"عيالي معكم أمانة أهم شي "راما" لا أحد يزعلها"، "وأمي وأبوي، انتبهم لهم ولا تخلون شي يشغلكم عنهم أستودعكم الله أجمعين".. هذه هي آخر رسالة استطاعت كتابتها معلمة العلا -رحمها الله- قبل دخولها غرفة العمليات بمستشفى أحد بالمدينة المنورة، بعد أن عاشت في غيبوبة شاء الله -تعالى- أن تكون آخر محطاتها في الدنيا. وبقدر ما تحمله كلماتها من ألم إلا أنها جسدت حقيقة الأم الحريصة على أبنائها والابنة الوفية مع والديها، فلا يمكن لبشر أن يوصي خيراً بخواطر الآخرين، وبالاهتمام بالوالدين، وهو في ظرف صحي مترد أكثر من قلوب الأمهات.
رحلت معلمة التربية الإسلامية بمركز مغيرا بالعلا ولم يكن لرحليها صدى، فهي لم تكن سوى معلمة تقف لساعات تعلم بنات الوطن كيفية الوضوء والصلاة، وكيف يصمن رمضان وكيف يؤدين الأمانات وكيف يكن بارات بآبائهن وأمهاتهن وما معنى صلة الرحم.
رحلت ولم يكن لرحيلها صدى، فهي فلم تكن إلا معلمة للقرآن في مدرسة التحفيظ بمركز مغيرا جنوب محافظة العلا تردده لبنات الوطن لساعات حتى يحفظن آياته، ويتدبرن معانيها، ليصبحن عضوات فاعلات في مجتمعهن.
رحلت ولم يكن لرحيلها صدى، فهي لم تكن سوى مواطنة ومربية وزوجة وأم لثلاثة أطفال أكبرهم "راما" تبلغ من العمر سبع سنوات، وهي أخت وابنة لمسنين انتهى عزاها ولم يجدوا حتى اليوم لرحليها صدى، ولا يزالون ينتظرون أن تشكل لهم لجنة حتى يستطيعوا أن يجدوا إجابة لأبنائها حين يسألون: لماذا رحلت أُمنا؟!
يشار إلى أن "معلمة العلا" لحقت بابنها الذي توفي قبل أيام، بعد أن ظلت في غيبوبة بمستشفى أحد بالمدينة المنورة، فيما كان زوجها قد ناشد، في خبر نشرته "سبق"، بنقل زوجته سريعاً، مبيناً أنه وجدها في غيبوبة بجوار ابنه المتوفي، واتهم أربعة مستشفيات بالتسبب في وفاة ابنه، وتدهور صحة زوجته، وقد أحالت الشؤون الصحية بالمنطقة شكواه للتحقيق، فيما يؤكد زوجها أنه لم يتواصل معهم أي من مسؤولي "الصحة" بالمنطقة منذ تقديمه الشكوى (قبل وفاة زوجته) وحتى الوقت الحالي.