رعى وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد رئيس مجلس الدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ مساء الجمعة الثالث عشر من شهر ذي القعدة الجاري 1436ه حفل افتتاح ورشة عمل: (التأصيل العلمي والعملي لدعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ) الذي أقيم بمقر الوزارة . وقد ألقى الوزير الشيخ صالح آل الشيخ كلمة استهلها قائلاً: إن العلماء ورثة الأنبياء، الأنبياء قاموا بالدعوة إلى الله ببيان ما أنزل إليهم وبلغوا الرسالة وأدوا الأمانة وجاهدوا في الله حق الجهاد ثم جاء دور العلماء في كل زمن من الصحابة رضوان الله عليهم وعلى رأسهم الخلفاء الأربعة، والعشرة المبشرون بالجنة، ثم سائر الصحابة، ثم التابعون، ثم من تبعهم من أئمة الإسلام هؤلاء جميعاً يوضحون معاني الكتاب والسنة، ويبينونها للناس، ويجددون الرسالة والدين ويجددون أمر هذا الدين بتجديد معاني الكتاب والسنة في نفوس الناس، وأعظم ما في القرآن توحيد الله جل وعلا بأنواعه وأعظم ما في السنة توحيد الله جل وعلا بأنواعه .
وواصل قائلاً: لذلك كانت الغربة شديدة خاصة فيما تنظرون في وسائل الاتصال المختلفة، والصحف والمجلات، وبعض الفضائيات في الخمس سنوات الأخيرة زاد الأمر حتى أصبح الخوف كبيراً في أن يغلب الجهل على العلم، وأن يكثر في الناس تصديق الشبهات والركون إلى عدم أهمية الرجوع إلى القرآن نفسه، وإلى السنة نفسها، وهذا ليس عجباً لأن المقصود من النيل من أصول هذه الديانة هو النيل من القرآن والسنة، والاتباع، من تكلم في الصحابة رضوان الله عليهم من أهل الزيغ في القرون الأولى فضحهم، وبين شأنهم أئمة الإسلام قالوا هم لا يريدون الصحابة ولكن يريدون الرسالة، يريدون القرآن، يريدون السنة لأن الصحابة هم النقلة .
وأكد الوزير الشيخ صالح آل الشيخ أن الدعوة الإصلاحية للإمام المجدد هي دعوة تجديدية، حظ الإمام المجدد منها أن الله جل وعلا أنعم عليه بأن كان من الراسخين في العلم الذين جددوا لهذه الأمة دينها, وتجديد الدين أمر عظيم لا ينفك عنه زمان، وهو وظيفة كل طلبة العلم، وتجديد في الدين، وتجديد أمر الدين كلها بسواء هذه لا يقتصر أمرها على فرد وإن خص العلماء بعض الأئمة بالتجديد على رأس كل مائة بقولهم مجدد المائة أو على رأس المائة الأولى عمر بن عبدالعزيز، وعلى رأس المائة الثانية الشافعي، وعلى رأس المائة الثالثة وهكذا, فهذا تقريب، وإلا ليس للحصر فالمقرر، والمحقق عند المحققين من أهل العلم أن التجديد أمر عظيم يشمل الجميع، ويدخل فيه الجميع .
وأبان أن أهل العلم جميعاً مجددون، من يجدد أمر الديانة بالعلم بتوحيد الله جل وعلا وما أنزل في ذلك والاتباع، اتباع محمد صلى الله وعليه وسلم ، ولزوم أصول الدين هذا تجديد، والتعليم بأنواعه ،والنهوض بأمر الدين علماً وعملاً هذا تجديد، والنهوض بأمر فقه الكتاب والسنة في المسائل العملية تجديد ،والنهوض بأمر القضاء في تحاكم الناس إلى الكتاب والسنة وما قاله العلماء فهماً من الكتاب والسنة، وما دون في كتب الفقه وكتب التقاضي هذا تجديد، وهكذا في غيره من السلوك والعلم فكل مجال من مجالات العلم والعمل التي دعا إليها النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت في القرآن والسنة تحتاج إلى مجددين، وهذا التجديد الشامل ينوب به العصبة من أولي العلم ولكن لابد من الاجتماع على تحقيق ذلك وهذا الاجتماع يكون بالتعاون على البر والتقوى كل في مجاله، وأن ينسى المرء ذاته مهما بلغ في سبيل تحصيل الحصانة العظيمة للدين، والحماية للتوحيد وللسنة، وهذا الأمر جاء مؤصلاً في هذه الفكرة ،فكرة هذه الورشة .
وأشار إلى أن هذه الورشة تأصيل علمي وعملي، يشارك فيها نخبة من ذوي التخصصات المختلفة، من هو حريص على نهضة هذه الأمة، وحماية الناس ورجوعهم إلى كلمة العدل والوسط والطريقة المثلى .. هذه الورشة تشمل مناحي شتى.
