عبدالله النحيط): رصدت "سبق" ضمن زياراتها لمعرض وندوات تاريخ الملك فهد رحمه الله "الفهد.. روح القيادة"، الذي ينظمه أبناء وأحفاد الملك الراحل ، صورًا تذكارية تستعرض مسيرة الفهد منذ طفولته وحتى توليه الحكم مرورًا بالمناصب التي تقلدها والأحداث التي شهدها. وتعرض في المعرض صور الملك الراحل مقسمة حسب فترات مراحله العمرية من طفولته إلى توليه وزارة المعارف كأول وزير لها ومن ثم تدرجه في المناصب القيادية حتى توليه للحكم. الصور التاريخية أثارت شجون زوار المعرض ممن عاصروا عهد الملك فهد -رحمه الله- حيث أكد عددٌ منهم أن الصور أعادتهم للماضي الجميل وتذكروا من خلالها وقفات ومنجزات الملك الراحل.
وكان عهد الملك فهد قد شهد تحقيق منجزات متميزة في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية توجت بتطور كبير في المجتمع انعكس على الارتقاء بمستوى المعيشة ونوعية الحياة في ظل استتباب الأمن وتكريس الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ، وإلى جانب رعايته -رحمه الله- لخطط التنمية الشاملة وإنشاء البنية الصناعية في المملكة والإنجازات الحضارية ، فقد حدثت في عهده أضخم توسعة تاريخية للحرمين الشريفين.
وتميز عهد الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بصدور النظام الأساسي للحكم ، ونظام مجلس الشورى ، ونظام المناطق في السابع والعشرين من شهر رجب عام 1412ه الموافق الواحد والثلاثين من شهر يناير عام 1992م. وقد صيغت هذه الأنظمة الثلاثة على هدي من الشريعة الإسلامية معبرة عن مبادئ الدولة السعودية وتقاليد مجتمعها وأعرافه.
ويعد إصدار هذه الأنظمة الثلاثة توثيقًا لمنهج قائم ، وصياغةً لأمر واقع معمول به وفق مبادئ الشريعة الإسلامية التي قامت عليها الدولة السعودية منذ نشأتها المبكرة، قبل ما يربو على قرنين ونصف القرن ، وهي استمرار للمنهج الواضح الذي نهضت عليه الدولة.
كما وصلت المملكة نتيجة لسياسته ورعايته إلى مركز مرموق في الساحة العربية والإسلامية والدولية واتسمت السياسة الخارجية السعودية في عهده بالفاعلية والواقعية وإيجاد الحلول المناسبة لأهم القضايا العربية والإسلامية.
واتسم منهجه رحمه الله في الحكم بتعزيز أواصر العلاقة بين الحاكم والمحكوم التي تقوم على الأخوة والتناصح والتعاون ، وتجلى اهتمامه بالإنسان ، وبآرائه السياسية ، ومواقفه تجاه القضايا العربية والإسلامية والعالمية.
ولد الملك فهد بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود بمدينة الرياض عام 1340ه / 1921م ، وتلقى تعليمه الأولي على يد عددٍ من العلماء بمتابعة مباشرة من والده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الذي أولى تربية أبنائه وتنشئتهم جل عنايته على الرغم من كثرة مشاغله السياسية والإدارية. وعُرف عن الملك فهد بن عبدالعزيز حبه للاطلاع والمعرفة منذ صغره، كما عُرف عنه تحمله للمسؤوليات منذ سنوات مبكرة من عمره.
وكلف الملك عبدالعزيز ابنه الأمير فهد بالعديد من الأعمال السياسية والإدارية ، وذلك من خلال إشراكه في مهمات ووفود رسمية للمملكة العربية السعودية ؛ بل كلفه برئاسة بعضها واستمر تكليفه في عهد إخوانه الملك سعود والملك فيصل والملك خالد - رحمهم الله - بكثير من الأعمال الدبلوماسية والمشاركات السياسية والمناصب الحكومية. وقد أكسبه ذلك خبرة وتوفيقًا في اتخاذ القرار السديد والحكيم في الشؤون الداخلية والخارجية.
وأول منصب تولى مسؤولياته الملك فهد بن عبدالعزيز، هو وزارة المعارف حيث أصدر الملك سعود بن عبدالعزيز أمره الملكي بتعيينه أول وزير للمعارف في 18/ 4 /1373ه ، وذلك عندما استحدثت وزارة المعارف وأسهم الملك فهد في بناء النهضة التعليمية وإرساء معالمها الأساسية التي امتدت لترتقي بنواحي التعليم في أنحاء المملكة العربية السعودية واستمر وزيرًا للمعارف حتى 3 / 7 /1380ه، ثم عُين -حفظه الله- وزيرًا للداخلية في عام 1382ه /1962م ثم نائباً لرئيس مجلس الوزراء عام 1387ه / 1967م ، بالإضافة إلى منصبه وزيرًا للداخلية. كما كلف برئاسة اللجنة العليا لسياسة التعليم عام 1385ه / 1965م.
وعندما بويع الملك خالد بن عبدالعزيز بالحكم في عام 1395ه / 1975م أصبح الملك فهد بن عبدالعزيز وليًا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء. وكلف برئاسة مجلس إدارة الخدمة المدنية عام 1397ه / 1977م.
بويع الملك فهد ملكًا للمملكة العربية السعودية عقب وفاة الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله في 21 / 8 /1402ه الموافق 13 / 06/ 1982م.
وفي 24 / 2 /1407ه الموافق 27 /10 /1986م أعلن الملك فهد بن عبدالعزيز استبدال لقب صاحب الجلالة ليكون اللقب الرسمي: خادم الحرمين الشريفين.
وكان للملك فهد مجلس أسبوعي يستقبل فيه عموم جمهور المواطنين، حيث يطلع الملك من خلاله على أحوالهم ، ويتلمس احتياجاتهم، ولولي العهد مجلس مماثل لهذا أيضًا. كما يخصص خادم الحرمين الشريفين يومًا آخر لمقابلة العلماء والمسؤولين ، والنظر فيما يُستجد من أحداث تتعلق بمهامهم ، وما له علاقة بأمور المسلمين عامة، وذلك مبدأ درج عليه الملك عبدالعزيز، وسار عليه أبناؤه من بعده.
وكان الملك فهد يحرص على مشاركة شعبه في المناسبات والاحتفالات العامة، ورعاية وافتتاح المشاريع التنموية التي تعود على الوطن والمواطن بالنفع والفائدة، كما يشارك أيضًا في رعاية الأنظمة الرياضية والثقافية والاجتماعية، ودعم كل تلك الفعاليات من خلال رصد الجوائز وتقديم الحوافز للمتميزين فيها، مثل: جائزة الدولة التقديرية، وجائزة الملك فيصل العالمية، والمهرجان الوطني للتراث والثقافة ( الجنادرية ).
وشهد عهد الملك فهد نهضة حضارية شاملة في جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية تمثل امتدادًا للنهضة الحضارية التي شهدتها المملكة العربية السعودية منذ بداية التخطيط التنموي في عام 1390 / 1391ه ، (1970م) والتي استطاعت تحقيق أهداف كثيرة من أبرزها رفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة للمواطنين ، وتنويع القاعدة الاقتصادية، وتخفيض الاعتماد على إنتاج النفط الخام وتصديره كمصدر رئيسي للدخل الوطني ، وتنمية الصادرات غير النفطية ، والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وتنمية الموارد البشرية وتعزيز دور القطاع الخاص، وتحقيق التنمية المتوازنة، واستكمال تنمية التجهيزات الأساسية.