تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي، في خطبة الجمعة اليوم, عن البدع وضررها على المسلم؛ موصياً المسلمين بتقوى الله - عزّ وجلّ - بالتقرُّب إليه بمرضاته والبُعد عن محرماته. وقال "الحذيفي": "إن المكلفين مأمورون بالتزام ما ينفعهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة ومنهيون عمّا يضرهم ويشقيهم في الدنيا والآخرة لقوله تعالى (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ), والفطرة التي فطر الله الناس عليها تدرك النافع من الضار ولا تستقل بمعرفة تفاصيل الخير والشر والحق والباطل من دون الشرع والله - عزّ وجلّ - برحمته وحكمته وعلمه أنزل على خاتم الأنبياء نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - القرآن والحكمة فبيّن الخير كله وحذّر من الشر كله".
وأضاف: "لقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس إلى العمل بما أنزل إليهم من ربهم، فنزل الإيمان في أصل القلوب وعلموا من القرآن والسنة وأصلح الله الأرض بالملة المحمدية, وأكمل الله لهذه الأمة دينها وأعزها، وترك النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته على أحسن الأحوال عقيدةً وعملاً ومنهجاً وتشريعاً وحكماً وصلاحاً".
وأردف: "النبي - صلى الله عليه وسلم - حذّر مما يضاد الدين ويهدمه مستدلاً بحديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في خطبته (إن خير الحديث كتاب الله وخير الهُدى هدي محمد, وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة), مشيراً فضيلته إلى أن النعم تحفظ بشكرها واجتناب أسباب زوالها واتقاء عقوبات كفرانها مستدلاً بقوله تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ, وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ), والبدع المظلة كفران بنعمة الإسلام وهدم للدين وشر على الأمة تفرق بين القلوب وتضعف الكيان وتشتت الصف ودمار على أصحابها وعلى المسلمين".
وقال الشيخ "الحذيفي": "افتراق الناس شيعاً وأحزاباً لا يكون إلا بالبدع المضلة مورداً قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ), وأن الله تعالى نهى أمة الإسلام عن البدع واتباع المبتدعين لقوله تعالى (وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْد مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَات وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَاب عَظِيم), وقوله تعالى (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ, وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)".
وأضاف: "البدع المضلة خراب للعمران وإفساد للدين, ويعظم ضرر البدع المضلة إذا كان لأهلها قوة يكيدون بها للإسلام وأهله وكل نكبة في أمة الإسلام سببها من أهل البدع والمنافقين، فالمستقرئ للتاريخ والمتتبع لحوادث الأيام يرى مصائب الإسلام من أهل البدع المضلة، وأولى البدع خروجهم على الخليفة الراشد عثمان - رضي الله عنه - وقتله, وإذاقة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - مرارة الحياة وأوهنوا جيشه واستحلوا الدماء".
وحذّر خطيب المسجد النبوي، المبتدعة أن أهل الإسلام لن يتركوهم يغيّرون في دين الله الذي رضيه للعباد وأصلح به العباد, مبيناً أن من واجب ولاة الأمر والأمراء والعلماء والعامة, كف خطر هؤلاء وشرهم وحماية الأمة وحفظها من البدع والمبتدعة.
وقال: "من واجب ولاة الأمر بالأخذ على أيديهم وكفهم بقوة السلطان, وأما واجب العلماء البيان والتحذير من البدع وإظهار الحجج على بطلانها وإبلاغها للأمة, ومن واجب العامة هجر المبتدع ولا يسمع منه بدعته ولا يتبع ما يدعو إليه".
وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنوّرة، في ختام خطبته, أن من أسباب النجاة من شر البدع لزوم الكتاب والسُّنّة ولزوم جماعة المسلمين وعدم الخروج عليهم وعلى إمامهم مستدلاً بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا).