يرى كتاب ومحللون صحفيون أن الأراضي البيضاء منح من الدولة، ويجب استردادها وإرجاعها لأملاك الدولة، والبدء فوراً في بناء مدنٍ سكنيةٍ جديدةٍ، فهي أهم من المدن الاقتصادية والاستثمارية، وأن بدل السكن حتى لو تم إقراره، لا يغني عن المسكن، محذرين من أن المواطن الذي لا سكن له، لا ارتباط له بأي أرض. وتحت عنوان "منح الأراضي وخلخلة المجتمع" في صحيفة "اليوم" يقول الكاتب الصحفي عبداللطيف الملحم: "إذا كانت الأراضي البيضاء منحة فعند ذلك لا بد من استرداد الأرض وإرجاعها لأملاك الدولة إذا لم يتم تعميرها خلال عشر سنوات، وإذا كانت المنحة جديدة فلا بد أن يتم حسم عشرة % من قيمتها سنوياً، وهذا مبلغ ليس بكثير على من أتته الأرض بالمجان، وأما إذا كانت الأرض البيضاء تم شراؤها من جيب المواطن، فنسبة الضريبة تكون أقل لأن هذه الأرض من عرق جبينه، كذلك لا بد من حصر من استطاع الحصول على أكثر من منحة، فعند ذلك يتم إبقاء أرض واحدة له والباقي إذا كانت أرضاً بيضاء فتتم إعادتها لأملاك الدولة". ويضيف الكاتب: "مقالي هذا لا يتكلم عن مواطن حصل على منحة أرض واحدة مساحتها 700 متر، لكن أتكلم على من حصل على عدة منح أو منحة أرض بآلاف الأمتار ليصبح أحد هوامير الأراضي وأحد ملاك الأراضي البيضاء". ثم يضيف الكاتب مستنكراً ومحذراً: "لقد أصبح امتلاك أرض في وقتنا الحالي خاصاً بالأغنياء فقط.. والآن بدأ مجتمعنا يدفع ثمن جمود الأراضي البيضاء وأراضي المنح، وإلى الآن نسأل عن أسباب تفكك وخلخلة المجتمع، ونسأل: لماذا اختفت الطبقة الوسطى؟ فالمخيف الآن هو أن الفارق بين الطبقة الفقيرة والطبقة الغنية أصبحت شاسعة، وأستغرب لماذا الأغنياء هم من يطلبون منح الأراضي ويحصلون عليها بسهولة".
ويبدي الكاتب الصحفي حمود أبو طالب في صحيفة "عكاظ" دهشته من عدم مناقشة مجلس الشورى لتوصية بدل السكن، التي ينتظرها المواطنون ويقول: "ترقب الناس جلسة الاثنين لمجلس الشورى باهتمام شديد وتطلع كبير لما سوف تنتهي إليه بخصوص مقترح بدل السكن لموظفي الدولة، ومع أننا أشرنا في مقال سابق إلى أن الموضوع مجرد توصية إن أقرها المجلس فلا يعني ذلك أن بدل السكن سيدخل قريباً في حسابات الموظفين، وإن لم يقرها ف "يا دار ما دخلك شر"، إلا أن الجميع كان ينتظر النتيجة كيفما كانت، لكن المفاجأة أن التوصية غابت عن جدول الجلسات لسبب يكشف لنا بعض ما يجري في كواليس المجلس". ثم يشير الكاتب إلى أن المجلس يطبق قاعدة "من سبق لبق" في جدول أعماله ويقول: "هذه هي الحكاية بكل بساطة يا إخواننا، المجلس يطبق قاعدة "من سبق لبق"، حضر مندوبو وزارة الشؤون البلدية قبل غيرهم فتقدم موضوعهم، وتحدثوا كثيراً فاستهلكوا كل وقت الفترة الصباحية، وحتى لا يغضب مشروع الغذاء فقد تم منحه الأولوية في الفترة الثانية على حساب مشروع السكن". وينهي الكاتب بقوله: "مواضيع مجدولة، ووقت محدد معروف مسبقاً لكل موضوع، والتزام واحترام للوقت، هذا ما كنا نعتقده في جلسات مجلس الشورى. ثم تتم جدولة موضوع مهم في يوم محدد ينتظره كل المواطنين ثم يعاد إلى طابور الانتظار".
وفي صحيفة "اليوم" يؤكد الكاتب الصحفي نجيب عبد الرحمن الزامل أن الحصول على السكن أهم من بدل السكن ويقول: "دعوني أتكلم عن الناحية الواقعية: ما الأفضل أن يحصل الإنسان على سكن كريم ومطابق للمواصفات العلمية والبيئية والصحية والاجتماعية؟ أم يحصل على بدل سكن يعزز عادة الاستئجار؟ مع الأخذ في الاعتبار أن بدلات صغار الموظفين لن تكفي لدفع إيجار سكن لائق، بل حتى أقل من لائق، وسيحتفل تجارُ العقارات برفع مؤشر الأسعار نتيجة لسيل الطلب، وأنا مع البدل لأنه إضافة مالية تنفع الموظف مع أن الغلاء المخطَّط سيأكله في النهاية، لكن لا أراه أبداً الحل المناسب للإسكان، الذي هو حق لا يُمارى لكل مواطن خصوصا إذا كانت الدولة قادرة على تمويل مشاريع الإسكان". ويمضي الكاتب مؤكداً على أن المدن السكنية أصبحت أولوية قصوى ومسألة أمن وطني ويقول: "إن بناء مدنٍ سكنيةٍ جديدةٍ تبدأ في الحال أفضل من مدن اقتصاديةٍ واستثماريةٍ مع أهميتها، السكنُ أول ما يربط الإنسان بوطنه. أرجو أن أكون مخطئاً حين أقول: إن من لا سكن له لا ارتباط له بأي أرض. لا أحب أن يكون هذا صحيحاً، وأخاف أن يكون الواقع". ثم يرصد الكاتب أن السعودية فقدت فرصة ربط بناء المدن السكنية بالوزارات، في وقت سابق ويقول: "فاتتنا في بدايات التنمية فرصةٌ من ذهب، يوم كان المالُ أكثر وفرة، والمرافقُ لم تتعقّد، والبنية التحتية لم تتوسع وتتهتك كما هو حاضر الآن بكبريات المدن، والفرصة أنه كان في قدرتنا أن يكون هناك مشروعٌ إسكاني ملحق مع كل وزارة، بمعنى أن تخصص أراضٍ كافية لكل وزارة في كل منطقة وتبنى بها أحياء يتملكها الموظفون، ويكون على الوزارة التعامل مع موظفيها في خدمة وصيانة وأمن مرافق الأحياء. تصور لو أن هذا حصل فعلاً لخرجنا بمدن جميلة رائعة التخطيط". ويؤكد أن على الدولة أن تسرع الآن في بناء المدن السكنية، ويقول: "يمكن للدولة الآن أن تسرّع ببناء المشاريع الإسكانية كعنصر استراتيجي أولى لتماسك كامل المجتمع، وأن تبدأ أيضاً بتشجيع مشاريع بناء المرافق والأحياء المرتبة الإسكانية من القطاع الخاص بتنظيم عام تنفق عليه الدولة وبأسعار في النهاية مدروسة لا ترهق ميزانية الدولة، ولا تربك ربحية الشركات بلا إفراط هنا ولا تفريط هناك".