وشدد على أن هذه الورشة تتضمن برامج عملية منوعة كثيرة تخاطب كل فئات الناس في بلدنا، وليست مقتصرة على طلبة العلم ،وليست للخطباء، وليست للمشايخ، وليست للرجال فقط ،هي للرجال الكبار وللشباب، وليست للنساء فقط هي للنساء الكبار والصغار نريد أن تجعل الوزارة بما سيعينكم الله جل وعلا عليه أن يكون هناك برنامج عملي قابل للتطبيق .
وخلص إلى القول: إن بلادنا، المملكة العربية السعودية قامت على تحكيم الكتاب والسنة وكما أعلن الملك عبدالعزيز رحمه الله وجزاه الله عنا خير الجزاء قال على منهج سلف الأمة، واحترام جميع المذاهب، واجتماع المسلمين، والتعاون مع الجميع فصارت شاملة في مفهوم الدولة السعودية الثالثة بنظرة الإمام، والعلماء في ذلك الوقت إلى تجديد مهم في كيفية علاقة الدولة السعودية الثالثة بالناس في داخل البلد، وبالمسلمين في كل مكان ،وبغير المسلمين، وبالدول، وبالاتفاقيات كان ذلك بالنظر إلى مصالح عظيمة جداً وتحقيقاً لما هو من مقتضيات تحقيق في الدين .
وختم الوزير الشيخ صالح آل الشيخ كلمته سائلاً الله تعالى أن يثبت دينه، ويعلي كلمة الهدى والتوحيد قال تعالى: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا".
وكان حفل الافتتاح قد بدأ بآيات من القرآن الكريم، ثم ألقى عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رئيس لجنة برنامج دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الإصلاحية، الدكتور عبدالعزيز بن محمد السعيد كلمة أبان فيها أن الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من أولئك الأئمة المقتدى بهم، الذين جدد الله بهم الملة الحنيفية، والشريعة الإسلامية , في المائة الثانية عشرة , في دعوة سنية سلفية في جميع مكوناتها: العلمية, والعملية, والتربوية,والدعوية, والسلوكية, دعوةٍ شعارها ودثارها الإسلام الخالص ؛ إذ كانت قائمة على الكتاب ،والسنة, بفهم سلف الأمة.
وشدد على أن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله كان لها أثر عظيم في توجيه الناس إلى الرجوع إلى المعين الصافي كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم , وترك المحدثات والخرافات؛ حتى أضحت الجزيرة العربية ونجد على وجه الخصوص حاضنةً للعلم, ظاهرةً فيها السنن, قائمة بالشرع, بعلمائها وأمرائها وعامتها, ولا تزال المملكة العربية السعودية كذلك, أسأل الله أن يثبتها على الحق, وينصر بها الإسلام, ويعزها به .
ونوه الدكتور السعيد بتنظيم وزارة الشؤون الإسلامية لمثل هذه البرامج المهمة، وقال: حين تخصص الوزارة برنامجاً عن دعوة الإمام المجدد ضمن منظومتها الدعوية, فإنها ترمي إلى نشر العقيدة الصحيحة كما في الكتاب والسنة , وما درج عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأتباعهم من أهل العلم والإيمان, وإلى مزيد من التعريف بهذه الدعوة الإصلاحية, والإفادة من تراثها.
عقب ذلك ألقى وكيل الوزارة لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري كلمة قال في بدايتها: نجتمع هذا المساء المبارك لإطلاق ورشة العمل الأولى ضمن برنامج التأصيل العلمي والعملي لدعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله, وهذا البرنامج الذي يأتي انطلاقاً من رسالة هذه الوزارة في نشر الدعوة إلى الله وبث العلم الشرعي وترسيخ الوسطية بين الناس, هذه الوسطية التي قامت عليها هذه الدعوة المباركة وانطلق منها تأسيس هذا الكيان الشامخ المملكة العربية السعودية, فنحن دولة ذات رسالة تحيي ما اندرس من الحق والعلم الشرعي من ميراث النبوة .
وأشار إلى أن الصراع بين الحق والباطل والخير والشر, هو سنة من سنن الله في الكون, فقد واجهت دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وخاتمهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنواع الأذى والهجوم والمؤامرات والدسائس التي لا تخفى, وليس بدعاً أن تواجه دعوة الإمام المجدد رحمه الله قديماً وحديثاً نفس الوتيرة من الهجوم والإيذاء, كيف لا وهي دعوة ممتدة للدعوة النبوية وإحياء لها, والجميع يعرف ويرى السهام المغرضة الموجهة لهذه الدعوة في هذه الأيام, وهي سهام بقدر ما هي موجهة للدعوة فهي موجهة للدولة, فكل ما يسيء لهذه الدعوة الهدف من ورائه زعزعة هذا الكيان والبناء, واستهداف مكوناته نظاماً وبشراً وأرضاً ومكتسبات ومقدرات, وذلك يحتم تضافر جهود جميع المخلصين أفراداً ومؤسسات؛ للدفاع والذّب عن الحق, وعن هذه البلاد ومنهجها وعقيدتها.
