طالب خبراء ومحللون النظام السوري بقراءة متأنية لخطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولاستدعاء السفير السعودي بدمشق، مشيرين إلى أنها ربما تكون الفرصة الأخيرة أمام بشار الأسد، وأن عليه الاستجابة العاجلة والعملية، مهما كانت القرارات الإصلاحية المطلوبة صعبة أو مؤلمة، وإلا فعلى النظام السوري انتظار الأسوأ. وفي افتتاحية صحيفة " الحياة" يطالب الكاتب الصحفي غسان شربل النظام السوري، بقراءة خطاب الملك عبد الله في سياقه، ويرى أن أول مؤشرات ردة الفعل السورية سيبدو فيما سيسمعه وزير الخارجية التركية داود أغلو اليوم "لا بد من قراءة الموقف السعودي في ضوء تجارب العقد الماضي. وفي ضوء موقع السعودية ومسؤولياتها العربية والإسلامية. ولا بد من وضع رفض الخطاب للوضع الحالي في سورية وقرار استدعاء السفير السعودي للتشاور في سياق الإصرار على أن تبادر دمشق سريعاً إلى قلب مسار الأحداث مهما كانت القرارات الإصلاحية المطلوبة صعبة أو مؤلمة. إن أي قراءة متأنية للموقف السعودي والمفردات المنتقاة بعناية تظهر أن الهاجس هو إنقاذ سورية وليس إحكام الحصار حولها. الطريقة التي ستقرأ بها سورية الموقف السعودي ستشير إلى طبيعة المرحلة المقبلة. يمكن قول الشيء نفسه تقريباً عمّا سيسمعه داود أوغلو، اليوم، في دمشق". وعن ردة الفعل، يبدي بعض الخبراء والمحللين تشاؤمه حيال نظام دمشق، خاصة في ضوء الإصرار على المعالجة الأمنية للموقف، ففي صحيفة "الشرق الأوسط" يقول الكاتب الصحفي مشاري الذايدي "نظام الأسد يسير على سنة صدام حسين، العناد والمكابرة والعنترية اللفظية والمزيد من القمع وممارسات الشبيحة، والاستهتار البدائي بخطورة سلب الشرعية الدولية والسياسية منه! لقد قرر الأسد بكل مهارة في الانتحار السياسي أن يصطدم بالعالم الخارجي وبالإقليم من حوله، كما اصطدم بشعبه من قبل ذلك، ولا يزال، المسألة مسألة وقت فعلا قبل أن ينتهي النظام القائم على سيقان الأمن، وهي أولى السيقان التي تنهار حينما يفقد النظام شرعيته"، ويرى الذايدي أن "خطاب الملك السعودي دشّن مرحلة جديدة، وربما أخيرة، في قصة هذا النظام العجيب في سوريا"، ويضيف الذايدي "المثير للدهشة في قصة بشار الأسد ونظامه العائلي الأمني، هو أنه منح أكثر من غيره الفرص للتعلّم وغفرت له الكثير من الأخطاء، لكنه لم يستثمر هذه الميزات، تماماً كما سجل لنا التاريخ العربي تلك المقولة الشهيرة التي قالتها والدة آخر السلاطين العرب في الأندلس: "ابك مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال" أيضا يبدو الكاتب الصحفي صالح الشيحي في صحيفة " الوطن" متشائماً حين يقول "لا يحتمل خطاب خادم الحرمين الشريفين أطال الله عمره أكثر من تفسير وأكثر من تخمين.. لغة واضحة لا تقبل الاحتمالات.. "مستقبل سوريا بين خيارين إما الحكمة أو الفوضى".. ومما يؤكد غضب المملكة كدولة لها ثقلها في العالم الإسلامي من ممارسات حكومة الأسد، هو استدعاء السفير السعودي هناك.. هذه الخطوة في العرف الدبلوماسي تعني الاحتجاج العملي.. وهو ما يعني بداية حقيقية لفرض عزلة سياسية على هذا النظام الدموي، الذي لا تريد حكومة ماهر وبشّار الأسد أن تفهمه ولا أظنها ستفهمه هو أن حاجز الخوف قد سقط في درعا قبل خمسة أشهر.. ونتائج عام 1982 لن تتكرر اليوم مهما كانت المعطيات.. الحل واضح تماما.. لكن لا أحد يريد سماعه في دمشق". وتحت عنوان "هل يستمر النظام السوري في إضاعة الفرص؟" تحذر صحيفة " الوطن" النظام السوري من نتائج عدم الاستجابة وتقول "لماذا كل هذا الكم من النصائح، ولماذا انفضاض الحلفاء واتخاذهم موقفاً من النظام السوري؟ كل هذه التطورات ستؤدي في نهاية المطاف إلى عقوبات اقتصادية دولية وربما إلى تدخل عسكري، لن يستفيد منه لا الشعب السوري ولا حتى النظام الذي يدعي حمايته للعروبة". وتحت عنوان " دعوة محب وواجب القيادة السورية الاستجابة لها" خلصت صحيفة "الجزيرة" في افتتاحيتها إلى "أن العقل والحكمة والشرع والمنطق جميعها تفرض على القيادة السورية المسارعة إلى الاستجابة إلى نداء مُحب لا يشك أحدٌ في محبته وإخلاصه لسورية. وعدم الاستجابة يعني الفوضى والإسهام عمداً في تدمير سورية". وفي صحيفة "الوطن" يتمنى الكاتب الصحفي علي سعد الموسى ألا يغلق النظام السوري الباب الكبير الذي فُتحه أمامه خادم الحرمين، فتحت عنوان "كيف ستقرأ القيادة السورية رسالة أبي البيت العربي؟" يقول الموسى "ما هو الأهم، أن خادم الحرمين الشريفين قد صدح برسالته التاريخية استشعاراً بمسؤوليته الشخصية الكبرى ومسؤولية بلده، وبالخصوص في الظرف العربي الراهن الذي لم تعد به قوة إقليمية عربية خالصة سوى المملكة، خاصة في ظل الظرف الاستثنائي الذي تعيشه الشقيقة مصر؟ هل يدرك الرئيس السوري في الأصل حجم التأثير الذي سيستقبل به الشارع والمواطن السوري رسالة أبي البيت العربي؟ وهل سيدرك أن هذا الشعب يؤمن بأن القائد السعودي هو الوحيد في هذه الظروف الذي يستطيع رأب الصدع ما بين حاضر هذا الشعب ومستقبل طاقم القيادة؟ أتمنى من بشار الأسد تحديداً ألا يغلق الباب الكبير الذي فُتح أمامه، وخصوصاً أنه يعرف أنه الباب الوحيد الصادق الذي يستطيع أن (يدخله) بأمان وثقة".