قرر أمير دولة قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، إجراء انتخابات مجلس الشورى في النصف الثاني من عام 2013، في تجربة ربما تكون الأولى من نوعها في الدولة الخليجية، التي تلعب دوراً بارزاً ضمن حملات دولية وإقليمية، لدعم احتجاجات العديد من الشعوب العربية المطالبة بالديمقراطية، فيما يُعرف ب"الربيع العربي." وقال أمير قطر، خلال افتتاحه دور الانعقاد ال40 لمجلس الشورى الثلاثاء: "نحن مقبلون على تحديات كبيرة واستحقاقات قمنا بإقرارها سوية، لقد قمنا بإقرار الدستور وباشرنا باعتماده.. وقد طبقت غالبية الأهداف الدستورية.. وأجرينا انتخابات بلدية.. وأقمنا المحكمة الدستورية"، مشيراً إلى أن "بعض البنود تأجل تطبيقها لأسباب متعلقة بتحديات التنمية، والأوضاع العاصفة في المنطقة." وتابع في خطاب أوردته وكالة الأنباء الرسمية "قنا"، قائلاً: "إني أعلن من على منصة هذا المجلس، أننا قررنا أن تجري انتخابات مجلس الشورى في النصف الثاني من العام 2013.. نحن نعلم أن هذه الخطوات كلها خطوات ضرورية لبناء دولة قطر الحديثة، والإنسان القطري القادر على خوض تحديات العصر وبناء الوطن.. ونحن على ثقة أنكم ستكونون على قدر المسؤولية." يُذكر أن الدولة الخليجية الغنية بالنفط والغاز، شهدت تشكيل أول مجلس شورى عام 1972، ويتألف المجلس من 45 عضواً، ينص الدستور على انتخاب 30 منهم عن طريق الاقتراع العام السري المباشر، بينما يعين أمير البلاد الأعضاء ال15 الآخرين من الوزراء أو غيرهم، وتنتهي عضوية المعينين باستقالتهم أو إعفائهم، ويتولى المجلس سلطة التشريع، ويقر الموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على السلطة التنفيذية. يأتي إعلان أمير قطر عن موعد إجراء انتخابات مجلس الشورى في بلاده، ضمن إجراءات إصلاحية عمدت إليها عدة دول خليجية، من بينها مملكة البحرين وسلطنة عُمان، بعد أن امتدت إلى عواصمها احتجاجات التغيير التي تتردد أصداؤها في كثير من العواصم العربية. وتطرق أمير قطر، في خطابه أمام مجلس الشورى، إلى السياسة الخارجية لبلاده، مؤكداً أنها "تقوم على مبادئ التعايش السلمي، والاحترام المتبادل، وتعزيز المصالح المشتركة"، وأضاف: "نحن ننطلق من واقع انتمائنا الخليجي والعربي، للمشاركة الفاعلة مع المجتمع الدولي في حفظ الأمن والسلم، مع التمسك بقيم العدالة، والإيمان بضرورة احترام حقوق الإنسان ، والالتزام بأهمية تسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية." وبينما أكد الشيخ حمد بن خليفة أن "تعزيز العلاقات مع دول مجلس التعاون، وتعميق أواصر الأخوة والتكامل بينها" يأتي في مقدمة أولويات السياسة الخارجية لبلاده، فقد شدد على قوله: "ولكننا نرى مع المواطن الخليجي، أن مجلس التعاون لم يرتق بعد إلى المستوى المطلوب منه في تحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المرغوب والممكن بين دوله." كما أكد أن بلاده "تحرص أشد الحرص على تعزيز علاقاتها الأخوية مع جميع الدول العربية الشقيقة، وتعمل من خلال دبلوماسياتها على توحيد الصف العربي"، وأضاف أن قطر "سوف تقف دائماً، وبقدر ما تسمح لها ظروفها، إلى جانب كل شعب عربي، إذا كانت تطلعاته صائبة وملحة، ولا يقبل الصمت على ما يتعرض له." وقال إن "الضامن الوحيد لاستقرار الدول العربية، على المدى القريب والبعيد، يكمن في تبني إصلاحات متواصلة لخدمة تطلعات شعوبها، حيث أن الواقع يؤكد أن ما من دولة تستطيع عزل نفسها عن الحراك السياسي الراهن"، واعتبر أن الشعوب "اكتشفت قوتها في القدرة على المطالبة بحقوقها، وترسيخ قيم الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية." وأضاف أن هذا الواقع يتطلب من الحكومات العربية "الشجاعة في فتح قنوات الحوار الإيجابي مع شعوبها، بهدف القيام بعمليات الإصلاح المطلوبة بشكل آمن وتدريجي، ومن دون زلازل"، على حد وصفه. وقال: "لقد تمنينا ذلك لسوريا واليمن، ولكافة الدول، ولكن لا يمكننا أن نفرض رأينا.. وقد أدى الاعتماد على الخيار الأمني في هذه الدول، بدلاً عن قيادة التحول التدريجي فيها، إلى ما نراه حاليا من سفك دماء، ينذر بالتحول إلى حرب أهلية"، في الوقت الذي قدم فيه التهنئة إلى الشعبين المصري والتونسي على ما وصفه ب"ولوج مسار التحول الديمقراطي الطويل والشاق."