يبدو أن مستشفى بارق ينتظر أن يرى النور على أرض الواقع، فالسراب الذي ينتظره 55 ألف نسمة وفقاً لإحصائيات التعداد الأخير للسكان والمساكن 1430-1431ه، بات حكاية توارثتها الأجيال منذ ما يقارب نصف قرن مضت. فرغم التوجيهات التي صدرت من قبل أمير منطقة عسير سابقاً الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز بتاريخ 15/ 3/ 1428ه، إضافة إلى توجيهات أمير منطقة عسير حالياً الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز رقم 3563 وتاريخ 2/ 1/ 1431ه، القاضية بإدراج مستشفى "بارق" ضمن ميزانية وزارة الصحة للعام المالي 1431-1432ه للضرورة الملحة، إذ إنه يحتل الأولوية رقم (11) على سلم مشاريع الوزارة بمبلغ 100 مليون ريال، إلا أن شيئاً من هذا لم يحصل البتة. يقول المعلم المتقاعد الأستاذ محمد إبراهيم قدري البارقي: "أدرج مستشفى لبارق بسعة 30 سريراً ضمن مستشفيات منطقة عسير بموجب خطاب الدكتور يوسف الهاجري رقم 260 وتاريخ 25/ 1/ 1385ه وفي عام 1405ه وصلت لجنة من وزارة الصحة لمعاينة الأرض المزمع إقامة المستشفى عليها ولغرض إثبات ملكيتها شرعاً لصالح الوزارة، وقد أخرج صك شرعي تحت رقم 191 في 16/ 5/ 1405ه صادر من محكمة بارق وسلم لها الصك في حينه." ويضيف البارقي: "واستمرت مراجعتنا للوزارة وفي كل مرة نجد الوعود تلو الوعود ولم يتحقق منها شيء." أما المواطن ناصر علي حافظ البارقي مدير بريد بارق فقال: إن مستشفى بارق يعمل على ملاكه فنيون وكادر صحي تحت اسم "مستشفى بارق للتشخيص والولادة"، إلا أنه لا يملك أي هوية على أرض الواقع. ويضيف: "وقد ناشدنا مديري الشؤون الصحية بمنطقة عسير لحاجتنا الماسة لوجود المستشفى، فكم من دماء سالت حتى آخر قطرة دون أن تبلغ مستشفى قريب، وكم من مريض بالسكر توفي قبل أن يكمل الطريق للعلاج خارج قريته في منتصف الليالي المظلمة، وكم من امرأة جاءها المخاض فكانت بطون الأودية عيادة للولادة المتعسرة في العراء ليموت طفلها أو تموت هي أو كلاهما أو تصاب بنزيف دموي حاد." ويؤكد مدير بريد بارق إلى أن ما يزيد الأمر سوءا "عدم وجود هلال أحمر" لإسعاف المصابين في الحوادث المرورية التي تحدث بالمدينة، وتتمتع "بارق" بموقع استراتيجي، إذ تعد الشريان الواصل بين مدينتي جدة غرباً وأبها جنوباً. أما المشرف التربوي بمكتب التربية والتعليم ببارق الأستاذ محمد أحمد زهير فيقول: "سعادة الإنسان الحياتية ومطالبه الضرورية تكمن في ثلاثة أمور، هي الأمن في الوطن والصحة في البدن والطعام، فإذا توافرت عاش ملكاً في هذه الحياة، كما في الحديث الشريف (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) فإذا تقرر ذلك كان لزاماً على الإنسان أن يحافظ على هذه الصحة." ويتابع: "حكومتنا الرشيدة لا تألو جهداً في هذا الصدد فقد أنشأت في هذا الجزء الغالي من وطننا الحبيب 11 مركزاً صحياً، إلا أن اتساع الرقعة الجغرافية والكثافة السكانية فاقت جميع التوقعات وتجاوزت جميع الإمكانات الموجودة." ويستدرك قائلاً: "لذا كان من الضرورة الجازمة وجود مستشفى يحل هذه المعضلة ويوقف تلك المعاناة." وكان المشرف العام على الإعلام الصحي والنشر بمنطقة عسير الأستاذ سعيد علي النقير قال في تصريح نشرته "جريدة البلاد" في 16/ 5/ 1422ه: "إنه تم إدراج مشروع مستشفى بارق ضمن خطة التنمية السابعة لمنطقة عسير وضمن ميزانية العام 1422-1423ه وبسعة 50 سريراً، والآن نحن في عام 1432ه ولم يتحقق شيء من هذا المستشفى، إما أنه موجود على أرض من الخيال أو تخطفته الطير فهوت به في واد سحيق.