بعد غياب عن الكتابة, ظهر الكاتب ورئيس تحرير جريدة الوطن المكلف سابقاً سليمان العقيلي في مقال في صفحته بالفيس بوك قبل أسبوع بعنوان "مدرسة تركي السديري الصحفية" الذي تحدث فيه عن حصول رئيس تحرير جريدة الرياض الأستاذ تركي السديري على جائزة الصحافة العربية للعمود الصحفي في دبي. وقال العقيلي: إن أستاذ المهنة الكبير عثمان العمير قام بتذكير الصحفيين السعوديين بنقيب مهنتهم الأستاذ تركي السديري عند حصوله على الجائزة, وأن صحفياً كبيراً مثل العمير لم يستذكر هذه الجائزة العربية الكبرى التي سُلمت لرجل الصحافة السعودية الأول تركي السديري ليس كي يلفت إلى صحفي وجائزة أو إلى شخصية وطنية في مناسبة عربية, بل وبفطنة وإلماحة المهني المخضرم يريد أن يلفت الأنظار إلى ظاهرة إعلامية سعودية لم تحظ بالدراسة والتحليل, كما يلفت الأنظار إلى أن هذه الشخصية لم تكرّم في بلادها التي كرمت عشرات الأدباء والتجار ورجال الدولة والبر والصدقة ، ولم تتجرأ أن تكرم صحفياً بقامة تركي السديري. وتحدّث العقيلي أن السديري أسهم بفكره وإدارته في أن يجعل من مؤسسة إعلامية وطنية مثل مؤسسة اليمامة الصحفية بتعدد قطاعاتها وتنوّع خدماتها وقيمتها الفكرية والمهنية واحدة من كبريات دور الصحافة العربية, ليس هذا فحسب، بل وحجز للصحفي السعودي مكانة في اتحاد الصحافيين العرب وفي مختلف النقابات والملتقيات الصحفية الفاعلة, ربما لأن الفعل الصحفي رجس من أعمال النميمة ينبغي أن تتطهر منه المجتمعات. وأضاف: لقد اختلف الكثيرون مع تركي السديري ليس كقلم وطني نزيه وقامة إعلامية باسقة, بل كنقابي بكل ما تعني هذه الكلمة في السعودية من معنى غامض، ولربما قسونا كثيراً على تركي السديري وهو يضع مع زملائه اللبنات الأولى لهيئة الصحفيين السعوديين, في ذيك اللحظات التاريخية الأولى لتدشين مجتمع مدني سعودي فاعل, لم نكن في تلك المعركة "شبه النقابية" نستحضر تغول الهاجس السياسي لنقحمه في جمعيتتا بل كنا نستدعي الحس القانوني؛ ليرتقي بالحقوق الفردية والجماعية، فالصحفي السعودي لا زال في درجة غير مرضية من الاستقلالية المهنية, وظل يخضع حتى الآن للفصل التعسفي أو التهديد بالفصل التعسفي, حتى غدت الصحافة السعودية مركزاً طارداً للشباب الموهوبين وخريجي كليات الإعلام, وأصبحت مركز جذب لأشباه الموهوبين وأنصاف المثقفين, بفعل المحسوبية والشللية اللتين غدتا معيارين معتبرين لولوج القطاع الصحفي والترقي فيه. وقال العقيلي: إنه ما كنا نبغيه من هيئة الصحفيين هو أن تحمي المهنة من المتطفلين، وتصون استقلاليتنا، فتحرّرنا من الضغوط غير المهنية – و لا نقصد هنا واجبات المصلحة الوطنية – بل ضغوط رجال المال وجماعات المصالح الاجتماعية, كما كنا نريد هيئة الصحفيين الحصن الحصين للصحفي الذي ربما يخضع للإرهاب الفكري أو الترهيب المادي بفعل الصراعات المجتمعية بكافة تنوّعاتها من الدين وحتى الرياضة, فيظل الصحفي السعودي حراً مرفوع الرأس بين أقرانه الصحفيين العرب من أنه يتمتع بالدرجة المقبولة من الاستقلالية المهنية, و هو للحق كان إلى الآن مرفوع الرأس بفضل توجيهات خادم الحرمين الشريفين أن لا يجازى الصحفيون بعقوبات سالبة للحرية, بل بالغرامات المادية وإن كانت تمت زيادتها أضعافاً مضاعفة في الآونة الأخيرة, إن المعركة من أجل الحقوق أبدية، وهي في حالة الصحفيين معركة شرف المهنة قبل أن تكون صراع حقوق إنسان, ولذا فستظل هذه الشعلة قيمة يعليها الصحفيون في كل معاركهم من أجل الحرية الصحفية أولاً, التي تتعزّز باستقلاليتهم المادية والفكرية, وهي معركة غير موجّهة ضد أي سلطة أو شخص أو هيئة أو مجلس إدارة, إنما صراع الإنسان نحو كرامته المهنية والحياتية, كمهني وكإنسان.
