لم يعد بالغريب أن تسمع عن مخترع سعودي حقق إنجازاً ما وابتكاراً معيناً في مجالات مختلفة وحاز على جوائز عالمية لاختراعاته، ولكن المستغرب أن تُنصت إلى أن مسؤولين أقفلوا الأبواب بوجه هذه الاختراعات محلياً ليفاجؤوا فيما بعد بحصولها على جوائز عالمية ليَعضُّوا بعد ذلك أناملهم ندماً على عدم تبني ودعم ذلك الاختراع والوقوف بجانب مخترعه. قصة بسيطة بطلها شاب سعودي لديه أكثر من 70 اختراعاً حاول الحصول على دعم لاختراعين اثنين أو ثلاثة، لكنه لم يجد المجيب فاضطرَّ إلى متابعة المشوار وتحمل تكاليف العناء والمصروف ليخرج بها مشاركاً في معرض جنيف الدولي للاختراعات، الذي منحه ميداليات الذهب وشهادات التقدير وفرصة المشاركة المجانية في العام القادم؛ تقديراً لأعماله والتي لم تلق دعماً محلياً.
بداية المشوار: قال المخترع السعودي "أديب الفريح" ل"سبق": أعمل في مجال الاختراع منذ سنوات عدَّة وعلى نفقتي الخاصة؛ حيث لم أتلقَّ أي دعم مادي من قبل أي جهة حكومية أو خاصة، بل على العكس تماماً قوبلت بعض اختراعاتي بالرفض من قبل بعض من المعنيين في هذا المجال، والذين أُفضل عدم ذكر أسمائهم وكان آخر الرفض على اختراع الوسادة الذكيَّة التي حصدت الميدالية الفضية في معرض جنيف.
لا يوجد بند: وأضاف: تقدّمت بطلب مشاركة ودعم لإحدى الجهات المعنية بالاختراعات بهدف تأمين الدعم المادي للمشاركة في معرض جنيڤ الدولي للاختراعات، ولكن للأسف تم رفض طلب تقديم الدعم المادي وحجز جناح خاص لعرض الاختراعات؛ وذلك بحجَّة أنه لا يوجد هناك أي بند يغطي ذلك المعرض.
ثلاث ميداليات: وقال: كانت مشاركتي الأخيرة في معرض جنيڤ الدولي للاختراعات بثلاثة اختراعات؛ وهي: الحمَّام المتنقِّل، والوسادة الذكيَّة، وشفَّاط النظافة.
وتابع: حصدت تلك الاختراعات ثلاث ميداليات؛ الذهبية للحمَّام المتنقل، والفضية للوسادة الذكيَّة، والبرونزيَّة لشفَّاط النظافة.
وأردف: إن إصراري على المشاركة في تلك الأعمال كان بمثابة تحدٍّ واضح بيني وبين من هم في دفَّة المسؤولية في مجال الاختراعات والابتكار الذين لم يقتنعوا في بعض الاختراعات ورفضوا تقديم الدعم المادي والمعونة لي للمشاركة في معرض جنيڤ الدولي للاختراعات.
غير مجدية: وأوضح "الفريح": تقدَّمت باختراع الوسادة الذكية إلى "إحدى الجهات الحكومية المعنيَّة بالاختراعات التي سوف أذكر اسمها إن استدعى الأمر، ولكن للأسف قال لي أحد المسؤولين فيها: ما هذا الاختراع؟ إنه لا يصلح أن يدعم.
وأضاف: قمت بالمشاركة به في معرض جنيڤ، وحاز على الميدالية الفضيَّة، وكان تقييم المعنيين لدينا بأنه لا يصلح أن يدعم وليس به شيء جديد وليس ذا أهمية؛ ولكن معرض جنيڤ كان له رأيٌ آخر.
وبين أنَّ وظيفة الوسادة الذكيَّة الهدف منها إيجاد حل لاستيقاظ النائم بالطريقة التي يريدها، إضافة إلى عناصر السلامة التي تقدمها في المنزل أثناء حدوث حريق لا سمح الله، بالإضافة إلى أنها حاجة ماسَّة لفئة الصُّم.
صحف غربية: أبهر اختراع الحمَّام المتنقِّل الذي شارك فيه "الفريح" بمعرض جنيف للابتكار؛ الحضور والصحافة الأُوروبية التي قامت بإجراء عدد من اللقاءات مع المخترع "الفريح". وقالت صحيفة "جنيڤ" الناطقة بالفرنسيَّة: "اختراع رائع لشاب سعودي- الحماَّم المتنقَّل ل"أديب الفريح" من السعودية، إنه اختراع مذهل اكتشاف الحمَّام مع المرحاض، وأن المخترع نشأ في الصحراء العربية السعودية وفاهم جيداً ما تحتاجه المنطقة من هذا الاختراع".
كما عنونت إحدى الصحف المحليَّة بجنيڤ: "أن اختراع الحمَّام المتنقل أعلى علامة بالصحراء".
ويقول "الفريح": إن فكرة الحمَّام المتنقل صمَّمت لخدمة العسكريين في الجبهات وحجَّاج بيت الله الحرام؛ وهو عبارة عن: حمَّام سهل الحمل وخفيف الوزن سهل التركيب بالنفخ، ويحمل على الظهر، مصنوع من مادة البوليستر وغير قابل لامتصاص الماء.
وأضاف: يحمل مميزات الحمَّام العصري؛ حيث يحتوي على دش للاستحمام وشطَّاف ماء ومروحة شفط وكرسي إفرنجية ومعلاق للملابس ومغسلة في الداخل، وأُخرى خارجية، ومرايا داخليَّة وخارجيَّة، وسلَّة مهملات، ومميزات عديدة أخرى.
وبين أنَّ قصّة الاختراع جاءت عندما كنت مسافراً وعائلتي احتاجت ابنتي إلى حمَّام فتوقفت أكثر من مرة عند محطَّات الوقود، ولكن كانت للأسف غير صالحة للاستعمال الآدمي بسبب الإهمال، فجاءت فكرة اختراع الحمَّام المتنقل الذي يحمله الشخص على ظهره أو في سيارته أينما ذهب.
جشع مادي: وأوضح "الفريح" سارداً رواياته مع اختراعاته قائلاً: عندما سُدَّت الأبواب الحكوميَّة في وجهي للحصول على الدعم المادي؛ توجَّهت إلى الشركات الكبرى للسيارات وبعض كبار المستثمرين بهدف دعم بعض الاختراعات، ولكن للأسف تفاجأت بجشع بعضهم الذي طلب مني نسبة "70%" من قيمة الاختراع مقابل الدعم والتكفَّل المادي بالتكاليف، ولكني أُكرر دائماً قول الله تعالى: {وما من دآبةٍ في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين}. فالرزق بيد الله وحده.