ألقى الشيخ الدكتور صالح بن عواد المغامسي، اليوم، محاضرة عن "الوسطية في الإسلام" تناولت تعريف الوسطية، مشيراً إلى أن لفظ الوسط بالقرآن لا يعني البقاء بالمنتصف بل تدل على أن الدين الإسلام اختاره الله لعباده أنزله، وجاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن لأحد تغيير شيء منه. وأضاف وسط حضور طلابي من مختلف الجامعات السعودية، وضمن فعاليات برنامج "سفراء الوسطية" الذي يرعاه أمير منطقة المدينةالمنورة، وتنظمه جامعة طيبه بالتعاون مع مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، والمقامة فعالياته بمبنى المؤتمرات بالجامعة: أن بعضهم يذمون في العلماء ذماً مما يجعل ذلك في نظر السامع يبغض ولاة الأمر ثم العلماء، ثم يجعله يبغض من حوله من الناس، وإذا قبل الفتى ذلك يجعلوه يبغض قرابته، وإذا ابغض قرابته جعلوه يبغض والديه، وإذا وصل إلى مرحلة بغض والديه شاء أو أبى أصبح واحداً منهم، وإذا أصبح واحداً منهم أبغضوا إليه نفسه، وذكروه بمعاصي سلفت وخطايا سبقت، وقد لا تكون من الكبائر في شيء، لكنهم يجعلون الجنة سداً منيعاً، مع أن الله وعد عباده الوعد المطلق بقوله تعالى "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً"، مشيراً إلى أن أولئك يجعلون دخول الجنة مشروطاً بالتخلص من النفس، وإذا قبل الفتى أن يتخلص من نفسه، يلجأ والعياذ بالله إلى تفجير نفسه ليسلك بعدها في مقام التكفير.
وأشار "المغامسي" إلى أن تلك الفئة من المتطرفين والضالين فكرياً جعلت تلك الآية سبيل إليهم، وهم قالوا إنها نزلت في أبي عبيده، ولابد أن يعرف الفرق بين والد أبو عبيده وبين أبيه، مضيفاً: تجد شاباً والده في سن المراهقة يجاهده ويأمره بالصلاة، ثم يذهب به إلى التحفيظ وإلى الجامعة، ويرى أباه يذكر الله وأمه تقول لا إله إلا الله، ويجعلون هؤلاء الأبناء يعتقدون أن والدهم مثل والد أبي عبيدة، ولا يجمع هؤلاء الشباب بقصة أبي عبيدة إلا النسب، ليأتي لذلك الشاب ويحرضه على قتل والده، إذ أن أبي عبيدة قتل أباه من قبل، فيرى ذلك أنه من أعظم الأمور اليسيرة التي يراها قربى في ظنه الخطأ، ومنها قتل أبيه أو أمه أو أحد أقربائه.
وأكد أن الله عز وجل عندما ذكر قريشاً في يوم بدر، أنهم خرجوا رئاء الناس، وأبو عبيده لو قيل له اشهد أن محمدا رسول الله، فهو يرى أن محمدا صلى الله عليه وسلم ساحر أو مجنون، لكن والد الشاب أو ولي أمره ومن حوله من المسلمين لو جاء بأعظم المعاصي وقال له محمد رسول الله لطأطأ رأسه خجلاً، وهذا الأمر مشاع لكل من حوله، فلو رأى مسلماً وقع في المعصية، فهو يبقى مسلماً.
وأوضح "المغامسي" أن الناس قليل منهم يقرأ، وقليل من يفقه، مستشهداً بقوله صلى الله عليه وسلم "هَلَاكُ أُمَّتِي فِي الْكِتَابِ وَاللَّبَنِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ مَا الْكِتَابُ وَاللَّبَنُ؟ قَالَ: "يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ فَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ مَا أَنْزَلَ الله، وَيُحِبُّونَ اللَّبَنَ فَيَدَعُونَ الْجَمَاعَاتِ وَالْجُمَعَ وَيَبْدُونَ".
واختتم محاضرته بدعوة الشباب إلى التسامح مع الذات، وأن يعلم الشاب علم اليقين أنه محال أن يوجد أحد من أمة محمد لم يعصِ الله، إلا يحيى بن زكريا وأن الحسنات يذهبن السيئات، وألا يعتقد أن هناك أناسا لا تعصي الله، وأن يلتمس للناس أعذارهم وأن سماحة الإسلام أجل وأعظم وأكثر تسامحاً، لكنه يحتاج لتدبر القرآن الكريم والسنة النبوية.