دعا الخبير الاقتصادي عبدالحميد العمري إلى فرض "رسوم" على المساحات الشاسعة من الأراضي "المحتكرة" كي لا تظل "المتاجرة في الأراضي" منفصلة تماماً عن أداء الاقتصاد الوطني، ولتتحول في اتجاه عكسي نحو الاقتصاد الوطني هرباً من تهاوي قيمتها وخسارتها، لتستقر داخل الاقتصاد الوطني تشغيلاً وإنتاجاً ونمواً واستقراراً. وقال العمري في مقاله بصحيفة "الاقتصادية" بتأكيد زيف ادعاء من قال إن انهيار أسعار الأراضي والعقارات سيزعزع الاستقرار الاقتصادي، مبيناً أن المصادر الرسمية أثبتت عكس كل ذلك جملة وتفصيلاً، وأن التضخم الكبير الذي شهدته أسعار الأصول العقارية باختلاف أنواعها، الذي ثبت فعلياً أن أغلبه -إن لم يكن كله- كان نتيجة تشوهات هيكلية في الاقتصاد.
وأضاف أنه "أصبحت لدينا سوق عقارية "تحديداً المتاجرة في الأراضي" منفصلة تماماً عن أداء الاقتصاد الوطني، وفي الوقت ذاته ترتبط هذه السوق الخاضعة لرغبات صناعها أكثر من خضوعها للسياسات الاقتصادية.. ترتبط هذه السوق مع الاقتصاد برابطين اثنين لا ثالث لهما؛ الرابط الأول: اجتذاب السيولة النقدية للاقتصاد الوطني، وتوظيفها في عمليات تدوير هائلة على الأراضي بمختلف أنواعها".
وأوضح أن "الرابط الثاني: لم تكتف هذه السوق المنفصلة عن الاقتصاد الوطني باجتذاب سيولته وحرمانه منها، بل أوجدت رابطاً آخر نقلت من خلاله التضخم الهائل فيها إلى داخل الاقتصاد، انعكس على الارتفاع المستمر لأثمان العقارات أولاً، وثانياً انتقل إلى الرفع المستمر لتكلفة الإيجارات (السكني، التجاري)، لترتفع من ثم تكلفة التشغيل والإنتاج، ولترتفع بصورة أقسى منها تكلفة المعيشة على المواطنين والمقيمين على حد سواء، ولا تزال آثار كل ذلك نافذة حتى تاريخه!".
وبين أن "ما زاد من مضاعفة تلك الآثار، أن المصادر الرئيسة للتضخم لم يتم التعامل معها بما يجب من قرارات وإجراءات رادعة، لتذهب إلى الاتجاه الآخر الذي دفع بالأسعار إلى مزيد من الارتفاع؛ عبر زيادات متتالية للأجور "رغم أنها ستكون محمودة لو تمت تحت ظروف مختلفة عما هو أمامنا الآن"، وزيادة في حجم قروض صندوق التنمية العقارية للإسكان".
وأشار إلى أنه "كلما تهاوت الأسعار الهائلة التي وصلت إليها الأراضي تحديداً "كونها مصدر الشرارة الأولى للتضخم وتضخم ما تلاها"، أدى ذلك إلى قطع شريان الرابط الأول الذي اجتذب بجنونه أغلب الثروات والسيولة المحلية، وبمجرد بتره لا شك أن الرابط الآخر سيلحق به".
وتساءل الكاتب: "فكيف لنا أن نغلق أبواب سعير الأسعار في هذه السوق المستقلة عن الاقتصاد الوطني؟!" وأجاب: "إنها الرسوم على تلك المساحات الشاسعة من الأراضي ولا غيرها، وهي المطرقة الوحيدة التي ستدفع بعكس اتجاه السيولة الخاطئ كما هو عليه الوضع الآن، لتتحول في اتجاه عكسي نحو الاقتصاد الوطني هرباً من تهاوي قيمتها وخسارتها، لتستقر داخل الاقتصاد الوطني تشغيلاً وإنتاجاً ونمواً واستقراراً، وأهمية تحقق كل ذلك قبل أن يتورط القطاع المالي في تمويله لذلك السعير من الأسعار، وهو الذي إن حدث فلا شك أن العواقب ستكون وخيمة جداً، ولا يمكن تخيل حجم آثارها المدمرة، لا قدر الله، بأرقام اليوم ولا حتى غداً".