كشف عدد من كبار السن بالجوف حياتهم مع فصل الشتاء قديماً، وكيف كانوا يستقبلونه ويعيشونه ويتعايشون معه في أصعب مراحل الحياة آنذاك . في البداية كشف "الشيخ صالح بن قاضب الهديب (أبو محمد)" ل"سبق"؛ عن أهم ما يميز فصل الشتاء قديماً؛ إذ ذكر أنهم يستقبلونه بشوق لاعتباره موسم الأمطار والربيع، ليتسنى لهم إطعام أنعامهم التي يتغذون على ألبانها ولحومها ويستخرجون من ألبانها السمن، مؤكداً أن الأمطار نشهدها يومياً وشهدنا الثلوج، والربيع نستخرج منه نباتات تغذينا مثل: الربحلى، والبسباس، والهوبر، وحمبصيص، وحوا .
ولفت "أبو محمد" إلى أنهم يتغذون على "الفقع"، ويقومون باستبداله عندما يجلب عن طريق البدو بالتمر، وأن الإبل من كثرة "الفقع" وكبر حجمه في الصحراء المحيطة بهم كانت تتعثر به وتسقط وتنكسر أقدامها، وليس كما الآن وقد شوهت السيارات منابت "الفقع".
وأكد "الهديب" أن القمح والشعير والتمر كانت وجبات أهل الجوف قديماً، وأن القمح يأتي من الأردن عن طريق البدو ليتم استبداله التمر به، أما اللحم فكان ذا ثمن بخس، غير لحم الصيد الذي يتم الحصول عليه من الصحراء .
وعن كيفية تعايشهم مع موجات الشتاء الباردة، قال: قديماً لدينا شتاء أكثر برودة من الآن، وكنا لا نحس بالبرد؛ لصحة الأبدان التي تأتي من طبيعة الأكل الصحي من اللحم والتمر وغيرهما، الذي كان يقاوم فيه الجسم البرد، أما الآن فالأكل يضاف له المواد الكيميائية .
وتحدث "أبو محمد" عن اللباس، فأكد أنهم كانوا يرتدون الثياب و"العباءة الجوفية" المصنوعة من صوف الأغنام ولا تعرف إلا بالجوف، فيما كانت وسائل التدفئة المستخدمة هي الحطب الذي يتم احتطابه من أشجار الغضى بصحراء النفود، بالإضافة إلى استخدام "كرانيف" النخيل وسعفه. وأما الحياة الاجتماعية في الجوف قديماً فأكد العم "أبو محمد" ل"سبق" تميزها بالتعاون والتآخي فيما بين المجتمع؛ إذ لا يوجد محتاج بينهم، فكانوا يتقاسمون الأكل والشرب ويساعد بعضهم الآخر، والجار مع جاره كأنهم في منزل واحد، لافتاً إلى وجود المضافات التي توجد بالجوف؛ وهي أماكن لضيافة المسافرين والعابرين؛ إذ يقدم لهم الغداء والعشاء مجاناً .
في سياق متصل التقت "سبق" "الشيخ زايد بن رخى العمير" الذي لم يخالف "أبو محمد" في الأكل المستخدم في الجوف شتاءً وصيفاً؛ وهو القمح والشعير، بالإضافة إلى أهم وجبة بالجوف وهي التمر .
وأكد "العمير" أن الناس كانوا يستخدمون "الفروة"؛ وهي عباءة مصنوعة من الصوف يتم استيرادها من الشام، وكذلك بيوت الشعر التي يكون عليها الطلب في موسم الشتاء بشكل كبير، مضيفاً أن الطلب على بيوت الشعر متوسط لوجود المنازل حالياً، وتستخدم الآن للنزهات البرية .
الجدير بالذكر أن منطقة الجوف تشتهر بالأكلة الشتوية "البكيلة" التي تصنع من دقيق "السمح"، وهي نبتة برية تنبت في مواسم الربيع في الصحراء، وتحصد بعد جفافها في فصل الصيف، وتعجن مع التمر ويضاف لها السمن .