شكا مقيمو دار المسنين بالجوف من أنهم وبعد أن قضّوا سنوات شبابهم بين البراري والقفار ثم داهمت الحضارة مواقعهم؛ انفضّ الناس إليها فوجدوا أنفسهم وقد فاتهم قطار الزواج وأصبحوا يعيشون بلا عائل ولا خلف. وقام فرع وزارة الشؤون الاجتماعية بالجوف برعاية هؤلاء المسنين وتوفير ما يحتاجون.
وزارت "سبق"، صباح أمس الأربعاء، دار المسنين "قسم الرجال" بمدنية سكاكا، وكان في الاستقبال مدير دار الرعاية الاجتماعية بمنطقة الجوف محمد بستان العنزي.
ورصدت "سبق" الجهود المقدمة من وزارة الشؤون الاجتماعية، وتقدم دار المسنين بالجوف، الرعاية ل 18 مسناً أصغرهم في السبعين من عمره وأكبرهم بلغ 102 عاماً، وأمضى عدد منهم سنوات طويلة في هذا المكان حيث دخل بعضهم منذ 39 عاماً.
ويتلقى نزلاء الدار الخدمات التي تشمل: الرعاية والمتابعة الطبية، وجلسات العلاج طبيعي، مضاجع للنوم غرفة لكل مسن، نظافة مستمرة، توفير ملابس شتوية وصيفية، حلاق داخل الدار مخصص فيه لكل مسن أدواته الخاصة، مجلس عام يجمعهم مع موظفي الدار، وحديقة، ومطعم بطهاة محترفون، وصالة طعام مستقلة وأجهزة مرئية تلفزيونات وتنظم لهم رحلات خارجية مستمرة في المناسبات المختلفة عبر حافلات مكيفة ومجهزة فضلاَ عن 90 كاميرا مراقبة ترصد تحركاتهم وتساعد في توفير أقصى درجات الراحة لهم.
ويقول أحد سكان الدار وقد بلغ من العمر 82 عاماً ل "سبق ": "أمضيت سنين عمري أرعى الإبل في الصحراء وكنت أعيش على حليب النوق وبمرور السنين الطويلة وجدت نفسي وقد فاتني قطار الزواج كما لم أتمكن من الحج أو العمرة واستطعت أن أجمع خلال تلك السنين 60 رأساً من الإبل، بعضها مات وبعضها راح بغير رجعة ولم يتبق من عرق السنين الماضية سوى ثوبي الذي ألبسه".
وأضاف: "الإبل والأغنام كائن يموت والثروة الحقيقة هي الأرض التي تشمل المسكن، وأنا في هذا المكان أعيش بين أشخاص أعدّهم أبنائي وسأتمكن بإذن الله ثم بجهودهم من أداء الحج".
وقال نزيل آخر مضى على وجوده في الدار 15 عاماً: "تمكنت من الذهاب للعمرة وأمارس حياتي الطبيعة بين أشخاص أعتبرهم أبنائي".
وطالب أحد النزلاء إدارة الدار بأن توفر له جهاز جوال حديث رغم أنه يملك بالفعل جهازاً، فما كان من الإدارة إلا أن حرصت على الاستجابة لهذا الطلب.
وعلى الرغم من أن أنظمة وزارة الشؤون الاجتماعية تمنع بشكل صريح أن يكون من بين قاطني الدار من يعانون من مرض نفسي، إلا أن دار المسنين بالجوف تحتضن عدداً من المرضى النفسيين.
ويشكل أحد هؤلاء خطراً على حياته وحياة أقرانه ما يستدعي التعامل معه من خلال موظفين غير مؤهلين لهذا الأمر، في ظل عدم توافر المبنى الذي يناسب احتواء هذه الحالات.
ويتكون مبنى دار المسنين "قسم الرجال" في الجوف وهو مبنى حكومي قديم التصميم من عدة أقسام عبارة عن مضاجع للنوم وغرف الاستحمام والعلاج الطبيعي في مبنى مستقل، وقسم الطعام والمطبخ والمجلس في مبنى آخر يفصل بينهما فناء.
ويعاني المسنون من البرودة والحرّ وصعوبة التنقل لا سيما في أيام الشتاء، ويطالبون وزارة الشؤون الاجتماعية بإعادة النظر في هذا الأمر.
وتؤكد وزارة الشؤون الاجتماعية، من خلال موقعها، أن من أهم شروط القبول في تلك الدور عدم وجود أقارب يمكن أن يعتنوا بالراغبين في الانضمام للدار، مشيرة إلى الحرص على توفير مناخ الهدوء والسكينة لكافة النزلاء.
وقالت الوزارة: "برامج رعاية المسنين وتأمين سبل الحياة الكريمة لهم بدأت منذ عهد الملك عبدالعزيز الذي أنشأ هذه الدور وصرف المخصصات لها".