وأبان الدكتور توفيق السديري إلى أن هذه البرامج والورش تهدف إلى نشر وترسيخ العقيدة الإسلامية والوسطية الصحيحة النقية من شوائب البدع والمحدثات, عن طريق تفعيل دور أهل العلم والدعاة في نشر الدعوة الصحيحة والاستفادة من المهتمين بالدعوة الإصلاحية في شتى القطاعات والمجالات, وتسخير الوسائل المناسبة؛ لبيان حقيقة هذه الدعوة لدى الفئات المستهدفة بسهام أهل الشر , وهذه الفئات تتمثل في: الأسرة, والشباب, والنساء, والمقيمين على أرض هذه البلاد المباركة, والمتخصصين في مجال الإعلام والتواصل, كما نهدف إلى ترسيخ التقنية الحديثة في ذلك, إضافة إلى تفعيل الشراكة المجتمعية بين الوزارة والمؤسسات التعليمية , وتفعيل دورهم في نشر الدعوة , وبيان حقيقتها, وتوضيح منهجها.
وأضاف قائلاً: كما نهدف إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الدعوة , وكشف الشبهات عنها, وبيان براءتها من الجماعات التكفيرية والإرهابية وأفكارها, داعياً المشاركين في ورشة العمل هذه إلى أن يستحضروا ذلك كله في مناقشاتهم وأطروحاتهم, وأن يستحضروا قبل ذلك إخلاص النية لله سبحانه وتعالى في هذا العمل, وأنه من خير الأعمال وأبرها؛ لما فيها من نشر الحق و الخير, ودفع الشر والباطل, ورحمة الخلق كما أراد الخالق سبحانه وتعالى .
واختتم وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد كلمته سائلاً الله جل وعلا أن يرزق الجميع الإخلاص في القول والعمل , وأن يكلل الجهود بالنجاح, وأن يحفظ لبلادنا دينها وأمنها وولاة أمرها, بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود, يعاضده سمو ولي عهده الأمين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز, وسمو ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
ومن المقرر أن تبدأ جلسات الورشة اليوم السبت بمشاركة عدد كبير من الأكاديميين والمختصين والمهتمين في أنحاء المملكة لدراسة دعوة الإمام المجدد، والخروج بتوصيات تدعم العمل الدعوي وتطويره في ظل الأوضاع الراهنة .
من ناحية أخرى، أشاد مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة الرياض، الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز الناصر، بالتفاعل المتميز والحضور الكبير من الأئمة والخطباء الذين توافدوا للمشاركة في برنامج "التأصيل الشرعي لفقه الانتماء والمواطنة" الذي اختتمت فعالياته في قاعة الملك فيصل بفندق الإنتركونتيننتال بالرياض، مبيناً أن هذا التفاعل الكبير من الأئمة والخطباء دليل صادق على إدراكهم عظم المسؤولية التي أنيطت بهم.
ودعا "الناصر" الخطباء والدعاة إلى تحويل هذه المشاركة لخطة عمل لتأصيل هذه المسألة المهمة عبر المنبر، واستهداف شريحة الشباب والتركيز على تأصيل وغرس فقة الانتماء والمواطنة في قلوبهم.
وقال "الناصر": إن الوزارة حريصة حرصاً بالغاً على تعزيز هذا الانتماء وترسيخ فضيلة المواطنة الصالحة إدراكاً منها لقواعد الشريعة الكبرى، وإيماناً منها بدورها العظيم نحو هذا المجتمع الأصيل، وليقينها بخطورة العزلة الشعورية عن المجتمعات المسلمة، وأن من الوفاء الانتماء الصالح لهذا البلد الكريم، مشيراً إلى أن الوفاء شيمة الأكارم والجفاء رذيلة أهل المكر والخداع.
وأكد "الناصر" أن قطب رحى هذا البرنامج وعموده الأساس هو قضية السمع والطاعة لولي الأمر بالمعروف، وليست هذه القضية من بنات أفكار الوزارة ولا من صنع بلاد الحرمين كما يزعمه الجفاة الضالون والأفاكون البغاة، بل السمع والطاعة أصل من أصول أهل السنة والجماعة الذين هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة، وسلفهم ومقدمهم رسول الله وصحابته الكرام، مشيراً إلى لطيفة علمية فريدة، وهي أن أهل العلم يقولون: الذي لا يدعو لولي الأمر بالصلاح والتوفيق ليس على المنهج القويم بل هو صاحب هوى والعياذ بالله، ألا فليفق المغرر بهم السذج أتباع الناعقين الخوارج الذين يهرفون بما لا يفقهون.
وأوضح أن هذه الجهود الطيبة والأعمال الكريمة يرعاها ويتابعها بعنايته ورعايته المتواصلة الدائبة، ويدعمها بلفظه ولحظه، الوزير الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ - سدده الله-.
وفي ختام تصريحه رفع "الناصر" شكره وتقديره للوزير، على رعايته ودعمه برامج الخير ومبادرات الوفاء والتي هذا البرنامج واحد منها، وثنى بالشكر للدكتور توفيق بن عبد العزيز السديري المشرف على البرنامج، كما شكر الأئمة والخطباء والحضور الكريم، على مشاركتهم الفاعلة ومساهمتهم المتميزة.