قبل بزوغ شمس هذا اليوم، تحركت مجموعة صغيرة من طائرات الأباتشي مسلحة بصواريخ "هيل فاير" (نيران الجحيم) وبمدافع رشاشة من طراز "30 ملم" يمكنها إطلاق 1200 قذيفة في الدقيقة، لصد قافلة للمتمردين الحوثيين كانت متوجهة للحدود الجنوبية للسعودية، وبدعم من طائرات "التورنيدو" و ال"F15" و الإنذار المبكر "الأواكس" التي كانت تحلق على علو شاهق، تم تدميرها في دقائق، غير أن كل هذا الحدث لم يكن سوى جزء بسيط من عملية عسكرية جوية واسعة أطلق عليها "عاصفة الحزم" لدعم الشرعية في اليمن، وطرد إيران من الجزيرة العربية. تدخل السعودية وحلفائها الخليجيين والعرب، وبدعم من باكستان، فاجأ العالم وأفرح السعوديين، غير أنها كانت صاعقة للمتمردين الحوثيين، ويظهر ذلك جلياً في تعابير وأسلوب زعيمهم عبدالملك الحوثي خلال كلمته المتلفزة الليلة، خاصة بعد أن حققت الضربات الجوية التي بدأت مساء أمس معظم أهدافها في أول 15 دقيقة من الحملة، حسبما أكدت مصادر مطلعة.
الحلم السعودي ينفد تؤكد التقارير أن الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع، كان قد حذر أحمد علي صالح، نجل الرئيس اليمني السابق، من التقدم إلى عدن، غير أن المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي صالح لم تأخذ التحذير على محمل الجد، لعلمها بأن السعودية تحبذ دائماً اللجوء للدبلوماسية، ولتجاربها الكثيرة مع "حلم" القيادة السعودية وسعة صبرها.
وبعد دقائق قليلة من مرور منتصف مساء أمس، أعطى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – أوامره ببدء الضربات الجوية، فغادرت المطارات العسكرية أسراب جوية مكونة من 185 طائرة، منها 100 طائرة سعودية، وتمكنت خلال أول 15 دقيقة من تدمير جميع المواقع التي قد تشكل خطراً على السعودية أو قوات التحالف، كمدرجات المطارات التي يسيطر عليها الحوثي ومخازن الأسلحة والصواريخ البالستية الأرض – أرض، وكذلك الأرض – جو من طراز "سام".
حرب إلكترونية تسبق العمليات العملية العسكرية التي تقودها المملكة بدأت فعلياً قبل ساعات من إسقاط طائرات ال"F15" السعودية لأولى قنابلها الموجهة بالليزر على مواقع الحوثيين، حيث شنت " إدارة الحرب الإلكترونية" التابعة للقوات البرية الملكية السعودية حملة إلكترونية لإرباك قدرات القيادة والسيطرة والتحكم وأنظمة توجيه الأسلحة لدى المتمردين والقوات التي تدعمهم، فسهلوا بذلك مهمة زملائهم في القوات الجوية.
وكانت السعودية قد أنشأت إدارة الحرب الإلكترونية في العام 1408، وفي بدايات العام الماضي، دشنت رئاسة الأركان العامة غرفة عمليات خاصة لإدارة "الحرب الإلكترونية"، وعملت تلك "الغرفة" بكل فعالية في مناورات "سيف عبدالله" التي شاركت فيها كافة القطاعات العسكرية بوزارة الدفاع وعناصر من وزارة الحرس الوطني ووزارة الداخلية.
ضرب التمدد الصفوي كررت المملكة على لسان مسؤولين اليوم، أن العمليات الجوية مستمرة حتى تحقق كل أهدافها، ولم يتم استبعاد التدخل البري، خاصة إذا كرر المتمردون الحوثيون محاولاتهم للاقتراب من "الحد الجنوبي" للسعودية.
وتحمل عملية "عاصفة الحزم" العديد من الدلالات المهمة والمصيرية، فإضافة إلى تأكيد العزم العربي بإعادة الشرعية والوقوف إلى جانب الحق في اليمن، فإن ذلك يشير أيضاً إلى أن قرار وقف التمدد الصفوي بالقوة قد اتخذ بالفعل في الرياض وعواصم الدول الشقيقة والصديقة، خاصة وأن الحملة العسكرية قد تزامنت مع موافقة وزراء الخارجية العرب في اجتماعاتهم التي عقدت اليوم بشرم الشيخ على إنشاء قوة عسكرية لمواجهة التهديدات الأمنية التي تتعرض لها الدول العربية.