بكل معاني الألم والحسرة، وبنبرةٍ يعلوها التعب الشديد، بعد انتظارٍ دام طويلاً، لم تفلح معه كل توسلاته لرفع معاناة حفيدته "س. ي. ص"، قال: "أرجو أن يمهلني الموت قليلاً لأحقق لها هوية المستقبل". ذلك هو العم هادي الصالحي، الرجل الستيني، الذي يسكن في مركز سعيدة الصوالحة بساحل عسير؛ الذي لجأ إلى "سبق" لعله يجد من خلالها منقذاً عاجلاً وحلاً جذرياً لحفيدته التي لم تقبلها المدرسة الابتدائية، وتم استبعادها من الصف الرابع الابتدائي؛ لعدم حملها هوية تثبت نسبها لوالدها الذي تأخر كثيراً في إضافتها في هويته بعد انفصاله عن أمها. وقال العم هادي "جدها من أبيها": "أمضيت سنين وأنا أطارد معاملة حفيدتي من مركز البرك إلى محافظة محايل عسير؛ من أجل إضافة حفيدتي من قِبل إدارة أحوال البرك؛ حتى لا تُحرم هذه البريئة من فرصة التعليم في حياتها". وأضاف: "رغم كِبَر سِنّي، وعدم مقدرتي على عناء السفر والترحال من مركز سعيدة إلى البرك، وأحياناً إلى محايل عسير، إلا أنني ما زلتُ أسعى جاهداً لحل إشكالية هوية حفيدتي". وتابع: "لا تزال المعاملة إلى الآن دون نتيجة أو ثمرة لتعب سنين أمضيتها بين ردهات أبواب أحوال البرك". وأضاف العم هادي: "مكثتُ ما يقارب 8 سنين وأنا أراجع مركز البرك، وفي كل مرة أراجع فيها يخبرونني بأن الإدارة لا يوجد بها (حاسب)، وعليك الانتظار حتى يصل (الحاسب) إلى الإدارة، وطول هذه السنين أقطع مسافة بالكيلو مترات، وأجد الجواب نفسه منذ 8 سنوات، حتى وصل (الحاسب) قبل أربعة أشهر لإدارة الأحوال بمركز البرك، ولا تزال المعاملة حتى الآن ما بين أخذٍ وردٍّ، وحفيدتي تم استبعادها يوم الأربعاء الماضي من مدرسة البنات بالصوالحة إلى أن تُحضر ما يُثبت هويتها ونسبها؛ لقبولها وإكمال تعليمها". وبألمٍ يعاود حديثه: "لقد تعبت - وأنا أبوك - من المراجعة؛ فما حلّ بي لم يحلْ بغيري من عجزٍ ووهنٍ، وأخشى على نفسي من مفارقة هذه الدنيا قبل أن أحقق لحفيدتي هوية تُثبت نسبها بوصفها مواطنة ابنة هذه الأرض، وليس لها فيما حدث ذنبٌ، وأرجو أن يمهلني الموت قليلاً لأحقق لها هوية المستقبل". وأضاف: "إنها تبكي الليل والنهار، تريد مساواتها بغيرها من زميلاتها في إكمال تعليمها على الرغم من أنها فقدت سنتَيْن من دراستها بسبب استبعادها وإعادتها، وإلا فقد كان من المُفترض أن تكون الآن بالصف السادس الابتدائي". وفي ختام حديثه قال: "أرجو أن أجد من خلالكم كلَّ عونٍ في حل مشكلة حفيدتي، وأن يقرأ المسؤول بعض معاناتي، وألا تتركوني؛ فليس لي - بعد الله - سواكم بعد كل هذه السنين". من جانبه، أوضح مدير إدارة الأحوال بمركز البرك ناصر مساوي، أن معاملة "س. ي. ص" تم رفعها إلى اللجنة الفرعية بعسير؛ لاتخاذ اللازم بعد اكتمال كامل أوراقها، ونحن بانتظار اللجنة ريثما تنتهي من إكمال ما لديها بشأن هذا الموضوع. وأكد مساوي أنه أصدر يوم الأحد خطاباً إلى إدارة مجمع مدارس البنات بالصوالحة بقبول الطالبة "س. ي. ص"، وإعادتها إلى المدرسة حتى تكتمل إجراءات الإضافة؛ كون المذكورة لديها معاملة جارية سوف تنتهي قريباً.