أكد باحث متخصّص في الشؤون الإسلامية والاجتماعية خطورة التساهل في ضبط الأوقاف الأهلية، ووضع مجلس نظارة عليها للحد من النزاعات التي قد تحدث بين الأقارب من إخوة وأعمام وأخوال وأبنائهم مما يعد شرخاً في الأسرة، ومسبباً لقطع الرحم الذي يكون سببه في الغالب ناظر الوقف . واستشهد المستشار والباحث في الشؤون الإسلامية والاجتماعية سلمان بن محمد العُمري من تنامي المشكلات العائلية المتعلقة بالأوقاف والمواريث ووصول بعضها إلى المحاكم حيث استقبلت المحاكم نحو 360 دعوى حقوقية لأوقاف وقع عليها نزاعات خلال العام الماضي، وذلك في 11 منطقة.
وتصدّرت الدعاوى المقدّمة من الورثة ما يقارب 80 في المائة من هذه القضايا المقدمة، حيث استحوذت محاكم مكةالمكرمة على العدد الأعلى ب 96 قضية، وبنسبة 27 في المائة، تلتها المنطقة الشرقية ب 91 دعوى وبنسبة 25 في المائة، ومحاكم المدينةالمنورة في المرتبة الثالثة ب 84 قضية، وبنسبة 23 في المائة.
وبين العُمري أن بعض الأوقاف الأهلية لا تتحقق فيها أحياناً مقاصد الشريعة لا لقصور في الأوقاف ذاتها بل بسبب مخالفة النظار القائمين عليها لشروط الواقفين فينفقون غلة الأوقاف في غير ما أراد الواقف أو يهملون في صيانة الوقف وتجديده فيصيبه العطب والخراب وتندثر أصوله وتتوقف منافعه من دون أدنى مساءلة أو حساب من قبل الجهات القضائية باعتبارها المسؤولة عن مراقبة أداء نظار الأوقاف .
وأضاف المستشار والباحث في الشؤون الإسلامية والاجتماعية قائلاً: أن من المشاكل الملازمة لنظار الوقف كبر سن الناظر وعدم استطاعته إدارة الوقف وتوكيله المهمة لأحد من أبنائه أو من موظفيه وهو لا يعلم عن الوقف شيئاً سوى « التشبث » به أمام الأقرباء بل والامتثال عليه وكأنه حق مشاع وتبقى الأموال في ذمته وأبنائه ويتعامل معها كأنها حق مكتسب ويتصرف بها وكأنها ملك خاص وأحياناً توزع كتوزيع الميراث ويتوارث الأبناء نظارة الوقف من أبيهم !!
وأوضح العُمري في دراسته العلميّة المعنونة ب « ثقافة الوقف في المجتمع السعودي بين التقليد ومتطلّبات العصر » أن مشكلة « نظار الوقف » ليست مشكلة محلية وليست مشكلة حديثة بل هي مشكلة عامة وقديمة تتجدد صورها وأشكالها، كما إن من إشكالات نظارة الوقف عدم استثمار الوقف الاستثمار الأمثل وتنميته وربما تكون صفة الأمانة هي الوحيدة إذا ماتوفرت في الناظر وليس لديه رؤية استثمارية تنمي الوقف وتطوره ولربما توقف ريع الوقف لعدم صيانته وإهماله ومن ثم تتعطل منافعه حتى يكون « خرباً » لا فائدة منه وتضيع الأموال الموقوفة لسوء تصرفه .
وناشد العُمري القائمين على الأوقاف من النظار أن يتقوا الله سبحانه وتعالى فيما تحت أيديهم من أمانات وأن يعملوا على تنفيذ شرط الواقف فشرط الواقف كما قال العلماء كنص الشارع وعدم المخالفة وعدم التفريط في الأوقاف.