تحتفظ منطقة نجران بتراثها العمراني الفريد والمتنوع في الشكل وفي طريقة البناء والزينة والمسميات التي يعود بعضها إلى أكثر من ثلاثة قرون، مزينة أحياء المنطقة وقراها المجاورة لوادي نجران الشهير، عبر وقوفها برونقها الطيني وحوافّها البيضاء المزخرفة، جنباً إلى جنب مع المباني الحديثة التي انتشرت في زوايا نجران، ملبسة إياها حلة من رداء الحياة المتحضرة. ويقوم أهالي المنطقة بالاهتمام بالمباني التراثية وقصور الطين القديمة، وذلك من خلال ترميمها وإعادة أجزائها التي أثّر فيها الزمن وعوامل التعرية والسيول وغيرها، إيماناً منهم بأن تلك المباني جزء من الهوية النجرانية، وشكلاً حضارياً مهماً، لا يمكن التخلي عنه أو تركه، بوصفه رمزاً للمكان، وجسراً واصلاً بين الأجداد والأحفاد، وقيمة اجتماعية خاصة.
وتحرص الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وإمارة منطقة نجران على تشجيع أهالي المنطقة في المحافظة عليها والاعتناء بها، بمتابعة من الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس العام للهيئة، والأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد أمير منطقة نجران؛ لما تمثله من تاريخ عريق وربط بالماضي الأصيل، ودعماً كبيراً للسياحة والاقتصاد في المنطقة.
ومن أشهر تلك المباني الطينية "قصر سعدان" أو "قصر العان"، حيث بُني على جبل العان عام 1100ه، على أساسات من الحجر، ويتكون من 4 طوابق على طراز البناء النجراني القديم، بالإضافة إلى "قرية آل منجم التراثية" التي يعود تاريخها إلى أكثر من 260 سنة، وتشتمل على 7 مبانٍ طينية محاطة بسور كبير، وكذلك "قصر آل سدران" العائد تاريخه لقرابة 200 عام، والواقع في قرية آل سدران والمكون من 7 طوابق.
وأوضح صالح بن محمد آل سدران أن منطقة نجران تتميز بالمباني الطينية التي تمثل هوية المجتمع النجراني، وقيمه، وتقاليده التي يعكس تفاصيلها الظاهرية الشكل العمراني لهذه المباني أثناء القرون السابقة، مشيراً إلى أن قصر "آل سدران" تم ترميمه عام 1427ه بطريقة تحافظ على شكله وغرفه وممراته وطوابقه ال 7، فضلاً عن زخرفته القديمة، حيث اقتصرت عملية الترميم على تقويته وإعادة بناء أجزاء متهالكة فقط.
ومن جانبه أوضح أمين منطقة نجران المهندس فارس بن مياح الشفق أن أمانة المنطقة تسعى من خلال برامجها وخططها كشريك رئيس في الحفاظ على التراث العمراني، على تهيئة القرى والمباني الطينية القديمة، وإيصال الخدمات البلدية إليها، بحيث تتوافق مع خطوات الترميم، والتشغيل، لتكون معلماً حضارياً للمنطقة، ووجهة سياحية لزوار المنطقة.
وأكد أن الأمانة تسعى للتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة لتفعيل مشروعات الحفاظ على التراث العمراني في نجران، والمحافظات التابعة لها، انطلاقاً من الواجب الوطني، وتحقيقاً لتوجهات القيادة الرشيدة في الاهتمام بتراث وموروث الإنسان والمكان في أرجاء بلادنا الضاربة في التاريخ والحضارة.
من جهته قدّم مدير عام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة نجران صالح بن محمد آل مريح شكره وتقديره لملاك المباني التراثية في منطقة نجران، على جهودهم وحرصهم وتفاعلهم مع مبادرات الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني التي يقودها سمو الأمير سلطان بن سلمان، ومتابعة وتوجيهات سمو أمير منطقة نجران رئيس مجلس التنمية السياحية.
وبيّن أن القرى التراثية والمباني الطينية القديمة في المنطقة أصبحت من المحطات السياحية الجاذبة في المنطقة، ومعلماً بارزاً للسائح، وتنوعاً نادراً في شكل الأحياء بالمنطقة، حيث تصطف المباني الطينية، بجانب العمران الحديث كلوحة فنية بالغة الجمالة والخصوصية.