استعرض الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالرحمن آل سعود، العوامل التي دعته قبل خمس سنوات إلى تأسيس أول مؤسسة مجتمع مدني تُعنى بتعزيز قيم "النزاهة والشفافية" في المملكة؛ حيث تم الترخيص لها رسمياً من قِبَل وزارة الشؤون الاجتماعية، واختير للمؤسسة اسم "السعفة". وضمّت المؤسسة كوكبة من قيادات القطاعين العام والخاص، تطوعوا لتقديم خبراتهم للمؤسسة؛ لتحقيق الأهداف والاستراتيجيات التي تأسست من أجلها، وأسهموا -خلال فترة وجيزة- في تقديم مبادرات ثرية؛ كان أبزها جائزة النزاهة التي تحتفل بها المؤسسة دورياً.
وقال الأمير تركي في حوار مع صحيفة "سبق": "الجائزة منذ تأسيسها حَظِيت بدعم وتشجيع لا محدود من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وشرّف بحضوره أول حفل أقامته مؤسسة السعفة لتكريم المشاركين في النسخة الأولى، وكان ذلك خير داعم وحافز لنا للاستمرار".
وأضاف: "الجائزة من أهم مبادرات مؤسسة السعفة، إحدى مؤسسات المجتمع المدني السعودي، المستقلة المعنية بتعزيز قيم الشفافية والنزاهة في المجتمع، وتعمل وفق الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، وخطط لها أن تكون سنوية تتنافس للحصول عليها مؤسسات القطاع الخاص والجمعيات الخيرية بالمملكة التي تُحَقّق معايير النزاهة في مجال الأعمال والخدمات المقدمة للمجتمع".
وأردف: "الجائزة قطعت شوطاً متقدماً ولله الحمد، من خلال عمل مؤسسي وفريق عمل يضم نخبة من أبرز الكفاءات التي عُرفت بالمهنية والنزاهة، وأرى أن الجائزة حققت الكثير من أهدافها في تعزيز قيم وثقافة الشفافية والنزاهة والعدالة والمساءلة في المجتمع وبيئة العمل، والملاحظ أن التفاعل في ازدياد من قِبَل الجهات مع الجائزة".
وتابع: "وقد زاد من مكانة الجائزة أن الجهات الفائزة في الأعوام السابقة لها حضور فاعل ومكانة اجتماعية مرموقة، وكان أبرز الفائزين بها: خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، وعلى مستوى المؤسسات هناك هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وجمعية "إنسان" لرعاية الأيتام، ومجموعة "المجدوعي" التجارية".
وقال الأمير "تركي" ل"سبق": "الجائزة تأتي تشجيعاً للسلوك الأخلاقي السوي في التعاملات؛ مما سيرفع من مستوى الأداء والأعمال، والمؤسسات المشاركة تستفيد مباشرة من مشاركتها، ويمنح الترشيح شهادة قوية على المستوى الوطني فيما يتعلق بالسلوك الأخلاقي للمؤسسة ذاتها ويوضّح لها مكامن الضعف والقوة من مهنيين متخصصين؛ مما يترك الأثر الكبير داخل المؤسسة، وتسلط الأضواء عليها بسبب حرصها على السلوك الأخلاقي في تعاملاتها، وانعكاس مبدأ المشاركة على مدى اهتمام هذه المؤسسة بمبدئيْ الشفافية والنزاهة، بالإضافة إلى النتائج الإيجابية على اقتصادنا الوطني".
وأضاف: "هناك حراك اجتماعي بدأ ينشط حول نشر المعايير والتطبيقات وإبراز وتقدير النماذج الناجحة، ومن خلال الطرح والتفاعل الإعلامي والنقاشات والحوارات، التي تخلقها الجائزة، ورصد المخالفات من خلال تعزيز إدراك أفراد المجتمع حيال حقوقهم وتفاعلهم في هذا المجال".
وبخصوص إجراءات الترشيح قال الأمير تركي: "الترشيح متاح لكل المنشآت، ويتم ذلك إلكترونياً من خلال الموقع الإلكتروني لمؤسسة السعفة، ويتم تقييم الجهات المرشحة من خلال ملف الترشيح المقدم إلكترونياً بشكل دقيق من أعضاء لجنة الجائزة عبر ثلاث خطوات، تتمثل في: (التقييم الرسمي، وفحص ملف المرشح من حيث الشمولية والإطار الزمني، والإثباتات المقدمة)، ثم تقوم لجنة جائزة الشفافية بإعداد قائمة مختصرة تضم من خمسة إلى عشرة مرشحين، بعد استيفاء معلوماتهم وإجراء المقابلات معهم".
