كشف الأستاذ المشارك بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم المشرف على "جوال كون" المتخصص بالطقس والفلك، الدكتور عبدالله المسند، عن أن العاصفة الغبارية، التي قلبت نهار جدة مساء أمس إلى ما هو أشد من الليل، كانت بسبب تأثير ما أسماه ب"الرياح الهابطة"، وهي التي تعد من أخطر الظاهرات على الطائرات عند الإقلاع والهبوط، وقد تقلب بسرعتها الشاحنات المقطورة! وأوضح المسند ل"سبق" أن مراقبة الرياح الهابطة والتحذير منها يتطلبان مراقبة آنية بشتى وسائل الرصد الحديثة الأرضية والفضائية؛ حتى يتمكن المتنبئ الجوي من التحذير منها. وهذه تحتاج إلى جهات حكومية رسمية متخصصة.
ولفت إلى أنه يمكن للرئاسة العامة للأرصاد التحذير من هذه العاصفة بفترة (لا تقل) عن 30 دقيقة عبر وسائل الإعلام، والرسائل النصية، وهو وقت يكفل أخذ الحيطة من المواطنين، وتأهب الجهات المعنية نسبياً.
وشرح "المسند" حقيقة ما حصل في جدة مساء أمس بأنه عبارة عن تكوُّن سحب ركامية عظيمة من نوع Cumulonimbus فوق منطقة مكة، تسببت بإذن الله تعالى - برياح هابطة Downdraft Downburst من علو يناهز 8 كم تقريباً، أثرت في مدينة جدة على وجه التحديد.
وأشار إلى أن "الرياح الهابطة الباردة من قمم السحب الركامية أو من وسطها مرت بطبقات دافئة في طريقها لسطح الأرض، وضربت الأرض بسرعة فاقت ال50 كم بالساعة". مضيفاً بأنه "عندها وجدت تُرب رملية مفككة، وجافة، وعارية من الأشجار والمسطحات الخضراء، ثار الغبار كالعادة. وبسبب حركة الرياح الدورانية تكونت الجُدر الغبارية السوداء الكثيفة والمهيبة والمخيفة، التي قلبت النهار إلى ما هو أشد من الليل".
واستطرد "المسند" موضحاً حقيقة الرياح الهابطة: "الحرارة العالية آخر النهار ترفع الهواء السطحي والرطوبة معه إلى أعلى، عبر ما يُسمى بالرياح الحملانية؛ فتتكثف السحب، وعندما تصل الرياح الصاعدة (الحملانية) إلى قمم المزن الركامي نحو 8 كم يبرد الهواء؛ فيكون كثيفاً ثقيلاً؛ فيهبط، وقد يمر على طبقات جوية باردة عقب نزول قطرات المطر التي تبخرت عندها؛ ما يزيد من ثقل الهواء وتسارعه تجاه سطح الأرض، بسرعة عالية تصل أحياناً إلى 100كم/ ساعة، وربما 170كم / ساعة؛ فتضرب الأرض بشدة مثيرةً الغبار، ومؤثرة سلباً على الممتلكات، وقد تقلب بسرعتها الشاحنات المقطورة، وهي من أخطر الظاهرات على الطائرات عند الإقلاع والهبوط، بل هي المسؤولة عن حوادث طيران سابقة. ومن ناحية أخرى، فإن تأثير الرياح الهابطة يكون محصوراً – عادة - في نطاق جغرافي ضيق نسبياً".
وقال الدكتور المسند: "أشرت مطلع الأسبوع الحالي عبر تغريدات ونشرات طقسية محفوظة إلى أن حالة عدم الاستقرار الحالية سيكون معها غبار، ونبهت في نشرة الطقس لصباح أمس الثلاثاء من الرياح الهابطة، التي نتوقعها، ولا نستطيع الجزم بها، ولا تحديد وقتها ومكانها بدقة؛ لصعوبة الإمكانات التقنية لدى الفرد".
وأردف: "بينما على مستوى الرئاسة العامة للأرصاد يستطيعون مراقبة الكتل الركامية الضخمة والعواصف الرعدية بشكل آنٍ وآلي عبر رادار Doppler، بل بالبعد الثلاثي 3D، وعبر صور فضائية وبيانات رقمية، تُمكنهم من معرفة حركة الرياح العمودية داخل العواصف الرعدية، والتنبؤ بحدوث التيارات الهابطة، ومن ثَمّ التحذير من العاصفة الغبارية الناجمة عن الرياح الهابطة بفترة لا تقل عن 30 دقيقة عبر وسائل الإعلام، والرسائل النصية، وهو وقت يكفل أخذ الحيطة من المواطنين، وتأهب الجهات المعنية نسبياً".
وأضاف: "ما زالت كتلة الغبار تؤثر حالياً في أجزاء واسعة من منطقتي تبوك والحدود الشمالية. وتتعرض أجواء السعودية لأجواء خريفية مبكرة جداً، تتمثل بسيطرة التيار النفاث الغربي على السعودية، واندفاع كتل هوائية رطبة قادمة من بحر العرب بواسطة الرياح الموسمية، التي قد تتسبب بحالة من عدم الاستقرار الجوي، خاصة في القطاع الغربي من السعودية. والله أعلم".