بالذكر أن وزير الثقافة والإعلام، الدكتور عبدالعزيز خوجة، قال عندما سُئل عن هيئة الصحفيين السعوديين في إحدى الأمسيات الإعلامية: "قناعتنا كبيرة بأن هيئة الصحفيين السعوديين هي إحدى مؤسسات المجتمع المدني، وعليها أن تتحرك بحرية كاملة في مجال عملها ونشاطها على المستويين المحلي والخارجي؛ ومن هنا فقد آثرت الوزارة أن يكون تشكيل مجلس الإدارة بالكامل عن طريق الانتخاب دون تعيين أي أعضاء من قِبل الوزارة، وفق اللائحة التنفيذية للنظام".