وأضاف: "هناك معايير أساسية تتمثل في الالتزام بقِيَم الشفافية والنزاهة والعدالة والمساءلة، بالإضافة لمعيار الأثر العام لتلك القيم على المؤسسة وما تنطوي عليه من دور لتكون قدوة حسنة، كما أن قيمة الجائزة تبلغ "ربع مليون ريال"، مقدمة من مؤسسة السعفة، كما يقدم درع "الشفافية" لمؤسسة، إلى ثلاث مؤسسات مشاركة؛ حسب المعايير المعتمدة في نموذج الترشيح، ويتم تكريم الفائزين -كما جرت العادة- في حفل موسع بحضور وسائل الإعلام".
وأردف: "مؤسسة السعفة ولجنة الجائزة حريصة على تطبيق أعلى درجات السرية حيال كل معلومات المؤسسات المترشحة، وعدم الإفصاح عن ترشحها إلا بعد فوزها، ولجنة التحكيم للجائزة تضم شخصيات ذات تأهيل وتجربة، وتحظى بالقبول الواسع والنزاهة والحيادية، وعملها يتم باستقلالية تامة".
وتابع: "جائزة الشفافية ليس المبادرة الوحيدة لمؤسسة السعفة؛ بل هناك مبادرات متعددة قدّمتها المؤسسة؛ منها: إصدار دراستين: الأولى "التعديلات المقترحة على نظام المنافسات والمشتريات الحكومية"، وقَدّمت الدراسة توصيات مهمة لتعزيز النزاهة والشفافية، وهي متوفرة على موقع المؤسسة الإلكتروني.. والدراسة الأخرى "اللائحة الاسترشادية لحوكمة المؤسسات والجمعيات الخيرية"، بالإضافة إلى تقديم برامج تدريبية متخصصة في النزاهة، و"مكافحة الاحتيال" في الرياض، وجدة، والخبر، بالشراكة مع معاهد متخصصة، كما تمثل مؤسسة السعفة مؤسسات المجتمع المدني السعودي في المحافل المحلية، والإقليمية، والدولية".
وقال الأمير "تركي": "تنظم المؤسسة كذلك حلقات نقاش وندوات تتعلق بالنزاهة والحوكمة عموماً والشفافية على وجه الخصوص، وعاودت المؤسسة مؤخراً إصدار مجلة "السعفة"، وهناك تواصل مستمر مع الجهات ذات الشأن لتحقيق الأهداف التي أُنشئت من أجلها المؤسسة".
وحول تعزيز النزاهة من خلال العمل الاجتماعي، أضاف الأمير "تركي": "الدولة -على مختلف مستوياتها الهرمية- مهتمة بدعم نشر القيم الإنسانية والفضائل التي حث عليها الدين الإسلامي والثقافة المحلية، وقبول الحكومة السعودية بقيام إحدى مؤسسات المجتمع المدني لأغراض نشر الشفافية والنزاهة، يأتي في إطار دعم وتفعيل مؤسسات المجتمع المدني، وترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة،وفيه إثبات لمن يشكك في موقف الحكومة واتجاهاتها في نشر النزاهة والدعوة إلى الشفافية، وتقليص دائرة الفساد، وإتاحة الفرصة للمجتمع ليؤازر التشريعات والمؤسسات الحكومية المعنية بحماية النزاهة، ومقاومة الفساد، واجتثاثه من جذوره".
وأردف: "كل متابع يعرف أن مؤسسات المجتمع المدني هي خط الحماية الأول في مواجهة الفساد؛ منوهاً بأن تعزيز "النزاهة " ليس مسؤولية الحكومة فقط؛ بل مسؤولية المجتمع بجميع مكوناته من كتاب ومفكرين، وباحثين، ومؤسسات تعليمية، ومؤسسات خاصة، وجمعيات مدنية".
وتابع: "المؤسسات الحكومية لها اختصاصها بموجب الأنظمة، ومن أهم اختصاصاتها: استقبال الشكاوى، والقبض، والتحري، ومحاكمة المفسدين، وغيرها؛ بينما دورنا توعوي واستشاري إلى حد كبير، وهو دور يتكامل مع الدور الحكومي ولا يتعارض معه".
وقال الأمير "تركي": "مؤسسة السعفة لديها رؤية لتحقيق الريادة في تقديم مجموعة من البرامج والمبادرات المميزة الفاعلة في تكوين مجتمع سعودي يقدر ويكافئ السلوك المؤسساتي الأخلاقي، ويساهم في نشر الوعي، ونكون بمثابة مرجع وطني للمعرفة والخبرة في المواضيع المتعلقة بالشفافية والنزاهة، إضافة إلى تقديم الدعم اللازم للقطاعين الحكومي والخاص؛ من أجل تطبيق أُطُر العمل والقواعد والممارسات ذات الصلة؛ وذلك تعزيزاً للشفافية والنزاهة في المؤسسات والشركات -كما أسلفت- ومبادرات البحوث، والدراسات، والجائزة، وبرامج التدريب وغيرها".