وأضاف: أما تركي السديري فيكفيه فخراً أنه أدخل نحو 35 صحفياً من مؤسسة اليمامة الصحفية أعضاءً مساهمين في مؤسستهم لهم كامل حقوق المالك في الجمعية العمومية ومجلس الإدارة. فجعل بذلك التحرير شريكاً في صنع توجّهات المؤسسة، بل والمؤثر ذي الغلبة قي صنع قراراتها. وهو بذلك يعلي من قيمة الصحفيين في مؤسسة اليمامة ليس كمهنيين، بل ومالكين ومخطّطين وصانعي قرار. وهي ميزة لم يحصل عليها بنفس الروحية والهدف الصحفيون في مؤسسات أخرى.
صحيح أن هناك مَن يقول: إن مؤسسة اليمامة الصحفية مؤسسة الرجل الواحد. لكنه الرجل القابع في قاعة التحرير حيث تصنع الأفكار وتُثارالسجالات وتدور النقاشات الصاخبة .. وأهون على الصحفيين ورجال القلم أن يسكتهم عن الكلام رجل فكر وابن مهنة؛ ربما هي روح النقابة التي يستريح فيها الصحفي لتوجيه ابن مهنته، وربما حتى يتغاضى عن خطأه.
وفي ظل قيادة السديري منحت مؤسسة اليمامة الصحفية محرّريها الهبات والقروض كيما يتزوّجوا أو يبنوا بيوتهم أو يرمموها, كما أرسلتهم في بعثات لنيل درجات الماجستير والدكتوراة, في ظل مناخ صحفي يرتجف فيه بعض رؤساء التحرير من أقلام الدكاترة وأعمدتهم, ولا نقول كراسيهم. وفيما تكرّم الصحف العربية رؤساءها السابقين بمكاتب وأعمدة ومعاشات يلوذ رؤساء التحرير السعوديون "المستقيلون أو المقالون" بالصمت، وربما يستكينون إلى أزقة النسيان, لا تلوي على السؤال عنهم وزارة إعلام ولا قطاعات ثقافة وكأنهم منبوذون, حتى يلتفت تركي السديري نحو زملائه السابقين فيدعوهم للكتابة في صحيفته بمكافآت مجزية تحول بينهم وبين غوائل الزمن التي تبدأ بالتهميش، ولا تنتهي عند التجاهل، وهم كانوا قادة رأي ورجال تنوير، ولا يحول وفاء السديري لزملائه حتى عمن كان قد خاض معه معارك المليون قارئ مثل رئيس تحرير صحيفة عكاظ الأسبق الدكتور هاشم عبده هاشم. وختم سليمان العقيلي مقاله، حيث قال في خاتمته: السديري قدّم بذلك الصحافة بصفتها قيم أخلاقية رفيعة تسمو فيها النفوس عن نوازع الضعف البشرية كالأحقاد أو المخاوف أو حتى الصراع على المناصب والنجومية والمصالح, فنال بذلك الاحترام الحقيقي من جلّ الصحفيين السعوديين, وفيما نجح بصفته إعلامياً مهنياً وكاتباً صحفياً ومفكّراً ... لا زلنا بانتظار نجاحاته قائداً نقابياً يسهم في حماية المهنة من الاختراقات التي تصبغها بالهشاشة الميثاقية، و يعزّز من استقلالية الصحفيين وصيانة حقوقهم التي من أهمها الحماية من الفصل التعسفي أو التهديد به, ولعل الكثيرين يؤمنون بقدرة السديري على تحقيق ذلك؛ لإيمانهم بخصاله، فبالإضافة إلى كونه صحفياً ومثقّفاً، فإنه رجل دولة قدير، لديه الميزان الدقيق لحسابات مصالح الوطن وحاجات المهنة.